|
||||||||
التغيير
الاجتماعي |
||||||||
الفصل
الثامن التغيير
الاجتماعي يعتبر
التغيير
الاجتماعي
من المواضيع
المهمة
والمشوقة
التي يهتم
بدراستها
علماء
الاجتماع
عادة، فقد
اهتم علم
الاجتماع
الوضعي
بدراسة
التغيير
الاجتماعي
في النصف
الأول من
القرن
التاسع عشر
عندما قام
أوجست كونت
واتباعه
بتفسير
أسباب
ونتائج
التغيير
الاجتماعي
في ضوء أحداث
الثورة
الفرنسية
والثورة
الصناعية
التي وقعت في
إنجلترا قبل
أي مجتمع آخر.
وحاول علماء
الاجتماع
الوضعي خلال
هذه الفترة
من الزمن
إيجاد نظرية
خاصة
بالتغيير
الاجتماعي
تستطيع شرح
قوانين حركة
المجتمعات.
وحاولت
الماركسية
تفسير ظاهرة
التغيير
الاجتماعي
في ضوء
تفسيرها
المادي
للظواهر
الاجتماعية
وقالت أن
تغيير
القاعدة
التحتية
للمجتمع
المؤلفة من
قوى الإنتاج
وعلاقات
الإنتاج
كفيل بأحداث
التغيير
الفوقي
للمجتمع.
وحاول هربرت
سبنسر في
النصف
الثاني من
القرن
التاسع عشر
تفسير ظاهرة
التغيير
الاجتماعي
وهو يعتقد
بأن المجتمع
يتطور
ويتحول من
مجتمع بسيط
بتركيبه
ووظائفه إلى
مجتمع معقد
ومشعب,
ويعتمد
سبنسر في
تفسيراته
هذه على آراء
تشارلز
دارون التي
عبر عنها في
كتابه
الشهير (أصل
الأنواع)
الذي صدر عام
1859. وحاول ماكس
فيبر تفسير
ظاهرة
التغيير
الاجتماعي
من خلال
دراسته لأصل
الرأسمالية.
وفي الوقت
الحاضر
يعتبر علماء
الاجتماع
الوضعي
التغيير
الاجتماعي
حالة طبيعية
من الحالات
التي يمر بها
المجتمع[1]. وقد
اهتم القرآن
الكريم
اهتماما
بالغا
بمسألة
التغيير
الاجتماعي
لسبب بسيط
وهو أن
القرآن بحد
ذاته كتاب
تغيير من أجل
(إخراج)
الناس من
الظلمات إلى
النور. فقد
نزل القرآن
على صدر
الرسول (ص)
على مكث من
أجل تغيير
الناس الذي
عاصروا
نزوله
وإخراج
الأمة
الإسلامية
من رحم
المجتمع
العربي
الجاهلي
الذي كان
قائما
آنذاك، بل
نحن نعتقد أن
غاية مذهب
الاجتماع
القرآني هي
إحداث
الحركة
والتغيير في
المجتمع
الإنساني،
فهو مذهب
تغيير، وليس
مجرد معرفة
أكاديمية. وقد
كانت عملية
التغيير
التي قام بها
القران
الكريم
تحتوي على
جانبين: جانب
المحتوى
والمضمون
وهو عبارة عن
الجانب
النظري الذي
تدعو إليه
العملية
التغييرية
من أحكام
ومناهج
وتشريعات،
وهذا الجانب
رباني،
يتمثل في
شريعة الله
سبحانه
وتعالى التي
أنزلها على
رسوله. أما
الجانب
الثاني من
هذه
العملية،
وهو الجانب
البشري،
فكان يتجسد
في ممارسات
النبي
بتوجيه
القران في
مجال
العملية
التغييرية
بوصفها
عملية
اجتماعية
