|
||||||||
الديناميكية الاجتماعية حركة
المجتمعات
في ظل
مثلها
العليا الحركة
الاجتماعية
في ظل
المثل
الأعلى
المنخفض |
||||||||
الديناميكية الاجتماعية حركة
المجتمعات
في ظل مثلها
العليا الأصل
في
المجتمعات
الإنسانية
أنها متحركة
وغير ساكنة،
كما في قوله
تعالى: (يا
أيها
الإنسان إنك
كادح إلى ربك
كدحاً
فملاقيه) (الانشقاق/
6). وفي
قوله تعلى: (لتركبن
طبقاً عن طبق)
(الانشقاق:
19). حيث يعطي
هاتان
الآيتان
مفهوم السير
العام (والحركة
العامة)
المتحقق
فعلا في
المجتمعات
البشرية.
فحال هذه
المجتمعات
أنها تتحرك
وتسير
وتنتقل من
حالة إلى
أخرى ومن
مرحلة إلى
أخرى ضمن خط
علم للحركة
ويوصلها في
نهاية
المطاف إلى
لقاء الله
دنيوياً في
المجتمع
المعصوم،
وأخروياً في
يوم الحساب. وتنبثق
النظرة
العامة
لديناميكية
المجتمع
البشري من
النظرة
الفلسفية
التي يؤمن
بها الإسلام
عن الكون.
خلافاً
للفلاسفة
السكونيين
مثل زينون
واضرابه،
يؤمن
الإسلام بأن
الكون في
حالة حركة أو
صيرورة
مستمرة.
ويعرف
المفهوم
الفلسفي
الإسلامي
الحركة
بأنها سير
تدريجي
للوجود
وتطور للشيء
في الدرجات
التي تتسع
لها
إمكاناته.
والمعروف أن
الفيلسوف
الإسلامي
الكبير صدر
الدين
الشيرازي قد
استطاع
صياغة نظرية
الحركة
العامة
وسماها
بالحركة
الجوهرية[1].
وعلى
النقيض من
الماركسية،
التي تفسر
الحركة
الاجتماعية
تفسيراً
ديالكتيكياً،
يؤمن القرآن
الكريم بأن
الإنسان هو
العامل
الأساسي في
حركة
المجتمعات،
بما أوتي من
فطرة،
ومحتوى
داخلي،
وإرادة
قادرة على
الاختيار،
وإمكانية
على الفعل
والتأثير. وقد
أشار القرآن
الكريم
بوضوح إلى
الدور
الأساسي
للإنسان في
حركة
المجتمع
بقوله: (إن
الله لا يغير
ما بقوم حتى
يغيروا ما
بأنفسهم)(الرعد/11)
وبقوله
(ونفس وما
سواها
فألهمها
فجورها
وتقواها قد
أفلح من
زكاها وقد
خاب من دساها)(الشمس/7
ـ 10). وقد
مر بنا أن
دور الإنسان
في حركة
المجتمع
يتحدد من
خلال محتواه
الداخلي،
وأن هذا
المحتوى
الداخلي
يتشكل على
أساس (مثل
أعلى) يؤمن
به الإنسان
والمجتمع.
