|
||||||||
|
||||||||
تساءلنا
قبل ذلك عن
سر
ارتباطنا
بها, وأجبنا
إجابة
سريعة عن
هذا
التساؤل
والواقع أن
هذه
الثقافة
لها من
الخصائص
العميقة,
ومن
الجاذبية
الإنسانية,
ومن
الإغراء
الدنيوي
والأخروي
ما يدعو إلى
البحث في
أسرارها
ومكوناتها.
فإذا ما
عرفنا
بعضها زلت
عنها
الدهشة
التي نصاب
بها حينا
نقرأ عن
هجرات تمت
من بلاد
كثيرة إلى
المدينة في
العهد
النبوي...
هجرات من
الديلم
وفارس, ومن
البحرين,
ومن اليمن,
ومن مصر ومن
الحبشة, ومن
عمان, ومن
حضرمرت, ومن
الشام,[1]
مشدودين
إلى هذه
الثقافة...
إلى هذه
الرسالة
الإسلامية.
كما تزول
عنا الدهشة
حينما
نطالع أن
بلداً عريق
الحضارة
والثقافة
مثل مصر
يتطلع إلى
ثقافة
الإسلام
وحضارته,
ويقابل
أوائل
الحاملين
لها
بالترحاب,
والمعانقة
لهذه
الخصائص
الثقافية
والحضارية. ولقد
حملت هذه
الثقافة
إلينا جميع
المبادئ
والقيم
التي ناضلت
إليها
البشرية
عبر عصور
التاريخ
كلها وما
زالت من
حرية, وإخاء,
ومساواة,
وعدل في صور
مجسدة على
مستوى
الإنسان
الفرد,
ومستوى
المجتمع. ـ كما
حملت
الثقافة
جميع القيم
الأخلاقية
التي يتشوق
إليها
الذوق
الإنساني
والمنطق
البشري
متفقاً في
ذلك مع
المنطق
الإلهي
لخالق هذا
الكون من
معروف, وخير,
وفضيلة,
وإحسان,
وإيثار,
وتراحم, وحق,
وجمال يتسم
بها الفعل
الإنساني. ـ كما
حملت إلينا
حوافز
العمل
العقلي,
والعمل
الحركي في
صورة يتفق
فيها
الذكاء
الإنساني
فيبدع,
ويكتشف
أسرار
الكون
الطبيعي,
ويسخرها
لعمارة
الأرض. وفي
صورة تصفو
فيها
بصيرته
فيكتشف ما
وراء الكون
من أسرار
وفي صورة
يرتبط فيها
إتقان
العمل
وإجادته
بالإخلاص
فيه
والثواب
عليه في
الدنيا وفي
الآخرة. ـ كما
حملت إلينا
أسمى آيات
التكامل
بين عمارة
الدنيا
وكسب
الآخرة.
فجعلت
العمل
للدنيا
وكأنما
نعيش فيها
أبداً,
والعمل
للآخرة
وكأنما
نستقبلها
غداً. ـ كما
حملت إلينا
أسمى آيات
التوازن
والتوسط (خير
الأمور
الوسط
والبعد عنه
شطط). ـ كما
حملت إلينا
صورة
للحياة
النظيفة
الشريفة
السامية
تتحقق في
عالم
الواقع
الاجتماعي
فيسود
العدل
والأمن
والاستقرار
حياة
الجماعة. ـ كما
حملت إلينا
قوة
تأثيرها في
مخاطبتها
للعقل
البشري,
والعاطفة
الإنسانية
في فرديتها,
واجتماعيتها,
وفي
مخاطبتها
للضمير
الإنساني
في أعماق
أعماقه. ـ كما
حملت لنا
اليسر
والبساطة
في كل أمور
الحياة مع
الجدية
والحزم
فيها. ـ كما
حملت لنا
نماذج
التفكير
ونماذج من
الفكر
العبقري
المعجز
البسيط
فهمه
واستيعابه
وممارسة
الحياة في
نطاقه. ـ
كما حملت
لنا نماذج
من التعبير
اللغوي
مستخدمة
أرقى الصور,
والمعاني
والتشبيهات
والمشاهد
الحية
المتحركة
الناطقة في
إيقاع
موسيقي
خلاب يهز
أعماق
الإنسان
ووجدانه.