إنسانية. وقد
كان القران،
في الوقت
الذي يطرح
فيه المضمون
الرباني
للعملية
التغييرية،
يتابع
الجانب
البشري منها,
ويلاحقه
بالتوجيه،
والتسديد،
والملاحظة،
والكشف عن
القوانين
وتشخيص
الأخطاء من
أجل أن تواصل
العملية
التغييرية
طريقها حتى
تحقيق هدفها
المحدد:
إخراج الأمة
الإسلامية
الجديدة إلى
حيز التنفيذ[2]. ومن
خلال هذه
المتابعة
والملاحقة
تبلورت
النظرية
القرآنية في
التغيير
الاجتماعي،
والتي تختلف
اختلافا
جوهريا عن
التطورات
البشرية
الوضعية حول
هذه الظاهرة
الاجتماعية
الخطيرة. وتستند
النظرية
القرآنية
إلى قوله
تعالى(إن
الله لا يغير
ما بقوم حتى
يغيروا ما
بأنفسهم) (الرعد:11),
وقوله تعالى:
(ذلك بان
الله لم يكن
مغيرا نعمة
أنعمها على
قوم حتى
يغروا ما
بأنفسهم)
(الأنفال/53). وبناء
على هاتين
الآيتين
الكريمتين
يتضح أن وجهة
النظر
القرآنية
حول مسألة
التغيير
الاجتماعي
تتلخص في أن
العامل
الرئيسي في
العملية
التغييرية
هو الإنسان
نفسه, ذلك
لأن المظاهر
المدركة
والمنظورة
للحياة
الإنسانية
ليست من صنع
كائن خارج عن
الإنسان
وإنما هي من
صنع الإنسان
نفسه، فهو
الذي يسبغ
على حياته
مظاهرها،
ولذلك
يطبعها
بطابعه
الخير أو
الشرير
ويفرغها في
الصيغة
الملائمة
لمصالحه أو
الموافقة
لأهوائه[3]. ويلعب
الإنسان هذا
الدور
الرئيسي في
العملية
التغييرية
من خلال
محتواه
الداخلي،
الذي هو
القاعدة
الأساسية
للبناء
الاجتماعي،
كما تقدم في
فصل سابق من
هذه
الدراسة،
وإذن،فالمحتوى
الداخلي
للإنسان
والمجتمع هو
الأساس في
التغيير
الاجتماعي.
والعلاقة
بين المحتوى
الداخلي
وبين البنى
الفوقية
للمجتمع هي
علاقة تبعية[4].
بل إن آية
سورة
الأنفال
واضحة
الدلالة على
أن الجانب
الاقتصادي
للمجتمع
يتأثر تأثرا
مباشرا
بالمحتوى
الداخلي
وليس العكس
كما ترى
الماركسية. وإذن،
فإن الإسلام
يرى انه من
الضروري
لإصلاح
الحياة
الإنسانية،
وتهذيبها أن
يتناول
الإصلاح
الإنسان
نفسه, وأن
يعاد تكوينه
من الداخل
على نحو
يجعله
متجاوبا
ومنسجما مع
فطرته ومع
أهدافه
العليا. كما
أنه من
الضروري
إصلاح
مؤسسات
الحياة التي
يمارس
الإنسان
حياته في
أطرها وأن
يطور هذه
المؤسسات
نحو الأفضل[5]. والقران
يعلمنا بأن
هاتين
العمليتين
يجب أن تسيرا
جنبا إلى جنب:
عملية صنع
الإنسان ذي
المحتوى
الداخلي
الجديد
وعملية بناء
المؤسسات
العلوية
للمجتمع
بالشكل الذي
ينسجم مع
المحتوى
الداخلي
للإنسان
الجديد. ويسمى
الإسلام
عملية بناء
المحتوى
الداخلي إذا
اتجهت
