تصنيف
العصاب يخضع المشرع
الإسلامي،
العصاب لأكر
من تصنيف،
ولأكثر من
منهج. فالمشرع
يصنفه كما
قلنا حيناً
من الزاوية
النفسية
الخالصة: على
نحو ما هو
مألوف من
الأبحاث
الأرضية:
سواء أكان
ذلك متصلاً
بالأمراض
العامة، أو
الأمزجة، أو
السمات. كما يصنفه
حيناً
ثانياً من
الزاوية
الفكرية
الخالصة.
ويصنفه
حيناً
ثالثاً من
الزاويتين
جميعاً،
رابطاً بين
العصاب
النفسي
والعصاب
الفكري
جاعلاً
منهما (وحدة)
لانفصام بين
جزئياتها. ومستويات
التصنيف
المذكور،
تتخذ حيناً
شكل قوائم
شاملة
مستوعبة لكل
مفردات
السلوك،
وتتخذ حيناً
آخر رقماً
غير محدد: قد
يكون واحداً
أو أكثر، وقد
يصاغ في
ثنائيات أو
ثلاثيات أو
رباعيات...
الخ. حسب (السياق)
الذي ترد
المعالجة من
خلاله. ويهمنا من
المستويات
المذكورة أن
نشدد على
أبراز
الجانب
النفسي من
التصنيف،
ومن ثم:
إبراز (وحدة)
العصاب
النفسي
والفكري:
بصفة أن هذين
الجانبين
يبلوران
مفهوم
العصاب في
التصور
الإسلامي
وافتراقه عن
التصور
الأرضي،
بنحو متميز،
وبخاصة:
الجانب
الأخير (أي:
وحدة العصاب
الفكري
والنفسي). لعل أبرز
المعالجات
التي تتناول
الصلة بين
المرض
النفسي
والمرض
الفكري، هي
معالجة
الإمام علي (ع)
في نص يوازن
فيه بين
ثلاثة أنماط
من السلوك. 1 ـ الكفر. 2 ـ النفاق. 3 ـ الإيمان. طبيعي: أن
كلاً من "الكفر"
و"النفاق"
يجسدان
المرض. في
حين أن "الإيمان"
يجسد السلوك
السوي. بيد أن ما
يعنينا هو:
أن الإمام
علياً (ع) جعل
كلاً من
الاتجاهات
الفكرية
الثلاثة
قائماً على
أساس نفسي
صرف: فجعل
الإيمان
قائماً على
أساس نفسي
سليم (وهو:
السوية)،
وجعل الكفر
والنفاق
قائمين على
أساس نفسي
مضطرب (وهو:
الشذوذ أو
العصاب أو
المرض). ومن الواضح
أن الكفر هو
رفض
الاعتقاد
صراحة بوجود
المبدع
وتعاليمه.
إما النفاق
فهو بدوره
رفض للمبدع
وتعاليمه،
إلا أنه رفض
غير صريح، بل
رفض باطني،
تملي
المصلحة
الذاتية على
صاحبه أن
يظهر خلافه. والمهم، أن
كلاً منهما
يمثل
أسلوباً
مرضياً في
التعامل مع
السماء
وتعاليمها. والآن: ما هي
الأسس
المرضية
لهذا
التعامل؟ لنقرأ ما
كتبه الإمام
(ع) في هذا
الصدد.
ولنبدأه
بالحديث عن "الكفر":
يقول (ع): "بني
الكفر على
أربع دعائم:
الفسق،
والغلو،
والشك،
والشبهة. والفسق
على أربع
شعب، على
الجفاء،
والعمى،
والغفلة،
والعتو... والغلو:
على أربع
شعب، على:
التعمق
بالرأي،
والتنازع
فيه،
والزيغ،
والشقاق: فمن
تعمق لم ينب
إلى الحق،
ولم يزدد إلا
غرقاً في
الغمرات،
ولم تنحسر
عنه فتنة إلا
غشيته أخرى.