ولذلك فقد
جاءت إلينا
لغة
الثقافة
الإسلامية
مختلفة
تماماً عن
لغة
الثقافة
الجاهلية
في محتواها
ومبناها. مع
أن اللغتين
يطلق
عليهما
اللغة
العربية
إلا أن
البون
بينهما غير
محدود بكل
مقياس. ومن
هنا كان عجز
العرب عن أن
يأتوا بآية
من آيات
القرآن
الكريم مع
أن الله
سبحانه
وتعالى قد
قال فيه: (إنا
أنزلناه
قرآناً
عربياً). ولهذا
عشقنا
الثقافة
الإسلامية
عن حب ورغبة,
ولم
نقاومها,
وليس في
نيتنا أن
نرفضها في
أي وقت في
المستقبل.
ومع
المحاولات
الشرسة
للنيل منها
فقد بقيت
منهاجاً
يتبع,
وأسلوباً
يمارس,
وروحاً
يملأ العقل
والوجدان
بالفكر
وبالثقة
وبالتجديد
المستمر. هذه
بعض خصائص
الثقافة
الإسلامية,
وما تثيره
من قضايا
فكرية, وما
تلقيه من
مطالب على
تربية
الناشئين
والشباب
وغيرهم من
أبناء هذه
الأمة
الإسلامية. والأسئلة
الآن التي
يطرحها هذا
البحث فيما
يتعلق
بتربية
الناشئين
والشباب هي: ـ أما
آن للتربية
أن تدرك هذه
المعاني
فتنسج لها
إطاراً
فكرياً
متمثلا
لمفاهيم
هذه
الثقافة
الإسلامية
حتى يتربى
أجيال
أمتنا في
كنفها؟. ـ أما
آن للتربية
أن تضمن
أهدافها
هذه
الأفكار,
وأن تشبع
مناهجها
بقيم هذه
الثقافة
الإسلامية,
واتجاهاتها,
وأساليبها
السلوكية؟. ـ أما
آن للتاريخ,
وللغة
وللمواد
الاجتماعية
والقومية,
وللعلوم
الطبيعية
أن تدرس في
إطار الفكر
الإسلامي,
وأن تنسج
القيم
الإسلامية
العلمية
والأخلاقية
محتوى هذه
المناهج
الدراسية,
بحيث يكون
القرآن
والسنة
مصدرين
أساسيين
لمناهج
كثير من
الدراسات
اللغوية,
والفقهية,
والقانونية,
والتاريخية,
والكونية,
والأدبية,
والفنية. ـ أما
آن (لتربيتنا)
أن تتحرر من
الأفكار
التي تناقض
الأفكار
الإسلامية,
وتعوق
وضوحها
أمام
المربين
والمتعلمين
على حد
سواء؟. أما
آن (لتربيتنا)
أن تدرك أن
كثيراً مما
يتناقض مع
فكرنا
الإسلامي
هو من وضع
أعداء
الأمة
الإسلامية
الحاقدين
عليها,
والمضمرين
السوء لها
باستمرار,
والمجندين
للمخدوعين
من أبناء
هذه للأمة
لكي
يتبينوا
هذه
الأفكار
المتناقضة
لفكرنا
الإسلامي . أما
الأسئلة
التي
يطرحها هذا
البحث فيما
يتعلق
بالتربية
غير
المدرسية
بصفة خاصة
على النحو
الذي تحدث
فيه في
الأسرة, ومن
خلال
الوسائط
الثقافية
كوسائل
الإعلام
والأندية
وغيرها فهي
كثيرة منها: ـ
ماذا يمكن
أن تقدمه
التربية
للأسرة؟.
وكيف؟. حتى
تنهض
برسالتها
الإسلامية؟. ـ
ماذا يمكن
أن تقدمه
وسائل
الإعلام
والأندية
من تثقيف
إسلامي حتى
تقوم بدور
ما في بناء
ثقافة
الأمة
الإسلامية
من جديد؟.