اتجاها
صالحا
بالجهاد
الأكبر،
ويسمى عملية
بناء
المحتوى
الخارجي
بالجهاد
الأصغر،
وربط الجهاد
الأصغر
بالجهاد
الأكبر
معتبرا أن
الجهاد
الأصغر إذا
فصل عن
الجهاد
الأكبر فقد
محتواه
ومضمونه[6]. ونلاحظ
أن القران
الكريم
يستند في
نظريته
التغييرية
على مبدأ
أصالة
الفطرة
الإنسانية
الذي مرت
الإشارة
إليه في
ثنايا هذه
الدراسة
فبمقتضى هذا
المبدأ يرى
القران أن في
باطن كل
إنسان – حتى
الممسوخين
كفرعون ـ
إنسانا
فطريا قد كبل
بالقيود
ولهذا يرى
المذهب
الاجتماعي
القراني
إمكانية
الحركة
باتجاه الحق
والحقيقة
ولو بوجه
ضعيف في جميع
أفراد
الإنسان. ولذا،
فإن
الأنبياء
مكلفون بأن
يقوموا في
أول الأمر
ببذل النصح
والموعظة
للظالمين،
لعلهم
يتمكنون من
تحرير
الإنسان
الفطري
المكبل
بالقيود في
باطنهم،
ويثيروا
شخصيتهم
الفطرية
الكامنة ضد
ممارساتهم
الظالمة
والظاهرة،
ونجد أن هذا
التوفيق قد
حصل كثيرا،
ويدعى
بالتوبة،
وقد أمر موسى
(ع) في أول
مرحلة من
رسالته أن
يذهب إلى
فرعون ويقوم
بتذكيره
وإيقاظ
فطرته، فإن
لم تجد
الموعظة
يحاربه
آنذاك. فمن
وجهة نظر
موسى (ع) أن
فرعون قد قيد
وأسر إنسانه
الفطري في
داخله, كما
أسر أناسا من
رعاياه في
الخارج, فهو
إذن يبدأ
بإثارة
الأسير
الداخلي ضد
فرعون، وهذا
هو ما يشير
إليه القران
الكريم
بقوله: (إذهب
إلى فرعون
انه طغى * فقل:
هل لك إلى أن
تزكى *
وأهديك إلى
ربك فتخشى) (النازعات:17
ـ 19). فالقران
يقدر ويعظم
الهداية
والإرشاد
والتذكير
والوعظ
والبرهان
والاستدلال
المنطقي (الذي
يعبر عنه
بالحكمة),
ومن وجهة نظر
القران أن
هذه الأمور
يمكن أن تغير
الإنسان
ومجرى حياته,
وتبدل
شخصيته
وتحقق في
باطنه ثورة
معنوية
والقران يرى
للإيديولوجية
والفكر دورا
غير محدود،
خلافا
للماركسية
والمادية[7]. اهتم
القران
الكريم
بموقف(المترفين)
من عملية
التغيير
الاجتماعي
باتجاه
تطبيق شريعة
الله، وقد
ورد ذكر هذه
الطبقة
الاجتماعية
ما لا يقل عن
ثمانية
مواضع على
الأقل. ومن
أجل أن نعرف
المقصود
القرآني
لكلمة (المترفين)،
نقرأ أن
الترف في
اللغة
العربية كما
في القاموس
المحيط يعني:
التنعم،
وأترفته
النعمة: أي
أطغته، وترف
فلان: أصر
على البغي،
والمترف:
المتروك
يصنع ما يشاء
لا يمنع،
والمتنعم لا
يمنع من
تنعمه،
والجبار. وإذن،
فالمترف هو
من أطغته
النعمة
وأبطرته،
والمترف هو
الجبار الذي
يصنع ما يشاء
ويفعل ما
يريد، مصرا
على أن البغي
لا يحول عنه
ولا يزول ولا
يعرف لله حقا
في ماله، ولا
للسائل