وإذن، فإن
المثل
الأعلى هو
الدافع لهذه
الحركة،
والمؤشر على
اتجاهها
وحجمها
وطبيعتها
ومصيرها،
بما يحدده
المثل
الأعلى
للحركة من
غايات
وأهداف
تفصيلية،
وخط عام،
وبما يستطيع
أن يجند لها
من قوى
وطاقات. وعلى
هذا تختلف
حركة
المجتمعات
عقماً
وسلباً
ومصيراً
باختلاف
مثلها
العليا. ولما
كانت المثل
العليا
تنقسم إلى
ثلاثة أنواع
(المثل
الأعلى
المنخفض،
والمحدودة,
والمطلق)
أمكننا أن
نتصور ثلاث
أنماط
للحركة
الاجتماعية
بلحاظ مثلها
الأعلى. الحركة
الاجتماعية
في ظل المثل
الأعلى
المنخفض يعيش
المجتمع في
ظل المثل
الأعلى
المنخفض
حالة
تكرارية (وبتعبير
القرآن
الكريم
تأخرية) حيث
يقوم بنقل
ماضيه إلى
حاضره،
وحاضره إلى
مستقبله،
فليس لهذا
المجتمع
مستقبل في
الحقيقة،
فمستقبله هو
عين ماضيه. ومن
الصعب على
هذا المجتمع
أن يتقبل
فكرة
التغيير
والتطوير،
فهو متمسك
دائماً
بالتقاليد
الموروثة،
ويعتبرها
رمزاً
ومنهاج حياة
لا يجوز
المساس به،
والخروج
عليه، أو
إلهاً لا
يجوز عصيانه. وهو
يتمترس بما
كان عليه
الآباء
والأجداد ضد
محاولات
التغيير
التي يقوم
بها
المتنورون
من أبنائه،
إما بسبب
مؤثرات
خارجية أو
بسبب عوامل
أخرى، ويطبق
هذا المجتمع
مقولة (ليس
بالإمكان
أحسن مما كان). وهذا
ما كانت عليه
المجتمعات
التي بعث
فيها
الأنبياء
حيث كانت
ترفض فكرة
التجديد
والتغيير في
ضوء الأفكار
الجديدة
التي أوحاها
الله
لأنبيائه،
بحجة التمسك
بالوضع
الاجتماعي
الموروث عن
الآباء
والأجداد. (وإذا
قيل لهم
اتبعوا ما
أنزل الله
قالوا: بل
نتبع ما
ألفينا عليه
آباءنا أولو
كان آباءهم
لا يعقلون
شيئا ولا
يهتدون) (البقرة/ 170). (بل
قالوا إنا
وجدنا
آباءنا على
أمة وإنا على
آثارهم
مهتدون) (الزخرف/22). وهذا
هو موقف
المجتمعات (الإسلامية)
القائمة في
أقاليم
العالم
الإسلامي
اليوم،
والتي
نسميها (بالمجتمعات
المخضرمة)
إزاء نوعين
من دعوات
التغيير:
الدعوات
التغييرية
الإسلامية،
والدعوات
العلمانية
المعاصرة،
فالمجتمعات
المخضرمة
ترفض كلا
الدعوتين،
ولكن لأسباب
مختلفة، فهي
ترفض الدعوى
التغييرية
الإسلامية
بسبب ما
توارثته من
قيم وتقاليد
وعادات
بالية تقف
عائقاً في
طريق تغيير
وتطوير هذه
المجتمعات
على أساس
إسلامي، ذلك
التطور الذي
توقف يوم
فقدت حيوية
ارتباطها
بالإسلام،
وثورية
دورها في
تطبيقها
ونشره، وأما
رفضها
للدعوات
العلمانية
فلأن هذه
المجتمعات
تتصور مخطئة
بأن ما بين
يديها من
موروثات
اجتماعية هو
الإسلام
الذي (تعتز)
بالتمسك به،
ولا تحبذ
الخروج عليه. غير
أن تمسك
المجتمع
المحافظ
والمخضرم
بمثله
الأعلى
المنخفض لا
يمكن أن
يستمر لأن
هذا
الاستمرار
يفترض (سكوناً)
أبدياً
للمجتمع،
وهذا يخالف
الطبيعة
الجوهرية
للمجتمعات
الإنسانية،
إن هذا
المجتمع سوف
يفقد ولاءه
بالتدريج
لمثله
الأعلى
المنخفض،
لأن هذا
المثل
الأعلى بحد
ذاته سوف
يفقد
فاعليته
وقدرته على
التأثير،
بعد أن أصبح
قالباً
جامداً
مفروضاً على
المجتمع،
وغير قادر
على
إستيعابه،
وتطويره،
وقيادة
وحركته
وتصعيدها
نحو مستقبل
أرحب. وستكون
حالة فقدان
الولاء
بداية
النهاية
بالنسبة
لهذا
المجتمع،
حيث يدخل
دورة جديدة
في حياته،
فإما أن تكون
نهايته
فيها، وهذا
هو أجله، أو
أن تصعد قوى
جديدة فيه
إلى قمة
الهرم
الاجتماعي
وتمسك بزمام
قيادته. وحين
يفقد
المجتمع
ولاءه لمثله
الأعلى، فإن
القاعدة
الجماهيرية
الواسعة
التي يستند
عليها سوف
تتمزق
وتتشتت
وتتبعثر،
لأن وحدتها
كانت مستمدة
من مثلها
الأعلى
المنخفض
الذي فقد
قابليته على
التأثير.
