|
||||||||
الفصل
الأول
سوف
نحاول أن
تجيب
باختصار
شديد عن
الأسئلة
الثلاثة
التي سبق
طرحها في
بداية البحث
آملين أن
تثير
الأبحاث حول
دراستها
دراسة أعمق,
وأشمل وكل
سؤال من هذه
الأسئلة
مستقر وله
فصل خاص
لمناقشته. السؤال
الأول: كيف
نرد مكونات
ثقافتنا إلى
إطارها
الحقيقي؟ إن هذا
السؤال
يحتاج في
الإجابة عنه
إلى تحليل
عدة نقاط
أهمها: 1ـ ما
هي السلبيات
التي دخلت
ثقافتنا,
وندرك أنها
في حاجة إلى
أن تتحرر
منها؟ 2ـ ما
هي الأسباب
الرئيسية في
إدخال هذه
السلبيات
إلى
ثقافتنا؟ 3ـ ما
هي السبل
التي
تستخدمها
الثقافات
الأخرى
لإضعاف
ثقافتنا
ولإجبارها
على الإبقاء
على هذه
السلبيات,
والتمادي في
الترقيع من
الثقافات
الأخرى؟ 4ـ
لماذا تحول
الاقتباس
الثقافي إلى
صراع ثقافي,
ولماذا تسبب
في وجود هوات
ثقافية؟ 5ـ
لماذا عجزت
ثقافتنا
القوية
الأصيلة عن
مواجهة
الهجمات
والغزوات
الثقافية
المتلاحقة
لها؟ إن
السلبيات في
ثقافتنا
عديدة تجل عن
الحصر.
ودراستها
تحتاج إلى
بحوث عديدة
وسوف نكتفي
بالإشارة
إلى بعضها
على سبيل
الأمثلة لا
الحصر. السلبية
الأولى ـ عدم
وضوح الرؤيا
الإسلامية: لعل
أول سلبية,
بل أخطرها
على ثقافتنا
هي أن الصلة
بين حبات
العقد
الثقافي
مفقودة عند
الغالبية في
مجتمعنا
العربي, بل
الإسلامي,
والأخطر من
هذا أن فقدان
هذه الصلة قد
منى بها كثر
من مفكري,
وكتاب هذه
الثقافة
وبعض
المدركين
منهم لحبات
العقد قد لا
يبذلون
المحاولات
العلمية
الجردة
للربط بينها
في نظام
متكامل
متناسق من
الفكر
المرتبط
بجسم
المجتمع. والأكثر
خطورة من هذا,
وذاك أن تجد
مناهضين
لهذه
الثقافة
يتولون,
وينبرون
لمحاولات
إضعافها,
وتضييع كثير
من حياتها,
وإخفاء
معالم الربط
بينها. بل
أدهى من ذلك,
وأمر أن سيطر
على كثير من
المفكرين
موجة اتهام
للمفكرين
الذين
يبحثون في
أصالة
ثقافتنا
بالجمود,
والرجعية,
والنكوص إلى
الوراء. وتحت
مظلة من هذه
السهام
الموجهة
إليها,
والحراب
النافذة في
صدورها تدخل
المؤثرات
الثقافية
الغازية
لتجديدها
منهكة القوى,
جريحة بأيدي
أبنائها,
وأعدائها
على حد سواء,
فلا تلبث أن
تأخذ جرعات
من (مخدرات)
هذه
الثقافات
المعادية
فيتخدر
جسمها
فاقداً
الوعي,
والإحساس
فلا يلبث
المشايعون
للثقافات
الغازية أن
يراهقوا في
اقتباس
عناصرها,
فيحلون محل
قيمنا قيمها,
ومحل
عاداتنا
عاداتها,
وتقاليدنا
تقاليدها,
وفكرنا
فكرها. وقد
تتقبل بعض
عناصر بنية
ثقافتنا هذا
الإحلال وهي
في وطأة
التخدير.
فإذا ما
أفاقت لحين
وجدت نفسها,
وقد دخلها(جسم
غريب), فيبدأ
الصراع,
وتحمى
المعركة
الثقافية.
والمحصلة هي
ضياع وقت
الأمة,
وجهدها, فلا
تعكف على
التفكير
الهادئ.