والمحروم
نصيبا في
ملكه. وبملاحظة
النصوص
القرآنية
حول الطبقة
المترفة نجد
ما يلي: (المترفون)
فئة غاشمة
ظالمة، قد
تعترف هي
بظلمها وتحس
به, ولكن بعد
فوات
الأوان،بعد
أن تستنفذ
طاقاتها
الشريرة
كلها، حيث لا
يبقى إلا غضب
الله المؤكد
الوقوع. قال
تعالى: (..فلما
أحسوا بأسنا
إذا هم منها
يركضون * لا
تركضوا،
وارجعوا إلى
ما أترفتم
فيه
ومساكنكم
لعلكم
تسألون *
قالوا: يا
ويلنا إنا
كنا ظالمين) (الأنبياء/12
ـ 14). (والمترفون)
مدموغون (بالإجرام)
إضافة إلى
كونهم
ظالمين. قال
تعالى: (واتبع
الذين
ظلموا
ما أترفوا
فيه، وكانوا
مجرمين) (هود:116). (والترف)
ملازم للكفر
ونكران
اليوم الآخر,
كما أن
المترفين
قوم طعانون
بالأنبياء
مشككون فيهم
منذ عهد هود –
على الأقل ـ
قال تعالى
ـ (وقال
الملأ من
قومه الذين
كفروا
وكذبوا
بلقاء
الآخرة
وأترفناهم
في الحياة
الدنيا: ما
هذا إلا بشر
مثلكم يأكل
مما تأكلون
منه ويشرب
مما تشربون *
ولئن أطعتم
بشرا
مثلكم،إنكم
إذا لخاسرون)
(المؤمنون/33
ـ 34). (والمترفون)
قوم مصرون
على
الضلالة،
موسومون
بالحنث
العظيم (الشرك)
وبالمكابرة
والعناد في
الباطل.قال
تعالى (وأصحاب
الشمال ما
أصحاب
الشمال *
في سموم
وحميم * وظل
من يحموم * لا
بارد ولا
كريم * إنهم
كانوا قبل
ذلك مترفين *
وكانوا
يصرون على
الحنث
العظيم)(الواقعة:46
ـ 41). فالإصرار
على الشرك
قرين الترف,
والترف
بدوره(وسام)
يحمله
المترفون
على صدورهم,
وقد نقش عليه
هذا الثالوث
الفظيع:(سموم
ـ حميم ـ
يحموم). (والمترفون)
هم طلائع
المعوقين
لكل رسالة
إصلاحية،
وهم أول
المتصدين
لرسل الله
وأنبيائه،
هم رأس
الحربة
المسموم
الذي يتلقاه
ـ أول ما
يتلقاه في
أمته ـ صدر
الرسول
المنذر، أو
المصلح
المرشد على
مر الدهور.
قال تعالى:
(وما أرسلنا
في قرية من
نذير إلا قال
مترفوها: إنا
بما أرسلتم
به كافرون) (سبأ/34). وقال
تعالى: (
وكذلك ما
أرسلنا من
قبلك في قرية
من نذير إلا
قال مترفوها:
إنا وجدنا
آباءنا على
أمة وإنا على
آثارهم
مقتدون) (الزخرف/23). (والمترفون)
طغمة جهولة،
غبية،
مستعلية،
متغطرسة،
تظن أن قوة (المال
والرجال)
التي مكنتها
من الظلم
والتحكم
والإستعلاء
في الدنيا،
تنجيها من
العذاب
الأكبر
المحقق في
الآخرة. قال
تعالى: (...وقالوا
نحن أكثر
أموالاً
وأولاداً
وما نحن
بمعذبين) (سبأ:
35). (والمترفون)
ـ برغم ذلك
كله ـ رعاديد
خوارون،
جبناء
جزعون، لا
يثبتون
للمحنة
والعذاب،
وسرعان ما
يتساقطون
متمرغين
مستغيثين.