ومن نازع في
الرأي وخاصم:
شهر بالحمق
من طول
اللجاج الخ. والشك
على أربع شعب
على: المرية،
والهول،
والتردد،
والاستسلام. والشبهة
على أربع شعب
على: اعجاب
بالزينة
وتسويل
النفس،
وتأول
العوج، ولبس
الحق
بالباطل. إن هذا النص،
يتضمن عشرين
(20) نمطاً من
السلوك: كلها
تنتسب إلى (المرض)
و(العصاب)
بمعناها
الأرضي، دون
أن يتضمن أي
نمط من
السلوك
بالموقف
الفلسفي من
الحياة: فـ(الغلظة)
في الطبع
مثلاً و(الفضاضة)
في الخلق، و(الخرق)
في التعامل،
وعدم الصلة
والبر
والرفق: كلها
إفصاح عن (الجفاء)
الذي جعله
النص أول
سلوك من شعبة
(الفسق) وأول
دعامة من "الكفر"،...
هذه الأنماط
من السلوك
تظل ذات طابع
نفسي صرف،
مادامت تتصل
بالنزعة
العداوانية (من
غلظة وقسوة
ونحوهما)،
فيما تقف في
أعلى السلم
من افرازات
العصاب. أما الدعامة
الثانية من (الكفر)
فتتمثل في (الغلو)،
ويتفرع عنها
أنماط من
السلوك، مثل
(التعمق،
التنازع الخ).
وواضح أن (الغلو)
بعامة هو:
المبالغة في
التعامل مع
الظواهر،
وتحميلها
أكثر من
الواقع، بما
تستتليه من (عناد)
و"مخاصمة"
ودخول إلى
عوالم
الوهم،
والتداعي
المريض في
الاستجابة (لم
تنحسر عنه
فتنة إلا
غشيته أخرى)،...
هذه الانماط
من السلوك
تعرفها لغة
علم النفس
المرضي بنحو
واضح، لا
يحتاج إلى
التعقيب. أما الدعامة
الثالثة،
فتقوم على
ظاهرة (الشك).
ولا حاجة
أيضاً إلى
التعقيب على
(الشك)
وانتسابه
الواضح إلى
العصاب: في
سريانه وراء
عصاب القلق،
والحصر،
والهستيريا...
الخ. وأما
الدعامة
الأخيرة،
فهي: (الشبهة)،
وهي بدورها
واضحة الصلة
بالأمراض
النفسية،
مادامت لا
تتعامل مع
الظواهر
بنحوها
السليم،
بقدر ما
يتعامل
المريض من
خلالها ـ مع
أوهامه (يتأول،
يتسول،
يلابس الخل)
دون أن
يستبصر
حقيقة سلوكه
القائم على
رواسب
قاتمة،
غائبة عن
وعيه. إذن: هذه
القائمة
المتضمنة
عشرين نمطاً
من السلوك،
تجسد سمات
مرضية،
يقرها علم
النفس
الأرضي
تماماً: مما
يفسر ـ بوضوح
أن الشخصية (الكافرة
ـ غير
المؤمنة
بالله) إنما
تنطلق من أسس
نفسية مريضة
في سلوكها
حيال السماء.
ومن ثم، يعني
أن العصاب
النفسي
والفكري،
يشكلان (وحدة)
لا انفصام
لها. وأما (النفاق)
بصفته شطراً
آخر من (الكفر)،
فينتسب
بدوره على
أسس نفسية
مريضة في
التعامل مع
السماء. فالنفاق
بعامة، يعني:
تقمص
الشخصية
وارتداءها
قناعين
مختلفين. ولا
أدل على
طابعها
المرضي من
انتسابها
إلى ما يسميه
أحد علماء
النفس بـ(الشخصية
النفعية):
وهي واحدة من
انماط أربعة
يسمها
الباحث
المذكور (فروم)
بسمات (الانتهازية)
و(الحقد) و(التحايل)
و(الغيرة).
وهذه السمات
لمطلق
الانتهازي. وقد قدم
الإمام علي (ع)،
وصفاً
دقيقاً
للنفاق،
ضمنه أيضاً
عشرين (20)
نمطاً من
السلوك،
تقدم
بأكملها على
أسس نفسية
مريضة.
واعتبرها
خلفية
للموقف
الفلسفي من
الكون
متجسداً في
شخصية (المنافقين)
الذين
يرتدون
قناعين في
موقفهم من
السماء. ولنقرأ ما
كتبه الإمام
علي (ع) في هذا
الصدد: "النفاق،
على أربع
دعائم، على:
الهوى،
والهوينا،
والحفيظة،
والطمع.
