.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

 

الفصل الثالث

المحتوى التربوي الإسلامي

إن هذا الموضوع يطرح سؤالا, على التربويين أن يجدوا إجابته حتى تصبح التربية ذات محتوى إسلامي, ومؤداه: كيف تستبطن التربية مفاهيم هذا الفكر الإسلامي, وكيف تعكسها في مفاهيم تصاغ في إطارها الأهداف التربوية, والمناهج, والوسائل التربوية, وتعمل على تشكيل التربية بكل عناصرها؟.

كما يطرح هذا السؤال نفسه سؤالا آخر مؤداه: ما هي مضامين الفكر الإسلامي حتى تتضمنها التربية لكي تصبح جديرة بأن تكون تربية للمسلمين, ولأبناء المسلمين وحتى يبنون مجتمعاتهم على منهج إسلامي مشرق, ومشرف.

وهذه المضامين يعجز هذا البحث عن تقصيها, وإنما حسبه أن يشير إلى بعضها كأمثلة غنية تثرى محتوى المناهج المدرسية, والأهداف التربوية, والطرق التعليمية.

المضامين التربوية في الإسلام:

والآن نتساءل عن المضامين المختلفة في الإسلام, وهي تلك المضامين التي يمكن أن تكون محتوى أساسياً للتربية في بلادنا الإسلامية. وبالتالي يمكن أن يتحرك الواقع حركة اجتماعية نحو التغيير الشامل لحياة أفضل.

إن التربية الإسلامية منهج لتنشئة المجتمع على الإسلام بتصوراته, وقيمه ونظرياته في مختلف مناشط الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ومن هنا كان قيامها على إطار متناسق متسق من النسق الفكري الذي يبدأ بالعقيدة, وبالقيم, وبالتصورات, وبالنظريات الإسلامية, وبمناهجها في كافة مجالات الحياة البشرية المختلفة.

فعقيدته تؤكد مبدأ وحدانية الله, ثم يبنى عليها كافة التشريعات, والنظم والتنظيمات في الحياة كلها. دنياها وأخراها, بسيطها, ومركبها.

ثم يؤكد منهجاً علمياً دينامياً, يستهدف توجيه الواقع, ليقضى على ما فيه من سلبيات وليؤكد ما فيه من إيجابيات, ويعدل ويغير ما يراه في حاجة إلى تغيير ـ ومن هنا اتصف هذا المنهج بالواقعية, وبالتشريع للواقع. فهو منهج للواقع ولتوجيه صوب التقدم. فهو يستجيب لمقتضياته ويواجه مشكلاته, ويجيب على تساؤلاته, ويحسم قضاياه. ويغير, ويبدل في أحوال البلاد والعباد في إطار قيمه ومبادئه وأخلاقياته, أي في إطاره الشمولي التكاملي العام والمضامين التربوية في الإسلام تنشد في القرآن وفي سنه رسول الإسلام.

والقرآن ليس كتاباً يحوي فلسفة نظرية مجردة, ولا كتاباً أدبياً للمتعة الأدبية, ولا كتاب تاريخ لسرد القصص والأساطير للتسلية ولا كتاب علم, ودعوة إلهية فحسب, وإنما هو منح حياة, ودستور للبشر في كل زمان ومكان. ودليل إعجاز, ومحيط علم وسع كل شيء, وخلاصة تاريخ البشر بأسلوب أدبي فني معجز, بها يستفيد البشر من تجارب السابقين وخبراتهم في مجال الفضيلة, والحق, والخير, والجمال.

وفيه تصور لحقيقة الوجود,والوجود الإنساني في نطاقه. ومن خلال هذا التصور تتحدد التصورات للحياة, والقيم, والأخلاق, كما تتحدد مناهج وأصول السياسية والحكم, والاقتصاد, والمجتمع, والتربية, وجميع مقومات الحياة.

إن النظرة الإسلامية للوجود, وللحياة, وللإنسان نظرة شمولية تكاملية واقعية, وهي ليست تصوراً معرفياً مجرداً, وإنما يتمثل هذا التصور التكاملي في أناس, كما يتمثل في تنظيماتهم وفي حركتهم الاجتماعية, فيتكامل الأساس النظري مع الواقع الاجتماعي.