وهذه الحالة
هي التي
يصورها
القران
الكريم
بقوله: (بأسهم
بينه شديد
تحسبهم
جميعاً
وقلوبهم
شتى، ذلك
بأنهم قوم لا
يعقلون) (الحشر/14). إن
التناقضات
سوف تنتشر في
صفوف
المجتمع،
فيتحول إلى
قلوب متفرقة
وأهواء
مشتتة
وأرواح
مبعثرة.
ومجتمع بهذا
الحال ليس
مجتمعا
سوياً،
وإنما هو شبح
مجتمع. وفي
ظل هذا الحال
سوف ينصرف كل
فرد فيه إلى
همومه
الصغيرة
وقضاياه
الشخصية[2]. وحينما
يصل المجتمع
إلى هذه
النقطة،
ويكون أمام
ثلاثة
احتمالات: الاحتمال
الأول، أن
يتداعى
المجتمع
أمام غزو
عسكري من
الخارج، لأن
مجتمعاً
ممزقاً من
هذا النوع
يشكل إغراء
قويا أمام
القوى
الخارجية
الطامعة
لغزوه
والسيطرة
عليه، وهذا
ما حصل
للمجتمع
الإسلامي
الذي كان
قائماً في
العراق عشية
الغزو
المغولي له.
والذي انهار
بفتح بغداد
وسقوط
الدولة
العباسية. الاحتمال
الثاني،
الذوبان
والانصهار
في مثل أعلى
أجنبي
مستورد من
الخارج، كما
حصل للمجتمع
الإسلامي
المخضرم
الذي كان
قائماً في
تركيا عشية
الحرب
العالمية
الأولى،
والذي إنهار
بصعود دعاة
التغريب،
وبقيادة
كمال
أتاتورك،
إلى قمة
الهرم
السياسي. الاحتمال
الثالث، أن
تنمو في
أعماق
المجتمع
بذور العودة
إلى المثل
الأعلى
المطلق من
جديد بمستوى
وصيغة
تناسبان
العصر الذي
يعيشه
المجتمع,
وهذا ما
تحاول أن
تحققه اليوم
العناصر
الخيرة في
أقاليم
عديدة من
العالم
الإسلامي. وقد
واجهت الأمة
الإسلامية
الاحتمالين
الثاني
والثالث
حينما دخل
عصر
الاستعمار،
فكانت أمام
مفترق طرق:
أما
الانصهار في
مثل أعلى من
الخارج، حيث
كان يقف على
ناصية هذا
الطريق
أشخاص مثل
رضا خان في
ايران
وأتاتورك في
تركيا أو
العودة إلى
المثل
الأعلى
المطلق
للأمة
الإسلامية
حيث كان رواد
الفكر
الإسلامي
الحديث،
أمثال جمال
الدين
الأفغاني،
يقفون على
ناصية هذا
الطريق،
ويدعون
الأمة
الإسلامية
إلى استئناف
الحياة
الإسلامية
والرجوع إلى
الله[3]. (إن
إلى ربك
الرجعى) (العلق:
8). الحركة
الاجتماعية
في ظل المثل
الأعلى
المحدود إن
أغلب
المجتمعات
القائمة
الآن في دول
العالم
الثالث
تتحرك في
إطار مثل
أعلى محدود،
حيث استلم
القيمومة
الفكرية
والسياسية
في هذه
المجتمعات
وجال نشطوا
وبرزوا في
مرحلة العمل
من أجل
الاستقلال
السياسي
لهذه
البلدان عن
الدول
المستعمرة (أو
المستكبرة)
التي كانت
تحكمها. وحين
نظر هؤلاء
القادة
الجدد إلى
مستقبل
مجتمعاتهم
رأوه
بمنظارهم
الشخصي
البشري
المحدود،
وقالوا
لمجتمعاتهم
ما قاله
فرعون
للمجتمع
المصري: (قال
فرعون ما
أريكم إلا ما
أرى) (غافر/ 29). وقد
انطوت هذه
الرؤية
البشرية
المحددة على