فالهوى، على
أربع شعب،
على: البغي،
والعدوان،
والشهوة،
والطغيان. والهوينا،
على أربع
شعب، على:
الغيرة،
والأمل،
والهيبة،
والمماطلة. والحفيظة،
على اربع
شعب، على:
الكبر،
والفخر،
والحمية،
والعصبية. والطمع،
على أربع
شعب، على:
الفرح،
والمرح،
واللجاجة،
والمكاثرة. هذه القائمة
من أنماط
السلوك،
تحدد بوضوح
أصول النفاق
الفكري (الموقف
الفلسفي
المنافق
حيال السماء)،
وكلها قائمة
على أعراض
مرضية لا
تحتاج إلى
التعقيب في
وضوح صلتها
بالعصاب
الفسي. إن العصبية،
والحمية،
والكبر،
والمماطلة،
والخيلاء،...
الخ، تعد
أمثلة واضحة
في حقل
الأمراض
النفسية: مما
يعني أن أي
موقف (منافق)
حيال رسالة
السماء،
إنما يستند ـ
في خلفياته ـ
إلى سمات
الشخصية
العصابية،
وليست
الشخصية
السوية.
ويعني ـ من
ثم ـ إن
العصاب
الفكري
والنفسي
يشكلان (وحدة)
لا ينفصم
أحدهما عن
الآخر. على
أن مما تجدر
ملاحظته، أن
الفارق بين
العصابيين (الكفر
والنفاق)
إنما يستند
إلى الفارق
بين نمطين من
الاستجابة
المريضة
حيال
الظواهر:
فهناك
استجابة
مريضة تتصل
باضطرابات
التفكير مثل:
العمى،
والغفلة،
والشك
والشبهة
والالتباس
وسواها من
القائمة
المتضمنة
أصول (الكفر)،...
يقابلها:
الاستجابة (النفعية)
التي تتعامل
مع الظواهر
بمقدار ما
تحققه من
اشباع مريض
لحاجات (الذات)،
مثل: اللعب
واللهو
والأمل
والاغترار،
والتكبر،
والفخر
وسواها من
أنماط
السلوك التي
تضمنتها
قائمة (أصول
النفاق). من هنا،
ينبغي أن
ندرك مدى
الدقة التي
انطوت عليه
ملاحظة
الإمام علي (ع)
في تفرقته
لنمطي
العصاب:
الكفر
والنفاق، "فالكفر"
تنسحب
اضطرابات
تفكيره مع
الظواهر
العامة، على
نمط (تفكيره)
حيال السماء:
"فالأعمى"
لا يبصر
حقائق
الحياة، و(الغافل)
تحتجزه
غفلته عن
الاستبصار. و(الشاك)
يمنعه الشك
من اليقين
بالحقائق، و(المشتبه)
يزرع ضباباً
حولها،
وهكذا... هذا
التعامل مع
الحقائق
اليومية
ينسحب على
تعامل
المريض مع (السماء)
أيضاً،
فنجده ينطلق
من نفس (العمى)
في عدم
استبصاره
بحقائق
السماء، ومن
نفس (الغفلة)
عنها، ومن
نفس (الشك)
بها، ومن نفس
(الشبهة)
حيال حقائق
السماء. إذن: العمى،
والغفلة،
والشك،
والشبهة
وسواها من
القائمة
التي تضمنت (20)
نمطاً من (أصول
الكفر)، تظل
تعبيراً عن
اضطرابات (التفكير)
بعامة، حيث
تنسحب على
اضطراب
التفكير
حيال السماء
أيضاً:
وتنقاد
الشخصية في
نهاية
المطاف إلى (الكفر). فإذا اتجهنا
إلى (النفاق)،
لحظنا أن
الأصول
النفسية له
تنسحب
بدورها على (النفاق
العقائدي) من
خلال
التعامل (النفعي)
مع الظواهر،
ونشدان
الاشباع
المريض
لحاجات
الذات. من هنا، نجد
أن الإمام
علياً (ع) لم
يضمنها سمات
(الكفر) (مع
أنهما
مشتركان في
سمات عامة
لكل
العصابيين)
بل ضمنها
ظواهر تتصل
بالتعامل (النفعي)
مع الأشياء،
فالمريض
الباحث عن
الاشباع (النفعي)
للذات، يظل
يعني بـ(الأمل)،
و"يغتر" بما
حققه من
اشباع، و(يتهيب)
من الإحباط
ويتجه إلى
اشباع وهمي
من خلال (التكبر)
و(الفخر) و(التعصب)
وسواها... هذا النمط مع