ولكن هيهات
هيهات ما
يطلبون. قال
تعالى (حتى
إذا أخذنا
مترفيهم
بالعذاب إذا
هم يجأرون *
لا تجأروا
اليوم إنكم
منا لا
تنصرون *
قد كانت
آياتي تتلى
عليكم فكنتم
على أعقابكم
تنكصون) (المؤمنون/65
ـ 63). وقال
تعالى: (...فلما
أحسوا بأسنا
إذا هم منها
يركضون *
لا تركضوا
وارجعوا إلى
ما أترفتم فيه
ومساكنكم
لعلكم
تسألون) (الأنبياء/12
ـ13). (والمترفون)
هم سبب كل
بلاء عظيم
يحل في أمة
من الأمم، بل
هم عندما
يتعاظم
عددهم،
ويتفاقم
شرهم، ولا
يوجد في
الأمة
مصلحون
يردعونهم،
هم آنئذ عامل
الفناء
الرهيب،
يفني الشعب
الذي
يحتويهم،
والأمة التي
لا تأخذ على
أيديهم. قال
تعالى (واتبع
الذي ظلموا
ما أترفوا
فيه وكانوا
مجرمين *
وما كان ربك
ليهلك القرى
بظلم وأهلها
مصلحون) (هود:
117ـ116). (والمترفون)
ليسوا سبب
البلاء
وعامل
الفناء في
الأمة وحسب،
بل هم الأداة
أيضا في ذلك
الفناء. إن
حكمة الله عز
وجل اقتضت أن
يختار للشر ـ
عندما يوقعه
بقضائه
وقدره ـ أهله,
وأن يختار
للخير أهله.
وفي الحالين
يجري القضاء
والقدر على
أيدي الذين
اختارهم لله
لذلك. وإن
حكمة الله
هذه هي نفسها
التي اتخذت
المترفين(أداة)
للشر، (أداة)
لهلاك القرى,
ولتدمير
الديار بما
فيها ومن
فيها من
صالحين
ومفسدين.
المفسدون
بفسادهم،
والصالحون
بسكوتهم على
ذلك الفساد.
قال تعالى: (وإذا
أردنا أن
نهلك قرية
أمرنا
مترفيها،
ففسقوا
فيها، فحق
عليها القول،
فدمرناها
تدميرا) (الإسراء:16)[8]. والذي
يستفاد من
الآيات
السابقة أن
الموقف
الطبيعي
للمترفين من
حركة
التغيير
النبوية هو:
معارضتها
والوقوف
ضدها، ذلك أن
المترفين
ترتبط
مصالحهم
وكيانهم
ووجودهم
الاجتماعي
ارتباطا
عضويا
بالوضع
الاجتماعي
القائم الذي
يأتي النبي
لتغييره.
وتغيير هذا
الوضع يعني
ضرب مصالح
المترفين
والقضاء على
طريقتهم في
الحياة[9]. إن
الشرط
الأساسي
لنهضة الأمة
ـ أي أمة
كانت ـ أن
يتوفر لديها
(المبدأ)
الصالح الذي
يحدد لها
أهدافها
وغاياتها
ويضع لها
مثلها
العليا,
ويرسم
اتجاهها في
الحياة ’
فتسير في
ضوئه واثقة
من رسالتها
مطمئنة إلى
طريقها
متطلعة إلى
ما تستهدفه
من مثل،
وغايات
مستوحية من
المبدأ
وجودها
الفكري،
وكيانها
الروحي. ونحن
نعني بتوفر
المبدأ
الصالح في
الأمة وجود
المبدأ
الصحيح (أولا)
وفهم الأمة
له (ثانيا)
وإيمانها به
(ثالثا) فإذا