والدين الإسلامي بهذا المنطق دين واقعي في أهدافة, ووسائله, ومناهجه في الحياة. نزل للواقع المتجدد للبشرية, ومن ثم فهو دين كل البشر, ولكل مجتمع, ولكل عصر.

إن الإسلام رسالة الإنسان في هذه الدنيا. ومن ثم فإن التربية الإسلامية تعد الإنسان لتحمل هذه الرسالة. وتتطلب هذه الرسالة عقيدة, وغاية, ودستوراً, وتشريعاً خلقياًً, واجتماعياً, وسياسياً واقتصادياً ومن هذه الأمور كلها تتحدد أهداف التربية في الإسلام, فتصبح أهداف التربية أهدافاً عقائدية, وأهدافاً سياسية, وأهدافاً خلقية, وأهدافاً اجتماعية, وأهدافاً اقتصادية.

وإذا استعرضنا المفاهيم التربوية في الإسلام لوجدنا أنها قد استغرقت هذه الأهداف السابقة كلها, واستغرقت المناهج والوسائل والأساليب التي تحققها.

ففي الإسلام مفاهيم تربوية عديدة خاصة بالتآخي الإنساني كأساس للتماسك, والبنيان الاجتماعي. وهذا التماسك بدوره هو أساس جميع القيم, والاتجاهات الإيجابية في الحياة الاجتماعية من إيثار, وتعاون, وتكافل اجتماعي...الخ.

وفيه مفاهيم خاصة بعلاقة الأبناء بالآباء, والآباء بالأبناء. وأساليب تربية هؤلاء الآباء لأبنائهم, وأساليب الاحترام للآباء, والتلقي منهم في أساليب التربية الإسلامية المحددة.

 وفيه ـ كما سبقت الإشارة ـ مفاهيم, وقضايا عن الحياة, وعن الكون, وعن الإنسان, وعما بعد الحياة بأسلوب استفهامي يخاطب به عقل الإنسان, ووجدانه. ثم يقوده, ويوجهه إلى الطريق الموصل إلى الإجابة عن كل ما يصادفه في حياته من أسئلة خاصة بهذه القضايا الكبرى. وكثيراً ما يجيب عن هذه الأسئلة بأسلوب عقلي علمي خال من الخرافة والأساطير.

ويوجهنا هذا الأسلوب إلى الأساليب التربوية العلمية في معالجة قضايا الحياة والفكر. وبقدر ما تساعد هذه المفاهيم الإسلامية الإنسان على أن يجد إجابة لكثير مما يطرحه حب استطلاعه عليه من أسئلة, فإنها تحقق مطلباً نفسياً هاماً في حياة الإنسان.

بل إن هذه المفاهيم الإسلامية تساعد الإنسان على تحديد دوره الاجتماعي في الحياة الاجتماعية في جميع أبعاده الأسرية, والسياسية, والاقتصادية, وهذا ما يحقق له مطلباً اجتماعياً أساسياً حينما ينشد أن يأخذ دوراً مرموقاً في حياة الكبار, وهي بذلك تساعد على أن يخرج من ذاته, ليسهم في حياة الكبار وبتوافق مع عالمهم.

إن في الإسلام مفاهيم اجتماعية ونفسية وأخلاقية عن الأسرة ودورها في المجتمع, ودور الأب المسلم, ودور الأم المسلمة, ودور الابن المسلم, ودور كل إنسان في حياة المجتمع الأكبر.

كما أن به مفاهيم عن العلاقات الزوجية والأسرية بوجه عام, وعن الوظائف المختلفة التي تحققها الأسرة في البناء الاجتماعي الكبير للمجتمع, وعن الوظائف النفسية والأخلاقية, والاجتماعية للأسرة, وعن العلاقات المختلفة التي تدور في محيط الأسرة, وتدور في المجتمع, ويكون للأسرة دور فيها, وفي الإسلام مفاهيم تربوية كاملة عن العلاقات بين الجنسين وعن أهمية البناء الأسري في إشباع كثير من المطالب النفسية والاجتماعية, والفيزيولوجية للإنسان.

وفي الإسلام مفاهيم عن الحقوق والواجبات الاجتماعية في شتى مجالات الحياة التي يمارسها الإنسان, وهي محددة تحديداً دقيقاً واضحاً بحيث تسهم في بناء الإنسان, وبناء المجتمع. بناء الإنسان خلقياً, واجتماعياً, وسياسياً, واقتصادياً على ما في الدين الإسلامي من قيم هي أرقى القيم الإنسانية, وأسماها وأشرفها على الإطلاق.