التعامل (النفعي)
المريض مع
حقائق
الحياة
اليومية،
ينسحب على
تعامل
المريض مع
حقائق "السماء"
أيضاً: فنجده
حفاظاً على
مكتسباته
الاقتصادية
والاجتماعية
يعلن ـ
ظاهراً ـ
إيمانه
بالسماء،
لكنه (ينهزم)
عند اعلان (الجهاد)
مثلاً. على أية حال،
يعنينا مما
تقدم، أن
نشير على أن
الاتجاهات
الفكرية (غير
المرتبطة
بالسماء) تظل
في موقفها
المذكور،
ذات صلة
بجذور مرضية:
الأصل فيها،
أن تعاملها
مع وقائع
الحياة التي
تواجهها، قد
انسحبت على
تعاملها مع
السماء، على
نحو ما
أوضحناه. وهذا ما يفسر
لنا (وحدة)
العصاب
النفسي
والفكري عبر
واحد من
التصنيف
الذي يقدمه
المشرع
لأنماط
العصاب. إن أهمية
التصنيف
المذكور إلى
(أربعين)
مفردة من
أعراض (العصاب)،
تتمثل في
عملية (الحصر)
أولاً: أي
عملية (ترقيمها)
في عدد محدد
من المفردات.
وهذا العدد
المحدد لم
تتوفر عليه
تصنيفات
البحث
الأرضي بكل
أشكالها. وتتمثل
أهميتها
ثانياً في
أنها تجسد (أصولاً
نفسية) عامة
تغلف
الآدميين
كافة من حيث
انتسابها
إلى أحد قطبي
الشخصية (الشهوة
أو الذات) من
حيث
اقتيادها
إلى
الإلتواء
الفكري، لا
أنها (مفردات)
من السلوك
الذي يميز
فرداً عن آخر. وتتمثل
أهميتها
ثالثاً في
انشطارها
إلى
مجموعتين من
"الأصول"
هما: ضبابية
الاستجابة
ووضوحها. وهاتان
الخصيصتان
هما افراز
الجانب
الشهوي أو
الذاتي من
الشخصية بكل
أشكال
سلوكها: أياً
كان هذا
السلوك. ولنضرب
أمثلة على
ذلك،
نستقيها من
التصنيف
الأرضي نفسه: ولنقف عند
التصنيف
العصابي
للأمراض (القلق،
الكآبة،
الحصر،
الوسواس،
الهستيريا،
الوهن
العصبي،
المخاوف). فهذه
الأمراض لا
تخلو من
استجابة
ضبابية، أي:
ضياع الخيط
الذي يحقق
لدى الشخصية
اشباعاً
تنشده في
عملية بحثها
عن اللذة. فالشخصية (القلقة)
لا قرار لها،
نتيجة لعدم
وضوح
الأسباب
المقلقة، أو
لبس الأهداف
التي تنشدها. والشخصية (الكئيبة)
يلفها العجز
واليأس وعدم
الثقة،
نتيجة
للغموض
المتقدم
نفسه من حيث:
الأسباب
والأهداف. أما الشخصية (الخائفة)
فلا تحتاج
إلى التعقيب. وأما
الشخصية (الحصرية)
و(الموسومة)،
مع الغموض
الذي يلف
استجابتها،
لا تحتاج
بدورها إلى
التعقيب،
مادام (الموسوس)
يتعامل
أساساً
بغموض مع
الظواهر،
ومادام (الحصري)
تتسلط عليه
الأفكار
بالمستوى
ذاته من حيث
غموض المصدر
والهدف. وحين نتجه
إلى (آليات
الدفاع)
نجدها
جميعاً
خاضعة لنمطي
الاستجابة
المضببة أو
الواضحة،
فهي من جانب
مضببة
مادامت
أساساً
نابعة من (لا
شعور)
الشخصية،
فالفرد الذي
(يسقط) عيوبه
على
الآخرين،
يظل جاهلاً
مصدر تجاربه
الطفولية
التي رسبت في
لا شعوره،
والذي يقدم (تبريراً)
لسلوكه
المعيب يظل
متصفاً
بالسمة
ذاتها. و(الناكص)
نحو السلوك
الطفلي
محكوم بنفس
الظاهرة،
وهكذا. وأما ظاهرة (الوضوح)
في
الاستجابة،
فتتمثل في
وضوح (الأهداف)
التي تنشدها
الشخصية في
بحثها عن
اللذة. وأوضح
أمثلتها:
الشخصية
السيكوباثية
التي تتعامل
بوضوح مع كل
الظواهر:
كالمنحرف
جنسياً،
والسارق،
والخمير،
والمعتدي، و...