استجمعت
الأمة هذه
العناصر
الثلاثة
فكان لديها
مبدأ صحيح
تفهمه،
وتؤمن به،
أصبح
بإمكانها أن
تحقق لنفسها
نهضة حقيقة،
وأن توجد
التغيير
الشامل
الكامل في
حياتها على
أساس ذلك
المبدأ فما
كان الله
ليغير ما
بقوم حتى
يغيروا ما
بأنفسهم كما
دل على ذلك
التنزيل
الحكيم. وأمتنا
الإسلامية
الكريمة لا
تفقد في
الحقيقة من
عناصر الشرط
الأساسي
لنهضتها
البناءة إلا
واحدا منها
فالمبدأ
موجود لديها
متمثل في
دينها
الإسلامي
العظيم الذي
لا يزال،
وسيبقى أبد
الدهر أقوى
ما يكون على
تحمل أعباء
القيادة
المبدئية
وتوجيه
الأمة
وجهتها
المثلى,
والارتفاع
بها من
نكستها إلى
مركزها
الوسطى من
أمم الأرض
جميعا كما
شاء الله
لها، والأمة
الإسلامية
كلها مجمعة
على الإيمان
بهذا
المبدأ،وتقديسه
دينا
وعقيدة، غير
أن هذا
الإيمان
ضعيف في
الغالب،
ومحدود لدى
كثير من
الأشخاص
وأكبر سبب في
ذلك عدم
امتلاك
الأمة بصورة
عامة
وغالبية،
العنصر
الثالث وهو
فهم المبدأ،
فالأمة تؤمن
بالمبدأ
الإسلامي
إيمانا
إجماعيا
ولكنها لا
تفهمه فهماً
إجماعيا
وهذا هو
التناقض
الذي قد يبدو
غريبا لأول
وهلة فكيف
تؤمن الأمة
بالمبدأ
وتدين له
بالولاء وهي
لا تفهمه حق
الفهم ولا
تعرف من
مفاهيمه
وأحكامه
وحقائقه إلا
نزرا يسيرا
ولكن هذا هو
الواقع الذي
تعيشه الأمة
منذ منيت
بالمؤامرات
الدنيئة
المستترة
تارة
والسافرة
أخرى من
أبناء
الصليبيين
المستعمرين
أعداء
الإسلام
التاريخيين.
تلك
المؤامرات
الهائلة
التي شنوها
على الأمة
وكيانها حتى
انتهت
بالغزو
الاستعماري
المسلح فلم
يكن للغزاة
من هم بعد
القضاء على
كيان
الإسلام
الدولي إلا
أن يباعدوا
بين الأمة
ومبدئها.
وقامت عملية
الفصل هذه
بين الأمة
والمبدأ على
قدم وساق وهي
تعني سلب
الأمة
إيمانها
بالمبدأ
وفهمها له
ولكن لما كان
إيمان الأمة
بالإسلام
أقوى من تلك
المؤامرات
والمخططات
الاستعمارية
جميعا
استطاع أن
يثبت وينتصر
في المعركة
فظلت محتفظة
بإيمانها
بإسلامها
العظيم, وأما
فهم الأمة
للمبدأ
ومفاهيمه
وحقائقه فقد
كان هو نقطة
الضعف التي
نجحت فيها
عملة الفصل
بين الأمة
والمبدأ،
فقد استعمل
الغزاة
الآثمون كل
الطرق
والأساليب
للقضاء على
وعي الإسلام
من ذهنية
الأمة وحجب
أضوائه
وأنواره
عنها بما
نثروه هنا
وهناك من
مفاهيمهم
وأفكارهم
وتشويهاتهم
للإسلام
المشرق
العظيم..