خطأ كبير،
ذلك أن
القادة
الجدد
اعتبروا
رؤيتهم
المحدودة
للمستقبل
مثلا أعلى
مطلقاً،
وهذا تحويل
غير موضوعي
للنسبي إلى
مطلق، حيث أن
مستقبل
المجتمعات
البشرية
أوسع من أن
تحيط به عقول
هؤلاء
القادة
وتستوعبه،
وهنا يكمن
الخطر على
المجتمع
وتطوره. فإن
المثل
الأعلى
المحدد الذي
وضعه هؤلاء
سوف يمد
المجتمع
بطاقة
للحركة
ولاشك. ولكن
هذه الطاقة
محددة،
لأنها
انعكاس
للمشكل
الأعلى
المحدود،
والرؤية
المستقبلية
المحددة،
ولهذا ستكون
حركة
المجتمع
حركة محدودة
أيضاً، أن
المثل
الأعلى
المحدود
الذي حرك
المجتمع
حركة محدودة
سرعان ما يصل
إلى حدوده
القصوى،
وسوف تنفد
طاقته
المحركة،
فيتحول بعد
فترة إلى مثل
أعلى منخفض
من النوع
الأول، بعد
أن يصبح
جزءاً من
تاريخ
المجتمع
وتراثه
وتقاليده
وليس نزوعاً
نحو
المستقبل
والكمال. إن
تحويل
النسبي إلى
مطلق يؤدي
إلى تطويق
حركة
الإنسان
ويجمد قدرته
على التطور
والإبداع،
ويعقد
الإنسان عن
ممارسة دوره
الطبيعي
المفتوح[4].
وهذا
هو ما يشير
إليه القران
الكريم
بقوله: (ولا
تجعل مع الله
إلهاً آخر
فتقعد
مذموماً
مخذولا) (الإسراء/
22). وتمر
حركة
المجتمع في
ظل المثل
الأعلى
المحدود
بأربع مراحل
هي: المرحلة
الأولى،
مرحلة
فاعلية هذا
المثل، حيث
يكون له بحكم
كونه مشتقاً
من طموح
مستقبلي،
فاعلية
وعطاء
وتجديد
وقدرة على
الدفع
والتحريك،
بقدر ما يكون
له ارتباط
بالمستقبل.
ولكن عطاء
المثل
الأعلى
المحدود في
هذه المرحلة
عطاء عاجل
وليس عطاء
مستمراً على
طول الخط
المستقبلي
الطويل. وإلى
هذه الحقيقة
يشير القران
الكريم: (من
كان يريد
العاجلة
عجلنا له
فيها ما نشاء
لمن نريد ثم
جعلنا له
جهنم يصلاها
مذموماً
مدحوراً *
ومن أراد
الآخرة وسعى
لها سعيها
وهو مؤمن
فأولئك كان
سعيهم
مشكوراً *
كلاً نمد
هؤلاء
وهؤلاء من
عطاء ربك وما
كان عطاء ربك
محظوراً) (الإسراء/
18 ـ 20). الضمان الرابع، القيادة الرسالية التي تحرس الحركة الاجتماعية وتحفظها من الانحراف وتقود المعركة ضد القوى التي تبرز بعد مرحلة النبوة وتحاول أن تنصب مثلا منخفضة أو تكرارية وآلهة مزيفة ومصطنعة، مما يتعين على المجتمع أن يقاوم محاولات التحريف والتزييف تحت إشراف القيادة الرسالية، وتتجسد هذه القيادة بالإمامة، وثم بامتدادها الطبيعي المرجعية الرشيدة[7]. [1]
فلسفتنا، ص 230
ـ 234 ـ 357 ـ 359 ـ 391 ـ 392. [2]
التفسير
الموضوعي،
المحاضرة 9. [3]
ن.م.
المحاضرة 10. [4]
الفتاوى
الواضحة،
ص 596. [5]
التفسير
الموضوعي،
المحاضرة 10 [6]
الفتاوي
الواضحة،ص596 [7]
التفسير
الموضوعي،
المحاضرة 11.
|
||||||||
|