الخ، فكل هذه
الأنماط
حينما
تتعامل مع
الظواهر
المذكورة
إنما يتسم
تعاملها بـ(وضوح)
الاستجابة (النفعية)
لديها، تنشد
الاشباع
العاجل بأي
ثمن كان. ومع أنها
تشترك مع
الفئات
المريضة
السابقة (أي:
القلقة،
الكئيبة،
الحصرية،
الموسوسة،
الخائفة...)
بضبابية
المصدر
والهدف من
وراء
سلوكها، إلا
أن الطابع
العام
لاستجابتها
يتمثل في (وضوح)
الاشباع
الذي تلح على
تحقيقه، في
حين أن
الطابع
العام
للفئآت
السابقة هو (ضبابية)
أو (تمزق)
استجابتها
من حيث
التوتر الذي
تحياه
دائماً. إذن: كل أنماط
السلوك
العصابي لا
تخلو من احدى
استجابتين
أو كلتيهما
على النحو
الذي حدده (ع)
في
التصنيفين
المذكورين.
وهذا كله من
حيث انشطار
الأصول
النفسية إلى
مجموعتين أما من حيث
ترقيمها في (40)
مفردة، فإن
ذلك مفصح عن
ان كل أنماط
السلوك
العصابي
والمتصل
بالموقف
الفكري). (أياً
كان نمطها)
لا يخلو من
واحد أو أكثر
من الأصول
المذكورة،
وإلى أنها
تشكل (جذوراً)
لها. إن أهم ما
ينبغي لفت
الانتباه
إليه هو: حصر
السلوك
العصابي في
نمطين لم
يلتفت
إليهما أي
باحث طوال
تاريخ علم
النفس
المرضي،
ونعني بهما:
الكفر
والنفاق. أي،
أن السمات
العصابية
التي يحددها
علماء النفس
في قوائم أو
يصنفونها
وفق فعاليات
دفاعية، أو
أمراض عامة،
أو أمزجة أو
غيرها، كل
هذه
التصنيفات
غافلة عن
امكان حصرها
في سلوكين
رئيسين
عامين يتفرع
عنهما كل
مفردات
السلوك،...
فالعصاب أما
يكون (كفراً)
أي: نكراناً
لحقائق
الحياة
وارتباطها
بمبدع، أو (نفاقاً)
أي: بحثاً عن
اشباع ذاتي.