وكيف
تقدمه؟. إن
هذا البحث
إذ يقف عند
طرح هذه
الأسئلة
فإن
أبحاثاً
أخرى
للباحث قد
عالجت بعض
جوانب
الفكر
التربوي
الإسلامي[2],
وهي تلك
الجوانب
التي وضحت
فيها هذه
المفاهيم,
وما نلقيه
على
التربية من
مطالب
يتحتم
الاستجابة
لها من أجل
بناء كيان
الأمة
الإسلامية
كقوة
عالمية في
هذا العصر
الذي أصبحت
فكرة
العالمية
من أقوى
اتجاهاته.
والنتيجة
الحتمية في
صف من يثبت
قدرته على
تحقيق هذه
العالمية. ومع
أن صياغة
الأسئلة في
أي بحث لا
تقل أهمية
عن الإجابة
عنها, فإنه
يجدر بنا
هنا أن نضع
تصوراً
عاماً
بسيطاً
لاتجاه
الإجابة عن
مثل هذه
الأسئلة. أولا
ـ بالنسبة
لأهداف
التربية:
فمن
الضروري أن
تصاغ مشتقة
من
المصدرين
الأساسيين
للإسلام,
وهما
القرآن
والسنة,
بحيث تكون
هذه
الأهداف
محتوى
الفكر
التربوي في
إطار الفكر
الإسلامي
وبحيث يكون
هدف
التربية
النهائي هو
إعداد
الإنسان
المؤمن
بخالق
الكون,
والإنسان
الذي حدد
الله
رسالته في
صنع الحياة
على الأرض
وتعميرها. وفي
سياق هذا
الهدف
العام
تتحدد
الأهداف
النوعية
والجزئية
والخاصة
بكل مرحلة,
وكل صف, وكل
تخصص تربوي,
وكل خبرة
تربوية
بحيث
تستبطن هذه
الأهداف
جميعاً قيم
هذا
الإسلام,
وأخلاقه
ومناهجه,
وطرائقه,
وأساليبه. ثانياً
ـ بالنسبة
لمحتويات
التخصصات
المختلفة:
فمن
الضروري
أيضاً أن
تبنى
محتويات
هذه
التخصصات
بحيث تتمثل
قيم هذا
الفكر
الإسلامي. فمحتوى
اللغة
العربية
ينبغي أن
يكون
مستبطنا
لقيم
الإسلام
وأخلاقه
ومثله
العليا
وفكره بوجه
عام. كما
أن أمثلتها
واستشهاداتها
ينبغي أن
تكون من
القرآن
الكريم
والسنة
المحمدية.
فالأمثلة
التي تضرب
في النحو
والصرف
والبلاغة
والبيان
ينبغي أن
تكون من
القرآن
الكريم
وأحاديث
الرسول
وأقوال
الصحابة
والتابعين.
ويمكن أن
تختار
نماذج من
الشعر
العربي, ومن
النثر
العربي مما
تتفق في
محتواها
وآدابها مع
آداب
الإسلام
ومثله
العليا
وقيمه
المختلفة.
ذلك محتوى
اللغة
العربية في
إطار
الإسلام
متفق في قيم
ومختلف في
قيم أخرى مع
الأدب
الجاهلي
قبل
الإسلام,
ويمكن أن
ترجأ
الدراسة
المقارنة
بينهما إلى
المراحل
العليا من
التعليم
بعد أن
يتكون في
الناشئة
والشباب
قيم
الإسلام
ومثله
العليا. ولما
كانت اللغة_أي
لغة_ هي
المعبرة
اللفظية عن
محتوى
الثقافة
وعناصرها,
ولما كانت
ثقافة
الإسلام
مختلفة عن
الثقافة
العربية
الجاهلية,
فإن اللغة
في كليهما
لابد وان
تختلف مبنى
و هدفا, وهذا
ما يختلط
على بعض
المفكرين
والتربويين
الذين
يصيغون
ويبنون
مناهج
اللغة
العربية
وآدابها في
مراحل
التعليم
المختلفة. ولا
يفوتنا هنا
أن ننوه بأن
كتب
القراءة
نفسها
ينبغي أن
تبنى في
الطلاب
القيم
العربية في
إطار
الإسلام؛
بأمثلة
وقصص من
الآداب
العربية
الإسلامية,
والآداب
العربية
التي تتفق
معها مما
صيغ في إطار
قبل
الإسلام. ـ أما
بالنسبة
لمحتوى
اللغات
الأجنبية
وكتبها
فينبغي هي
الأخرى أن
تكون قيما
إسلامية.