وهكذا أصبحت
الأمة بعد أن
نفذ أعداؤها
فيها مخططهم
الفظيع وهو
لا تعرف من
الإسلام
شيئا واضحا
محددا أو
تعرف ما زوده
المستعمرون
من أفكاره
وحقائقه،
وبهذه
الطريقة وجد
التناقض
العجيب في
كيانها
فأصبحت لا
تفهم
الإسلام
فهما صحيحا
كاملا
بالرغم من
أنها ظلت
باقية على
إيمانها به،
وبطبيعة
الحال إن
انخفاض
الوعي وحجب
الصور
الحقيقية
الزاهية
للإسلام عن
الأنظار كان
سببا في
انخفاض
الدرجة
المعنوية
للإيمان
نفسه
وفقدانه
لكثير من
طاقاته
الحرارية
الجبارة،
فمسألة
الأمة اليوم
ـ وهي تمتلك
المبدأ
الصحيح
وتؤمن به ـ
أن تقبل على
تفهم
إسلامها
ووعي حقائقه
واستجلاء
كنوزه
الخالدة
ليملأ
الإسلام
كيان الأمة
وأفكارها،ويكون
محركا
حقيقيا لها،
وقائدا
أمينا إلى
نهضة حقيقية
شاملة،
فالفهم
العام
للمبدأ
الإسلامي
إذن هو ضرورة
الأمة
بالفعل التي
تستكمل
الأمة به
الشرط
الأساسي
لنهضتها[10]. إن
عملية
التغيير
الاجتماعي
لا تتم في
فراغ، وإنما
هي تتجسد
وتتحرك من
خلال كائنات
بشرية
وعلاقات
قائمة
ومؤسسات
موجودة
وملابسات
وظروف
اجتماعية
مختلفة، ومن
هذه الناحية
تتحدد درجة
نجاح
العملية
التغييرية
وقدرتها على
تعبئة
إمكانات
المجتمع
وتفجير
الطاقات
الصالحة في
الأمة تبعا
لمدى
انسجامها
سلبا أو
إيجابا مع
التركيب
النفسي
والتاريخي
لهذا
المجتمع. ولا
نقصد بذلك أن
العملية
التغييرية
يجب أن تكرس
هذا التركيب
النفسي
والتاريخي
للمجتمع
وتحوله إلى
صيغ ثابتة،
لأن هذا لا
يمكن أن يكون
صحيحا
بالنسبة
للمجتمعات
المخضرمة
القائمة في
العالم
الإسلامي،
والتي تشكو
من أعراض
التخلف
والتمزق
والضياع,
وتعاني من
ألوان الضعف
النفسي، لأن
تجسيد هذا
الواقع
المهزوم ليس
إلا تكريسا
له
واستمرارا
في طريق
الضياع
والتبعية،
وإنما الذي
نقصده أن أية
عملية تغيير
جديدة لهذه
المجتمعات
المخضرمة ـ
إذا كانت
تستهدف وضع
أطر سليمة
للنهوض
بالأمة،
وتعبئة
طاقاتها
وتحريك
إمكاناتها
للمعركة
الحضارية
الشاملة ضد
التخلف
والاستعمار
والانحراف
عن التطبيق
الحقيقي
للإسلام
الواقعي ـ لا
بد لها أن
تأخذ في
حسبانها
مشاعر الأمة
ونفسيتها
وتركيبها
العقائدي
والتاريخي.ذلك
لأن عملية
التغيير لا
تستطيع أن
تحقق
أهدافها إلا
إذا اكتسبت
إطارا
يستطيع أن
يدمج الأمة
ضمنه حقا,
ويجعلها
تتفاعل
معها،
باعتبار أن
حركة الأمة
باتجاه
أهداف
العملية
التغييرية
شرط أساسي في
نجاح هذه
العملية
ذاتها، لأن
حركة الأمة
هي تعبير عن
نموها ونمو
إرادتها
وانطلاق
مواهبها
الذاتية. وقد
عجزت قوالب
التغيير
الجاهزة
والمستوردة
والمنحطة
ذات الأسماء
والعنوانين
المتعددة
والمختلفة،
عن ادراك هذه
الحقيقة فلم
تستطع حتى
الآن، رغم
أنها استلمت
قيادة
العديد من
المجتمعات
المخضرمة في
العالم
الإسلامي
عند مطلع هذا
القرن، أن
تحل هذه
الإشكالية
وأن تحقق
نهوضا
حقيقيا
للأمة بأي