وكلاهما
باقرار
علماء النفس
(مرض)،
فالمنكر
للحقائق
يحيا في عالم
الوهم، وهو
سمة رئيسة
للمرض،
والباحث عن
الاشباع
يحيا في عالم
الذات وهو
سمة رئيسة
أيضاً، أي:
ان السمتين
الرئيسين
هما اللتان
يتفرع عنهما
كل أنماط
السلوك. إذن: نلفت
الانتباه
للمرة
الجديدة إلى
أهمية هذا
النص للإمام
علي (ع). كان التصنيف
المتقدم
للإمام علي (ع)
يتناول "الأصول
النفسية"
للعصاب. ونواجه الآن
تصنيفاً
للإمام
الصادق (ع)
يتضمن (75)
مفردة من
أنماط (السلوك)،
يتناول
بالإضافة
إلى ما هو (مزاجي)
منه، ما هو (فكري)،
وما هو (إدراكي)
أيضاً. والفارق بين
التصنيفين
ان الأخير
منهما شامل
لكل الأصول:
أي: لكل
افرازات
الجانب (الشهوي
ـ الذاتي)،
والجانب (العقلي
ـ الموضوعي)
في تركيب
الشخصية. وقد سبقت
الاشارة إلى
أن (الجانب
الإدراكي)
لدى الشخصية
غير منفصل عن
(الجانب
الوجداني)
منها. كما ان
العصاب (النفسي)
غير منفصل ـ
في التصور
الإسلامي ـ
عن العصاب (الفكري). وفي ضوء هذه
الحقيقة،
يجيء
التصنيف إلى
(75) مفردة،
نمطاً آخر،
مستوعباً
لكل الأصول
التي يتحرك
الآدميون من
خلالها في
شتى
استجاباتهم
حيال
الظواهر. ولنقف عند
هذا التصنيف:
حيث يقدم
الإمام
الصادق (ع)
مفردات
السلوك (السوي)
قبال السلوك
(العصابي) في
قامة
يستهلها
بالإشارة
إلى مصطلحي (الخير
والشر): حيث
يجعل الأول
منهما
تجسيداً
للجانب (العقلي)
من الشخصية،
والآخر
تجسيداً
للجانب (الشهوي
ـ الذاتي)
منها: مع
ملاحظة أنه
يستخدم
مصطلحي (العقل
والجهل)
بديلين
لمصطلحي (العقل
والشهوة)
بصفتهما
شطري
الشخصية. ولنقرأ
القائمة: حيث
تضع قبال كل
سمة
إيجابية،
سمة سلبية
على نحو ما
نلحظه في
تصنيفات
البحث
الأرضي
لسمات
الشخصية:
يلاحظ في
القائمة
المذكورة،
انها تتناول
أصولاً عامة
للعصاب من
نحو: الحقد
القسوة،
الانتقام،
البغض،
الخيانة،
الغدر،
المماكرة،
النميمة،...
وهي جميعاً
سمات لافتة
لـ(الشخصية
العدوانية). كما أن سمات
من نحو:
الحزن،
الشقاء،
الجزع،
السخط،
اليأس،... تظل
طوابع
للشخصية (المنطوية)
و(المكتئبة)،
فضلاً عن أن
سمات من نحو:
الشك
الجحود،
الإنكار،
النكول،...
تظل طابعاً
للشخصية (القلقة)،
وهكذا. ولا يغيب عن
بالنا، أن
بعض السمات
التي وردت في
القائمة
المذكورة،
تمثل سمات
عقلية من نحو:
الغباء،
النسيان... والمهم: إن
السمات
البالغ
عددها أكثر
من (70) سبعين
سمة، تظل
أنماطاً من
السلوك
العصابي
الذي تألفه
البحوث
الأرضية في
شتى
تصنيفاتها
لأمراض
العصاب أو
لسمات
الشخصية
المريضة: في
حين أن
السمات (الفكرية)
الخالصة
تمثل سمة
واحدة أو
اثنتين،
وردت في أول
القائمة،
ونعني بها
سمة (الكفر)
ومقابلها (الإيمان)،
مما يعني مدى
صلة الأمراض
النفسية ـ في
شتى أنماطها
ـ بالمرض
الفكري (الكفر)
وتواشج
الأصول
النفسية
لهما، أي:
وحدة العصاب
الفكري
والنفسي،
مقابلاً
لوحدة
السوية
نفسياً
وفكرياً. إن
التصنيفين
المتقدمين،
يشكلان
أصولاً
نفسية لكافة
أنماط
السلوك.
وهناك نمط
ثالث من
التصنيف
يتناول
الحاح
وأهمية بعض
الأصول
بالقياس إلى
سواها، كما
يتناول
الجانب
البيولوجي
من الأصول من
حيث طرائق
اشباعه من
خلال
الإلحاح
والأهمية
ذاتها. وهذا النمط
من التصنيف
بدوره،
يتناول
الصلة بين
العصاب
الفكري
والعصاب
النفسي: من
خلال
الإشارة إلى
الجذور
التاريخية
لنشأة
العصاب،
وانسحابه
على الموقف
الفكري. ولقد أشارت
نصوص
التشريع إلى
أن كلاً من
التكبر
والحرص
والحسد ـ وهي
سمات نفسية
كما هو واضح
ـ كانت السبب
وراء أول
تمرد على
السماء
وتعاليمها. يقول الإمام
علي بن
الحسين (ع) في
هذا الصدد: "...