ويضيع عليها
فرصة الزمن
المتاح,
والإمكانات
الوفيرة
فيسبقها
السابقون في
مضمار
المعركة
الثقافية,
والحضارية
الدائرة
بينها
وبينهم؛ على
الأقل في
دائرة الوهم
لا في نطاق
الحقيقة. إن
أخطر ما تصاب
به أمة من
الأمم أن
تفقد وعيها:
فلا تحدد
إطار فكرها
العام. لأن
تحديد هذا
الإطار
معناه تحديد
لمجموعة من
القيم
المرتبطة
بمجالات
الحياة
المختلفة,
وبنيانها,
وعناصرها.
وتحديد
القيم معناه
تحديد
للإطار
المرجعي أو
لمجموعة
المعايير,
والموازين
التي توزن
بها
القوانين,
والتشريعات,
والقرارات
واللوائح
المقننة,
والمحددة,
والموصفة
لكل عمل,
ولكل سلوك
يحدث في مجال
كل عمل من
هذه الأعمال,
وهي تلك
الأعمال
التي
تتضمنها
جميع النظم
الاجتماعية
التي تكون
النظام
الاجتماعي
العام
للمجتمع. ومعنى
ذلك أن العقد
الفكري
المنفرط
تضيع في
نطاقه روابط
الأعمال,
والإدرار
المختلفة في
المجتمع.
وهذا في حد
ذاته هو الذي
فتح الباب
على مصراعيه
لكل وافد
ثقافي. ولكل
غاز ثقافي,
فترقع ثوبنا
الثقافي,
وعندما
يحاول
المصلحون
رتقه يزداد
تمزقاً في
أيديهم. إذن
يصبح ـ
والحال هكذا
ـ خلع هذا
الثوب
المرقع
أمراً
حتمياً. كما
يصبح نسج
نسيج ثقافي
متين, وأصيل
أمراً أكثر
حتمية, لأن
المجتمعات
لا تستطيع
العيش لحظة
ما بدون
ثقافة, وبدون
فكر أصيل
متماسك
الأفكار في
نظام متناسق. ويصبح
الأمر الذي
يحتاج إلى
مواجهة هو
التوفيق في
الوصول إلى
صيغة
لمعادلة
صعبة تحتمها
الظروف
والتحديات
المعاصرة,
وتضعها في
مواجهة
الثقافة
الإسلامية.
فإما أن يثبت
أن ثقافتنا
الإسلامية
قادرة على
المعاصرة
وقيادة
المجتمع
الإسلامي
إلى درجات من
الرقى لا تصل
إليها
الثقافات
الأخرى بأية
وسائل, وأما
أن تخلى
سبيلها لهذه
الثقافات
الوافدة
الغازية
تعمل ما تشاء
أن تفعله بنا. والاختيار
الثاني
اختيار
مرفوض, وغير
مقبول لسبب
بسيط أن
بلاده نفسها
قد ضاعت في
نطاقه, وزاغ
بصرها,
وتمزقت
روحها. وهي
تبحث عن بديل
ينقذها من
التردي,
والتدني
الذي نتهاوى
إليه. وقد
كان من
الممكن أن
ينقذها
فكرنا
الإسلامي,
وثقافتنا
الإسلامية
لو أننا قد
استوعبنا في
هذا العصر,
وقدمنا
نماذج حية
معاصرة
لمجتمعنا
مثالية تقود
العالم
المعاصر,
وتأخذ بيد
الثقافة
الغربية
المترنحة. أما
الاختيار
الأول فهو
المنقذ لنا,
والبشرية
جمعاء من هذا
التردي
والتدني
الفكري,
والثقافي
الإنسانيين. لقد
كان في كل
فترة من
فترات
التاريخ
البشري
تتردى فيها
البشرية,
وتتوه في
غياهب
الظلمات
تتنزل عليها
رسالة من
السماء
داعية أباها
إلى الطريق
المستقيم. أما
وقد نزلت آخر
الرسالات,
فليس
للبشرية أن
تنتظر هطول
الخير من
السماء مرة
أخرى, وبيدها
أكمل
الرسالات
وأتمها. وما
على
العارفين
بدررها
وبمفاتيحها
إلا أن
يستمسكوا
بها, وأن
يقدموها في
نماذج مجسدة
للبشرية
جمعاء ولذلك
فإن صياغة
حياتنا
الاجتماعية
وفقاً لهذه
الرسالة
الإسلامية
معناه إنقاذ
لنا,
وللبشرية
جمعاء. وليس
من مدخل لهذه
الصياغة إلا
بناء
الإنسان
المسلم,
وبناء
المجتمع
المسلم
وفقاً
لمفاهيم
التربية,
ومناهجها,
وأساليبها,
ووسائلها, في
الإسلام. ـ أما
السلبية
الثانية فقد
كانت نتيجة
طبيعية
للسلبية
الأولى, لأن
السلبية
الأولى ما هي
إلا فقدان
الرؤيا
الواضحة
المستنيرة
التي تتحدد
في نطاقها
جميع الطرق
والمسالك
والوسائل.