وبناء المجتمع في كافة أنظمته الاجتماعية, بحيث تتجسد قيم الإسلام, ومفاهيمه في كافة العملية التربوية: أهدافها, ومناهجها, ووسائلها. وطرقها.

وفي التربية الإسلامية يلتقي البناء القيمي للمسلم مع البناء القيمي للمجتمع المسلم, فتتسق الحياة الفردية مع الحياة الاجتماعية للمجتمع, وتسير في إيقاع هادئ مطمئن نحو المثل العليا للروح الإسلامي المتسامق.

وقيم الإسلام لا ترتبط بالأخلاق فحسب, ولا ترتبط بقيم عليا عن الحياة الآخرة ونعيمها فقط؛ وإنما يظهر عمق هذه القيم بارتباطها بكل ما يعمر الدنيا من (عمل) و(إنتاج). وقيمة العمل في الإسلام تتلخص فيها كل معاني الإيثار, وحب الآخرين, والارتباط بالكيان البشري الكلي في الحياة الاجتماعية. كما تتلخص فيها كل معاني الوازع الديني, والضمير الإنساني, ومراعاة الله في العمل, وتجويده, وتحسينه. وفيها كل تطلعات للثواب الإلهي في الدنيا وفي الآخرة, فثواب الدنيا يتمثل في (البركة) و (الخير) الذي يعم عليه بسبب مراعاته لمراقبة الله في عمله. وثواب الآخرة يتمثل في جنات عرضها السماوات والأرض أعدت (للمتقين).

وقيم الإسلام ترتبط بقيم التفكير, والتحليل, والدراسة للكون المحيط بالإنسان, وللحياة الإنسانية نفسها, وهذا التفكير يرتبط أولا بقيمة أولى وعظمى بالنسبة لهذا الإنسان وهي أول أساس في عقيدته, وهي معرفة سر الكون وخالقه. وكل تفكير في كل ظاهرة طبيعية, أو نفسية يرتبط بهذه القيمة الكبرى حتى تتماسك حبات عقد التفكير الإنساني, وتناسق السمفونية الرائعة للحياة.

 وفي أحضان هذا التفكير (الحر), (الصافي) تنمو قوى الإبداع, والاكتشاف الإنساني لأسرار الكون, والحياة, فتنمو الحياة, وتتقدم في ظل هذا الإطار الفكري الإسلامي المعجز. كما تنمو المعاني الحقيقية لحرية الإنسان الموجهة لتقدمه, وتقدم أمته. وهي تلك الحرية الأخلاقية التي تنطلق, وتسمو في إطار قيم هذا الدين الحنيف.

وترتبط (قيمة الوقت) بقيم الإسلام, كما يربطها بالحياة, بل يعتبرها الحياة نفسها.

إن الوقت بالمفهوم الإسلامي هو حياة الإنسان وحياة أمته على هذه الدنيا فمن أضاع وقته فقد أضاع حياته, وحياة أمته.

ومن أفتقد أو فقد معنى الوقت, وارتباطه بهذه (القيم) العليا في الحياة عاش حياة غير محسوبة, فلا يكون بمقدوره أن يستثمر وقته, ووقت أمته في إنجاز الأدوار المختلفة التي عليه عملها في الحياة فلا تتقدم الحياة, ولا يكون في استطاعته أن يجد حلا لوقت يفيض عليه بعد عمله الذي يؤدي من خلاله أدواراً اجتماعية محددة له, فيضيع وقته سدى.

وبالإسلام أغنى ما عرفته البشرية من فكر خاص بمبادئ الحرية, والإخاء, والمساواة, والعدالة الاجتماعية. وهذه المبادئ لم توضع بشكل مجرد؛ وإنما مستوحاة من الحياة الاجتماعية للبشر في كل عصر وعصر. ومن ثم فإن المسلم إذا ما ارتبط بها, فإنما يرتبط بنموذج واضح المعالم لمجتمع مسلم تتحقق فيه هذه المبادئ.