للمعاصي شعب:
فأول ما عُصي
به الله
الكبر: معصية
أبليس حين
أبى واستكبر... ثم
الحرص وهي
معصية آدم
وحواء... ثم
الحسد وهي
معصية ابن
آدم حيث حسد
أخاه فقتله". ويشير
الإمام (ع)
بعد ذلك إلى
سمات سبع
تسلسلت
تاريخياً أو
تعاقبت
بعامة بعد
السمات
الثلاث
المذكورة،
يقول (ع): "فتشعب
من ذلك: حب
النساء وحب
الدنيا وحب
الرئاسة وحب
الراحة، وحب
الكلام وحب
العلو وحب
الثروة،
فصرن سبع
خصال،
فاجتمعن
كلهن في حب
الدنيا".[1] وفي نص آخر
للنبي (ص): جاء
قوله: "أول
ما عصي به
الله ستة: حب
الدنيا، وحب
الرئاسة،
وحب الطعام،
وحب النوم،
وحب الراحة،
وحب النساء".[2] ويهمنا من
النصوص
الثلاثة
المتقدمة،
ربطها بين (المعصية)
ـ وهي موقف
فكري يتمثل
في التمرد
على أوامر
السماء ـ
وبين سمات
نفسية مرضية
هي: الكبر،
والحسد،
والحرص، ثم
سمات نفسية
تتصل بطرائق
الإشباع
المرضي
لدوافع
الجنس
والطعام
والتفوق
وغيرها. إذن: نستخلص
من كل ما
تقدم، أن كل
مستويات
التمرد على
السماء
وتعاليمها،
ناجمة من
المرض
النفسي وليس
من موقف فكري
موضوعي: سواء
أكان التمرد
يتجسد في
إنكار
المبدع
للكون، أو
عدم
الالتزام
بتعاليمه.
مما يعني من
ثم: وحدة
العصاب
الفكري
والنفسي،
فيما لا سبيل
إلى فصم
أحدهما عن
الآخر. والمهم بعد
ذلك أن نشير
إلى أن
المشرع
الإسلامي في
نظرته
للعصاب أو
للمرض
النفسي يخضع
العملية
لاكثر من
تصنيف، منها:
هذا التصنيف
الذي يربط
بين الأمراض
النفسية
وبين
الاتجاهات
الملحدة أو
غير
الملتزمة
بمبادئ
السماء على
تنوع
السمات،
وتميزها في
سمات عامة،
وخاصة. مع
ملاحظة أن
أكثر من باحث
أرضي قد
انتبه إلى
وجود مثل هذه
الصلة بين
المرض
النفسي وبين
الإلحاد أو
مطلق التمرد
على المبادئ
الدينية. على أية حال،
... إذا
تجاوزنا هذا
النمط من
التصنيف ـ
وهو ينطوي
دون شك على
خطورة بالغة
المدى ـ
مادام يلقي
الضوء على
الصلة بين
المرض
والموقف
اللاديني...
أقول: إذا
تجاوزنا هذا
النمط من
التصنيف،
أمكننا أن
نتجه إلى
تصنيف آخر:
يتناول
المرض
النفسي من
الزاوية
الخالصة: أي
الزاوية
التي يألفها
البحث
الأرضي في
معالجته
لهذا الجانب. فما هي
تصوراته في
هذا الصدد؟ إذا دققنا
النظر في
معالجة
الإمام علي (ع)،
أمكننا أن
نرصد أربعين
(40) سمة مرضية.
وإذا دققنا
النظر في
القائمة
التي قدمها
الإمام
الصادق (ع)،
أمكننا رصد (75)
خمس وسبعين
سمة مرضية..