فباختفاء
الغايات,
وعدم وضوحها,
بل عدم السعي
لها تختفي
الوسائل,
ويتبدد
الجهد,
وبالفعل فإن
وسائلنا
وطرقنا التي
نسلكها في
حياتنا
بجميع
أبعادها هي
وسائل غير
جادة, وطرقاً
غير موصلة. فتخطيطنا
لحياتنا في
جميع النظم
الاجتماعية
من سياسية
واقتصادية,
وأمنية
وترفيهية,
وأسرية يفقد
وحدة الفكرة,
وتماسكها
وبالتالي
تتجزأ خططنا,
وتتمزق. وتنفيذنا
لخططنا وما
يتطلبه ذلك
من عمل, ومن
أخلاقيات
لهذا العمل,
ومن تنظيم
للعمل,
وإدارته ومن
قوانين
وأخلاقيات
تتعاون مع
القانون ضبط
سير العمل
نحو الغايات,
كل ذلك يصعب
تواجده أو
تماسكه في ظل
الغايات غير
الواضحة وفي
ظل غياب وحدة
الفكر
وتماسكها.
ويترتب على
ذلك تشتيت
لخططنا,
وضياع
للأخلاقيات
المرتبطة
بالأعمال
المختلفة,
وبالأدوار
المختلفة,
وبالتالي
يضعف مستوى
الإدارة
والتنظيم,
كما يضعف
مستوى
تعاملنا مع
وسائلنا
المادية,
والحفاظ
عليها,
وصيانتها,
كما يضعف
مستوى
تنفيذها
للقانون,
وتنمية
للقيم فينا,
والحصيلة
النهائية
انخفاض
مستوانا
الحضاري
والفكري عن
غيرنا. وكثيراً
ما نلجأ إلى
حلول
لمشكلاتنا
بعد ما تلح
علينا هذه
المشكلات
وتطرق
أبوابنا.
ولما كانت
المشكلات
تنشأ من عدم
تحديد خطوط
مساراتنا
نحو غاياتنا,
ولما كنا
نفتقد
وضوحاً في
غاياتنا,
وتحديداً
لها, فإن
خطوط
مساراتنا
تصبح غير
مستقيمة, أو
واضحة هي
الأخرى,
فتنشأ
المشكلات
المختلفة. ونحن
في حلنا لهذه
المشكلات قد
نلجأ إلى
حلول مطابقة
لحلول عند
غيرنا
لمشكلات
نبعت عندهم
هم. وقد نضحي
بالوعي أو
باللاوعى ـ
بكثير مما
نحرص عليه من
قيم في سبيل
الحل المؤقت
لمشكلاتنا.
فيكون
مسلكنا ـ في
أمور من
أمورناـ غير
إسلامي.
وحينما
تتراكم حلول
مشكلاتنا
على هذا
النحو أو
تتراص إلى
جوار بعضها
نجد أنفسنا
نعيش في نطاق
غير إسلامي
تماماً. ولا
يبقى لنا من
هذا (الدين
القيم) إلا
العبادات
وبعض الطقوس
الدينية إن
فقدت روحها
الإسلامي
الموجه
للحياة. ولعل
ذلك هو السبب
في اقتباسنا
لحلول
اقتصادية
غير إسلامية,
ولقوانين,
ولوائح غير
إسلامية. بل
تمادى بعض
الأشخاص في
بعض
المجتمعات
الإسلامية
في سن بعض
اللوائح غير
الإسلامية
ولم ينتفض
لها الروح
الإسلامي في
هذه
المجتمعات,
مع أنها
تتناقض
صراحة مع
الإسلام. ويتوج
هذا
الانحراف في
الاقتباس
بانحراف في
الاقتباسات
التربوية
لعناصر
التربية,
ومحتواها
الفكري
والقيمي.
ومنطلقاتها,
باستثناء
بعض (التغليفات)
اللفظية
بضرورة أن
تشتق
المناهج
والأهداف من
ثقافة
المجتمع دون
محاولات
جادة واعية
محللة
لمحتوى
القيم
الإسلامية ـ
إطار
ثقافتنا
الحقيقي ـ,
وتضمينها
الأهداف,
والمناهج,
والوسائل
التربوية. السلبية
الثالثة ـ
ضعف المستوى
اللغوي لدى
المسلمين: أما
السلبية
الثالثة فهي
تبدو في
القصور
اللغوي عند
كثير من
المتصدين
لقضايا
الفكر,
والحياة.
واستخدامهم
للغة
العامية
بدلا من
اللغة
العربية
الفصيحة
الأصيلة...
لغة القرآن
الكريم الذي
استوعب كل
صغيرة
وكبيرة في
الحياة. وما
بعد الحياة (إنا
أنزلناه
قرآناً
عربياً) وأدى
قصور هؤلاء
القوم إلى
إظهار اللغة,
وكأن بها
قصوراً في حد
ذاتها. مما
دعا البعض من
الجاهلين
بأعماقها
واتساعها,
وعرضها
وجوهرها.
وسلاستها أن
يتجرءوا
عليها,
ويدعون إلى
إحلال لغات
أخرى محلها
أو إحلال
الحروف
اللاتينية
محل حروفها. وفي
هذا المجال
تجرى
محاولات
لتدعيم
اللهجات,
ومساعدتها
على هزيمة
اللغة
العربية
الفصحى.
وهيهات لهذه
المحاولات
أن تنجح, فهي
إمام الفصحى
أو هي من
خيوط
العنكبوت. كما
تجرى
محاولات
الشعر
بالعامية,
وكتابة
الشعر دون
قوانينه
الأصيلة. وهي
محاولات
محكوم عليها
بالفشل.
لأنها لم
تخلق شاعراً
ذا عبقرية,
وإنما خلقت
أقزاماً من
الناس
يرتادون
المقاهي, ولا
يجدون لهم
قراء ذواقين
أو يجدون لهم
من يتقبلهم
من عمالقة
الفكر
والأدب. ويبدو
هذا القصور
واضحاً في
ضعف المستوى
اللغوي في
مراحل
التعليم
المختلفة,
وبخاصة في
المرحلة
الابتدائية,
وهي أساس
للبناء
اللغوي لدى
الأجيال
الملتحقين
بها. ويعزى
ذلك بالدرجة
الأولى إلى
انخفاض
المستوى
اللغوي لدى
معلمي هذه
المرحلة بعد
أن قل نصيب
القرآن
وعلومه في
مناهج
إعدادهم.
فبعد أن
كانوا يعدون
في إطار
إسلامي
تماماً في (مدارس
المعلمين
العامة), (والأزهر)
حيث كان
القرآن
وعلومه هي
الأساس في
إعداد
الطلاب
إعداداً
فكرياً,
وقيمياً,
ولغوياً,
أصبحوا
يعدون من
خلال مناهج
تعطى لهذه
الدراسة
قدراً قليلا
في أوزان
المناهج
والوسائل. وصحيح
أن هذه
المناهج
التي كان يعد
من خلالها
المدرسون في
مدارس
المعلمين
العامة
والأزهر,
كانت في حاجة
إلى إعادة
صياغة بما
يتواكب مع
متغيرات
الحياة إلا
أنها بدلا من
أن تطور في
اتجاه صحيح
قضى على
مقوماتها
الأصيلة. وهذه
الصورة
البسيطة
التي
عرضناها ما
هي إلا قليل
من كثير يذكر
في هذه
السلبية. إلا
أن النتيجة
التي تترتب
على سلبية
محاولات
إضعاف اللغة
العربية هي
أنها نجحت في
خلق أجيال لا
تتمكن من
اللغة
العربية ومن
جوهرها
وبالتالي
فقد تسبب
ضعفهم
اللغوي هذا
في عدم
قدرتهم على
فهم مفاهيم
الإسلام
بوعي وبصيرة. ولعلنا
نعيد هنا
ثانية
التساؤل عن
مغزى الآية
الكريمة (إنا
أنزلناه
قرآنا
عربياً).
|
||||||||
|