وهذه المبادئ ثرية بالقيم ثراء لا حدود له, كما أنها تجسدت في نماذج من البشر, ومن النظم الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية. وبالتالي يمكن أن يصاغ منها أهداف التربية, وأن تصاغ من قصصها, ومن قيمها ومن مفهوماتها كثيراً من محتويات المناهج الدراسية المختلفة في التاريخ, واللغة, والعلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية بوجه عام.

إن الإسلام ملئ بمفاهيم علمية. ومفاهيم عن العلم, ومفاهيم عن أهمية العلم ومنزلته عند الله, وفي الحياة, وعن مغزاه في التعرف على أسرار الكون, وعن عظمته في اكتشاف أسرار الوجود, والخالق. كما أن به قيما علمية تؤكد أهمية البحث عن الحقيقة بأسلوب موضوعي يتسم بالصدق والأمانة, والمثابرة, ونشدان التطبيق العلمي في واقع الحياة لنفع الإنسان. فلم يثبت حتى الآن تعارض حقيقي من الإسلام, ولا مفهوماً من مفهوماته مع حقائق العلم, ومفاهيمه. بل إن هناك صدقاً علمياً لكل ما ذكره الإسلام في قرآنه. وأحاديث نبيه, كما أن الإسلام يحث على البحث, وتعظيم منزلة العلماء, والباحثين, ويجعل مرتبتهم أسمى المراتب.

والإسلام ملئ بقيم عن (البدن) و(الصحة) والمحافظة عليهما. والاستمتاع بنعيم الدنيا وزينتها ابتداء من جمال الطبيعة, واستمراراً بما فيها من ألذ الطعام والشراب, وأبدع الملابس (قل من حرم زينة الله)...

والإسلام ملئ بقيم اقتصادية عن المال ووظيفته الاجتماعية, وأهميته في تعمير الأرض, وأهميته القيم التي ترتبط به, سواء في الإنتاج أو في التوزيع أو في الاستهلاك, أو في البذل والعطاء, والإيثار, والزكاة, والصدقة, ومحبة الآخرين, والشعور بهم.

وفي الإسلام قيم اجتماعية ترتبط بفكرة الإنسان عن الجماعة. وعن نفسه ومكانته في هذه الجماعة, وما يرتبط بذلك عن بناء لهذه المكانة باسلوب ومبادئ إسلامية يحظى بتقدير الجماعة عن طريقها ويكون لنفسه مكانه بها. ويرتبط بذلك مفاهيم عن الضبط الذاتي, والتربية الذاتية للإنسان ولخلقه ولنموه العقلي, ولنموه الاجتماعي في إطار القيم الإسلامية حتى تتأكد هذه المكانة في جماعته, بل يسعى لتوسيع هذه المكانة ويتحفز لنيل مكانة تاريخية يظل بها خالداً في دنياه, ومكرماً في أخراه.

بل إن في الإسلام أهدافاً, ومناهج, وأساليب تربوية لإعداد العلم وممارسته لعمله, وأساليب للتربية والتعليم, وقيم للعلم وللتعلم.

ولقد كان رسول الإسلام ـ كما نعلم ـ خير معلم, وخير قدوة. فقد حمل قيم الإسلام ومفاهيمه واتجاهاته ومهاراته, ودعا إليها. فظهر لنا في صورة المعلم الذي يعلم في كل أمور الحياة السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية. والأخلاقية, والعسكرية, كما علم الصغار والكبار, والرجال والنساء, وعلم في الحرب, وفي السلم, وللدين وللدنيا: للدين كل ما يشمله الدين من عقائد. وعبادات, وحكم ومواعظ, وحساب, وثواب وعقاب وغيب, وللدنيا بكل ما تتطلبه الدنيا من معالجات سياسية, واقتصادية, واجتماعية, وحربية, وأخلاقية.

ولم يكن الرسول مربياً نظرياً يطرح مفاهيم مجردة, وقيما مثالية لا تتحقق في الواقع, وإنما كانت حياته مصداقاً لمفاهيم الإسلام وقيمة, وبذلك ارتبط النظر بالعمل, والعلم بالتطبيق.

ولذلك نجد في حياته وفي تربيته للجيل الأول من المسلمين كثيراً يفيد في بناء مفاهيم العلم, وفي بناء المجتمع الإسلامي. فلقد وجد في هذا الجيل نماذج خالدة على مدى الزمن تشير إلى المرتقيات العليا التي صعدها هؤلاء المسلمين الأوائل. وهي تلك المرتقيات التي يتطلع إليها كل من فهم الإسلام فهماً حقيقياً.