فأهداف
تعليم
اللغة
الإنجليزية
مثلا في
بلادنا هي
إتقان
التلميذ
للغة
تركيباً
وقراءة
ونطقاً
واستعمالا,
كما أن لها
هدفاً آخر
هو بناء
شخصية
التلميذ
وقدرته على
التعبير عن
نفسه في
إطار
ثقافته هو
بما تحتويه
من قيم ومثل,
وعلى ذلك
فمحتويات
كتب
القراءة
وكتب الأدب
مثلا ينبغي
أن تكون من
ثقافتنا,
فالقصة
تكون قصة
عربية
إسلامية
بلغة
أجنبية,
وكذلك
أنشطتنا
وأهدافنا
في الحياة
ينبغي أن
تكون محتوى
لمناهج
اللغات
الأجنبية
بلغة
أجنبية,
وترجأ
دراسة
ثقافة
أصحاب هذه
اللغات إلى
مراحل عليا
من التعليم.
وبهذا
يتحقق عدة
أهداف خاصة
باللغة
نفسها إلى
جانب
أهدافنا
التي
تمليها
علينا
ثقافتنا
الإسلامية.
ومنها أن
اللغة
الأجنبية
التي تتخذ
من البيئة
والمجتمع
الذي يحيا
فيه الطلاب
موضوعات
للقراءة
تكون لغة
استعمال
يومي تجعل
للغة معاني
حياتية
يعيشها
الطلاب
باستمرار
فتتأكد
عندهم
اللغة
ويسهل
عليهم
تعلمها...الخ. وما
يقال عن
محتوى
اللغات
الأجنبية
والعربية
يمكن أن
يقال
بالنسبة
لمحتويات
المواد
الاجتماعية,
فالتاريخ
ينبغي أن
يعاد
صياغته
بحيث يبرز
القيم
الإسلامية
التي ناضل
المسلمون
من أجلها
ونشرها في
العالم منذ
جاء
الإسلام
كرسالة
عالمية
للعالم
كافة. كما أن
حوادث
التاريخ
ينبغي أن
تفسر في ضوء
الفكر
الإسلامي
وقيمة. والجغرافيا
ينبغي هي
الأخرى أن
تدرس في ضوء
المعاني
والفكر
الإسلامي.
فالأرض
والحدود
والنشاط
البشري
يمكن أن
تعالج في ظل
هذا الفكر
الإسلامي,
وكذلك
بالنسبة
لبقية
المواد
الاجتماعية
يمكن أن تجد
لنفسها
معاني
وأهداف
جديدة في
ضوء هذا
الفكر. ـ
ومحتوى
التخصصات
العلمية ـ
الطبيعية
والكيميائية
ـ ينبغي
علاجها في
ارتباطاتها
بخالق
الكون
ومبدعه,
وارتباطها
بقيم الفكر
الإسلامي
الخلقية,
والعلمية,
والإنسانية.
حينئذ نضمن
عدم انحراف
أهداف
العلم
الطبيعي
وتوظيف
نتائجه في
إفناء
البشرية من
أجل
الاستغلال
والقهر.
ونضمن أن
تكون
أهدافه في
خدمة
البشرية
وعمارة
الأرض
وتقدم
الحياة
وخدمة
القيم
وصيانتها
ونشرها على
ربوع
العالم. [1]
عبد
العزيز
كامل نظرة
الرسول إلى
الإنسان
مقال في
العربي,
سبتمبر 1977 ص ص14
ـ 19. [2]
انظر "
مفاهيم
تربوية في
الإسلام "
للباحث.
|
||||||||
|