مقياس
واعتبار. إن
العملية
التغييرية
بحاجة إلى
مركب حضاري
قادر على
تحريك الأمة
وتعبئة كل
قواها
وطاقاتها
للمعركة من
أجل النهوض
الشامل. ولن
تستطيع أية
دعوة تقديم
هذا المركب
الملائم سوى
الإسلام،
وذلك
بملاحظة
العناصر
التالية: أولاـ
إن غالبية
الناس في
المجتمعات
المخضرمة
تؤمن
بالإسلام
على درجات
متفاوتة،
وهذا
الإيمان سيف
ذو حدين:
الأول، أنه
يخلق موقفا
سلبيا لدى
الأمة تجاه
القوالب
التغييرية
المستوردة
الغربية عن
الإسلام،
أما الحد
الثاني فهو
أنه يمكن أن
يتحول إلى
عقيدة مشعة
ممتلئة
حيوية وحركة
ونشاطا،
وهكذا يمكن
تجنيد طاقات
الأمة وزجها
في العملية
التغييرية. ثانيا
ـ وضوح
التجربة
الإسلامية
والارتباط
العاطفي
بها،
باعتبار أن
المجتمعات
المخضرمة
تعتبر تلك
التجربة
التي قامت
على يد
الرسول
وخلفائه في
مجملها
تجربة رائدة
ومثلا
يحتذي،
وأنها جزء
ناصع من
تاريخها لا
يمكنها
التنكر له أو
التنصل منه. ثالثا
ـ نظافة
التجربة
وعدم
ارتباطها
بالمستعمرين
باعتبار أن
المنهج
الإسلامي هو
الرد
الحضاري
والعملي على
ظاهرة
الاستعمار
التي اجتاحت
العالم
الإسلامي،
وهو التعبير
الملموس على
أصالة الأمة
وشخصيتها
الحضارية
المستقلة
والمتميزة،
والتي لا
تحمل بصمات
أصابع
المستعمرين
الذين تركوا
ذكريات
مؤلمة في
ضمير الأمة
ووعيها في
مختلف
أقاليم
العالم
الإسلامي. رابعا
ـ امتصاص
موقف
المحافظين
وزجهم في
العملية
التغييرية
باعتبار أن
هذه الشريحة
الاجتماعية
الواسعة
أقدر على
الانسجام مع
العملية
التغييرية
القائمة على
أساس
الإسلام
وضمن إطاره،
من الانسجام
مع القوالب
التغييرية
الجاهزة،
والمستوردة
والمنفصلة
عن الإسلام. خامسا
ـ التطلع إلى
السماء
باعتبار أن
الإنسان في
مجتمعات
العالم
الإسلامي
مجبول على
الارتباط
بالغيب
والانشداد
إلى الله
والتطلع إلى
يوم
القيامة،
ومرة أخرى
يعتبر هذا
التطلع سيفا
ذا حدين، فهو
قد يكون
عاملا سلبيا
يحول دون
حركة الأمة،
إذا برز على
شكل ظاهرة
التوكل
والقدرية،
وقد يكون
عاملا
إيجابيا إذا
أحسن
استثماره
وصار حافزا
للتحرك
والتغيير من
أجل تحقيق
كلمة الله
واستئناف
الحياة
الإسلامية،
وهذا ما
تستطيع
العملية
التغييرية
الإسلامية
تحقيقه، على
خلاف
الدعوات
التغييرية
العلمانية
التي تقيم
حاجزا نفسيا
بين الإنسان
المسلم وبين
تطلعه نحو
القيم
السماوية[11]. [1]
معجم
علم
الاجتماع ص190
ـ 192 [2]
التفسير
الموضعي
المحاضرة 10. [3]
رسالتنا، ص 98 –99 [4]
التفسير الموضوعي،
المحاضرة 9 . [5]
رسالتنا، ص 100 [6]
التفسير الموضوعي،
المحاضرة 9. [7]
المجتمع
والتاريخ,ص 141
ـ142 [8]
همسة
في
أذن حواء،
تأليف:
إبراهيم
عاصي,
ص 121 ـ130 [9]
التفسير
الموضوعي،
المحاضرة 11 . [10]
رسالتنا،ص 21ـ
24. [11]
اقرأ:
كراس
منابع
القدرة في
الدولة
الإسلامية
|
||||||||
|