فما مغزى كل ذلك تربوياً؟. لمجتمع معاصر يستهدف معانقة العصر في ظل مفاهيم الإسلام, وفكرة؟ ما موقف الفكر التربوي من هذه المعاني, والمفاهيم, والمضامين التربوية؟.

 ماذا يفيد ذلك في صياغة الأهداف التربوية للمجتمع الإسلامي المنشود؟. وماذا يفيد ذلك في بناء محتوى المناهج الدراسية فيه؟. وماذا يفيد ذلك في بناء أسس الطريقة والوسيلة في التعليم؟. وفي بناء مفاهيم العلم وإعداده؟.

هذه أسئلة على الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر أن تجد لها إجابات إذا أرادت أن تصيغ حياتها بحيث تتغير, وتتقدم في إطار الفكر الإسلامي.

كما أن هذه أسئلة على التربويين ـ كل في تخصصه أن يجد إجابه لها والتأكيد هنا على التربويون ـ كل في تخصصه ـ لأن الإسلام, ومفاهيمه التي يستبطنها, ومبادئه التي يؤسس عليها, وقيمه التي تشكل أخلاقياته, وسلوك معتنقيه ليست مقصورة على مادة بعينها يمكن أن نطلق عليها (مادة الدين) أو مادة التربية الإسلامية, وإنما الإسلام أكثر من هذا شمولا حيث يفرض على التخصصات العلمية والأدبية المختلفة مطالب تتحقق بها مبادئه, مفاهيمه وأخلاقياته, وتشريعاته, وكل ما يحتويه. فالعلوم الطبيعية والاجتماعية يمكن أن توجه, وأن تتحدد كثيراً من مفاهيمها في ظل الإطار العام للفكر الإسلامي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر أن دراسة الخلق والنشوء, والارتقاء ينبغي أن تعالج في إطار الفكر الإسلامي. كما أن الكواكب والأجرام المختلفة يمكن معالجتها ودراستها في نطاق هذا الإطار. كما أن العلوم الاجتماعية كلها يمكن لها أن تجد مادة خصبة, ومصدراً لا ينضب في الفكر الإسلامي. كما أن الأخلاق لا يمكن لها أن تجد أغنى من قيم الإسلام ومثله. كما أن التاريخ ومساره, وعظاته يمكنه أن يجد من القصص القرآني مصدراً خصباً للدراسة: مادة, ومنهجاً, وهدفاً, كما أن اللغة العربية بآدابها وفنونها, وقواعدها, وبلاغتها, ونحوها, وصرفها, لا تجد أبدع من القرآن ومن الحديث, ومن التراث الإسلامي مورداً, ومنهلا.

ـ فإذا ما حاول التربويون فسوف يجدون وضوحاً فكرياً في صياغتهم للأهداف التربوية لمراحل التعليم المختلفة والتخصصات العلمية المختلفة مشتقة من الأهداف الإسلامية.

ـ وسيجدون مادة خصبة لبناء مناهج التعليم المختلفة.

ـ وسيجدون موجهات قوية لبناء أسس الطريقة والوسيلة في التعليم, وفي أعداد المعلم.

(وقد أشرنا إلى أمثلة للقيم, والمفاهيم, والمهارات, والاتجاهات التربوية التي تبرز واضحة في الفكر الإسلامي والتي يمكن للمناهج والوسائل والأهداف التربوية أن نستنبطها وتسعى إلى تحقيقها).

وسيجدون في رسول الإسلام, وفي حياته أغنى منهج لإعداد المعلم, فقد كان معلماً كاملا متكاملا "أدبه ربه فأحسن تأديبه". وسيجدون في حياته خير بناء لمجتمع ظهر على وجه البسيطة على نحو ما أشرنا.

ولما كانت أهداف البحث الذي بين أيدينا أن يطرح أسئلة وأن يضع معالم في الطريق للفكر التربوي الإسلامي فإن الباحث يأمل أن يعالج بعض هذه المعالم بالتفصيل في أبحاث مقبلة بإذن الله, كما يأمر أن يسهم الباحثون في ارتياد هذا الميدان الخصب.

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست