|
||||||||
المجتمع
الفرعوني |
||||||||
ثانيا،
أن المجتمع
الإسلامي
مجتمع فكري
مبدئي،
تحكمه وتوجه
حياته
وحركته
تصورات
عقائدية
عامة عن
الكون
والحياة
والإنسان
والمجتمع. إن
المجتمع
الإسلامي
ليس مجتمعا
طبقيا، ولا
حزبيا ولا
قوميا ولا
إقليميا.فهذه
قواعد
للبناء
الاجتماعي
يتجاوزها
القرآن
والإسلام
ويعتبرها
مخلفات
تاريخية،
تركتها
الإنسانية
في سياق
تطورها
العام من
المجتمع
الفطري
الموحد،
مرورا
بمرحلة
الاختلاف،
ومازالت
البشرية
تواصل
تقدمها
باتجاه
تحقيق مجتمع
الفكرة
العالمي
الموحد. وينتج
عن هذه
الميزة أن
القيادة
العليا في
المجتمع
الإسلامي
قيادة ذات
مواصفات
فكرية خاصة،
بحيث تكون
أرقى نموذج
بشري ممكن
يجسد
العقيدة
الإسلامية. ثالثا,أن
المجتمع
الإسلامي
مجتمع
إنساني، في
التصورات
والتوجهات
والممارسات
والعلاقات،
ان الإنسان
يكشف ذاته في
المجتمع
الإسلامي
ويحققها
وينسجم معها.
أن هذا
المجتمع ـ
بوصفه
تعبيرا عن
العقيدة
الإسلامية ـ
يعترف
بالذات
الإنسانية
ويتعامل
معها، كما هي
وكما خلقها
الله، يتعرف
بكل طاقات
الإنسان وكل
حاجاته وكل
كيانه وكل ما
أودع فيه من
غرائز
وميول،
ونقاط ضعف
وقوة. وبذلك
يأمن
الإنسان من
أن يفقد
إنسانيته أو
أن يكون
غريبا عنها
في المجتمع
الإسلامي. وعلى
هذا، يكون
المجتمع
الإسلامي
مسؤولا
مسؤولية
تامة عن حفظ
حقوق
الإنسان
حفظا تاما في
إطار
الشريعة
الإسلامية.
أن حق
الحياة، وحق
الاعتقاد،
وحق العمل،
وحق التعبير...
وغيرها من
الحقوق
الإنسانية
تجد ضمانها
الواقعي في
المجتمع
الإسلامي. ولما
كان المجتمع
الإسلامي
إنسانيا
فهو،
بالضرورة،
عالمي
التوجه
والتطلع، لا
تحده حدود
الإقليم، أو
اللون. لقد
ألغى
الإسلام هذه
الفوارق
والفواصل،
ليوحد
البشرية
كلها في إطار
إنساني موسع
موحد: (وما
أرسلناك إلا
كافة للناس)(سبأ:28). لقد
أعلن
الإسلام
حربا شعواء
على الحواجز
اللونية
والاجتماعية
والقومية
التي تفصل
بين
المجموعات
الإنسانية
ونادى بأن ما
هو مشترك بين
الناس هو
الأصل، وهو
الجدير
بالاستجابة،
وأما ما هو
مفرق فليس
إلا عارضا لا
يجوز أن يجعل
أساسا
للتفريق
والتحزيب
والانتقام[4]. إن
المجتمع
الإسلامي هو
الإطار
الطبيعي
الذي تنمو
فيه (الأصول
المشتركة)
بين الناس
وتتوارى فيه
(الفروع
المختلفة)
التي تميز
هذا عن ذاك[5]. المجتمع
الفرعوني الفرعونية
ظاهرة
منحرفة في
البناء
الاجتماعي
جوهرها قيام
فرد أو طبقة
أو جماعة
بالانفراد
بالسلطة
السياسية
والاستكبار
في الأرض
واستضعاف
الناس
والتنكر لله
وللدين وفرض
إرادة
النظام على
الشعوب
بالقهر
والإرهاب
والطغيان. وهذا
هو المستفاد
من قوله
تعالى في وصف
الفرعونية: (إن
فرعون علا في
الأرض وجعل
أهلها شيعا,
يستضعف
طائفة منهم،
يذبح
أبناءهم،
ويستحيي
نساءهم، إنه
كان من
المفسدين)(القصص:4). ويولي
المذهب
الاجتماعي
القرآني
اهتماما
كبيرا
بظاهرة
الفرعونية
وشرح
طبيعتها
وأبعادها
ومضاعفاتها
على المسيرة
الإنسانية. نقرأ
في القرآن
قوله تعالى:(إن
الملوك إذا
دخلوا قرية
أفسدوها
وجعلوا أعزة
أهلها أذلة)(النمل/34). والمفهوم
من هذه الآية
أن من طبيعة
الأنظمة
الفرعونية
إذا سيطرت
على بلد ما
أن تشيع فيه
الفساد
وتبيح
الحرمات
وتحطم القوة
المدافعة
عنه، وعلى
رأسها زعماء
ذلك البلد
وتجعل أهله
أذلة. إن
القران
عندما يتعرض
لأحوال
الفراعنة
الذين حكموا
الأرض يذكر
جشعهم
وطمعهم الذي
لا يعرف
الحدود،
ويصور لنا
كيف أنهم ما
كانوا
يتركون حتى
أموال
الضعفاء
والمساكين
طمعا وجشعا. وهاهو
فرعون, أحد
ملوك مصر
الذين حملوا
أنفسهم على
رقاب الشعب
المصري،
يبلغ به
الطمع
والحرص أن
يعد نفسه
مالكا لأرض
مصر
وأنهارها
وما فيها من
خيرات: (ونادى
فرعون في
قومه، قال:
يا قوم أليس
لي ملك مصر،
وهذه
الأنهار
تجري من
تحتي؟ أفلا
تبصرون؟) (الزخرف/51). أن
الفرعونية
حكم
استبدادي.
والقران
الكريم يأتي
بفرعون
نموذجا
للحاكم
المستبد
والحكومة
الاستبدادية،ثم
يستعرض ما
كان يفكر به
فرعون،
ويقوم به،
انطلاقا من
هذه
الطبيعة،
وبمقتضى هذه
الصفة. فالقران
الكريم يصف
فرعون بأنه
كان مستكبرا
عاليا مسرفا
متجاوزا
الحد، فهو
يرى نفسه فوق
الآخرين
وإرادته فوق
إرادتهم، إذ
يقول: (ثم
بعثنا من بعد
موسى وهارون
إلى فرعون
وملئه بآياتنا
فاستكبروا،
وكانوا قوما
مجرمين)(يونس/75).
(فما
آمن لموسى
إلا ذرية من
قومه على خوف
من فرعون
وملئهم أن
يفتنهم، وإن
فرعون لعال
في الأرض
وإنه لمن
المسرفين)(يونس:83). (ثم
أرسلنا موسى
وأخاه هارون
بآياتنا
وسلطان مبين
إلى فرعون
وملئه
فاستكبروا
وكانوا قوما
عالين)(المؤمنون/45ـ46). (ولقد
نجينا بني
إسرائيل من
العذاب
المهين، من
فرعون إنه
كان عاليا من
المسرفين) (الدخان
/31 ــ30). ومن
البديهي لمن
يعتبر نفسه
أعلى من
الآخرين أن
يطغى على
الله تعالى
ويعصيه
ويفسد في
الأرض، وهذا
حال النظام
الفرعوني،
إن النظام
الفرعوني
يعتقد أن على
الجميع أن
يروا رأيه
ويتبعوا
فكرته، كما
قال فرعون:
(وما أريكم
إلا ما أرى) (غافر/29),
بحيث تصبح
روية النظام
هي مقياس
الصح والخطأ
والحلال
والحرام
والمقبول
والمرفوض.
حتى أن فرعون
يستغرب أن
يغير بعض
أبناء
المجتمع
معتقداتهم
دون الرجوع
إليه
والاستئذان
منه. (قال:
آمنتم له قبل
أن آذن لكم ؟
إنه لكبيركم
الذي علمكم
السحر،
فلأقطعن
أيديكم
وأرجلكم من
خلاف
ولأصلبنكم
في جذوع
النحل،
ولتعلمن
أينا أشد
عذابا وأبقى)
(طه/71). ويبلغ
الاستكبار
بالنظام
الفرعون أنه
يستهين
بالمجتمع
ولا يحترم
رأيه ولا
يحفظ
كرامته، كما
فعل فرعون
بالشعب
المصري، كما
يحكي القران
الكريم: (فاستخف قومه) (الزخرف
/54). وعادة
تمارس أجهزة
الإعلام
والأمن دورا
كبيرا في
استخفاف
الشعب
والضحك عليه
وحمله على
طاعة فرعون
وتصديقه في
كل ما يقول
ويريد،حتى
لو ناقض نفسه
بين فترة
وأخرى، ذلك
لأن الشعب
المستخف به
لا عقل له
ولا رأي،
فكيف يستطيع
تمحيص
الآراء
وغربلة
الأنباء
ونقد
المواقف؟
! ومن
الطبيعي أن
يفقد
المجتمع
الفرعوني
ثقته بنفسه
وبفكره
وبعقله
فيطيع
فرعونه طاعة
عمياء، كما
يحكي القرآن
الكريم: (فاستخف
قومه،
فأطاعوه،
إنهم كانوا
قوما فاسقين)
(الزخرف:54). وتبلغ
الفرعونية
أقصى درجات
انحرافها
وفسادها
واستكبارها
حينما ينصب
فرعون من
نفسه إلها
ويجعل منها
مثلا أعلى
للمجتمع
ويطلب من
الناس
عبادته من
دون الله: (وقال
فرعون: يا
أيها الملأ
ما علمت لكم
من إله غيري)(القصص:38). (فحشر
فنادى، فقال:
أنا ربكم
الأعلى) (النازعات:24
ـ23). [1]
الميزان،
جـ 1،
ص 319ـ 323. [2]
لمحة
تمهيدية، ص15. [3]
رسالتنا، ص 55
ـ 60. [4]
الميزان
جـ 4
ص 92 ـ133. [5]
ن.
م.،
ص 95.
|
||||||||
|