هذه السمات
مع تداخل
البعض منها
بالآخر،
تشكل قائمة
شاملة لكل
أنماط
السلوك
المرضي: سواء
أكانت
السمات
متصلة
بالجانب
النفسي أو
لنقل
بالجانب
المزاجي من
الشخصية، أو
كانت متصلة
بالجانب
الأخلاقي،
أو كانت
متصلة
بالجانب
العقلي... وهذا يعني أن
القائمتين
المذكورتين
تمثلان
تصنيفاً
احصائياً
لنمط من
السمات التي
لا ترقي إلى
درجة المرض
النفسي
الخطير، أي:
المرض الذي
يمثل
اضطراباً
وظيفياً
كالهستيرياً
والحصر،
والكآبة
ونحوها، كما
لا يصل إلى
درجة
الأمراض
السيكوباتية
التي تمثل
انحرافاً
خطيراً في
سلوك
الشخصية... بل
تبقى سمات
عامة تعرض
للأفراد
جميعاً بنسب
يختلف حجمها
من واحد
لآخر، قد يصل
تضخمها إلى
درجة المرض
النفسي
الخطير، وقد
لا يصل إلى
ذلك والمهم،
أنها تظل
أعراضاً
مرضية مفصحة
عن عدم توازن
الشخصية، أي:
أنها مؤشر
إلى أن
الشخصية
يسمها طابع (العصاب)
لا (السوية). والمشرع
الإسلامي
حين يعنى
بهذا
الجانب،
ويحرص على
تصنيف شامل
لكل السمات
على النحو
الذي
لحظناه،
إنما ياخذ
بنظر
الاعتبار
عمومية هذه
السمات
وانسحابها
على غالبية
الأفراد، مع
ما يصاحب ذلك
من امكانية
محوها،
واجراء
عمليات
التعديل لها. وخارجاً عن
ذلك، فإن
الأمراض
التي يخلع
البحث
الأرضي طابع
الخطورة
عليها ونعني
بذلك:
الأمراض
العصابية
المعروفة:
عصاب
الكآبة،
والنورستانيا،
والهستيريا،
ونحوها.. هذا
النمط من
الأمراض
يتناوله
المشرع
الإسلامي من
زاوية أخرى
تتصل بالطب
العقلي،
بضمنها:
أمراض
الذهان
أيضاً، حيث
يقوم
بتشخيصها،
مقدماً
توصياته
الطبية في
معالجاتها،
وهو أمر خارج
عن نطاق
دراستنا
النفسية
الخالصة. بيد أننا لا
نعدم
الإشارة إلى
بعض الأمراض
الخطيرة أو
غير الخطيرة
مما يتصل
بهذا النمط
من الأعراض،
يتوفر
المشرع
الإسلامي
عليها،
مشيراً
إليها من
خلال تصنيف
ثنائي أو
ثلاثي أو
رباعي أو
أكثر في هذا
الصدد من نحو
قوله (ع) في
صدد بعض
السمات التي
لا تكاد تخلو
منها شخصية. "ثلاثة
لم ينج نبي
منها فما
دونه: التفكر
في الوسوسة
في الخلق،
والطيرة،
والحسد".[3] وفي صدد
السمات
الجسمية
وصلتها
بالمزاج: "خمسة
خلقوا
ناريين:
الطويل
الذاهب،
والقصير
القمئ..." الخ.[4] وفي صدد بعض
الممارسات
المتصلة
بالوسواس: "أربعة
من الوسواس:
أكل الطين،
وتقليم
الأظافر..." الخ.[5] وفي صدد بعض
الآثار
الكيميائية
وغيرها في
انسحابها
على سمة
عقلية هي
النسيان: "تسعة
تورث
النسيان،
أكثل التفاح
الحامض" الخ.[6] وفي صدد بعض
الأمراض
الخطيرة في
الشخص،
وصلتها
بالمزاج: "فإذا
حلت به
الحرارة: أشر
وبطر وفجر
واهتز وبزخ.
وإذا كانت
باردة: اهتم
وحزن
واستكان
وذبل ونسي
وأيس".[7] إن أمثلة هذه
النصوص،
تتناول
تشخيص بعض
السمات
المزاجية
والعقلية:
بعضها ينتسب
إلى أمراض
خطيرة
وبعضها إلى
ما دون ذلك،
فالنص
الأخير
مثلاً يجسد
فيما يسميه
البحث
الأرضي بسمة
"المرح"
مقابل "الاكتئاب"،
حيث يتصف
المريض في
الحالة
الأولى
بالانشراح
المطلق
والفكاهة
والثرثرة
وما إليها،
وفي الحالة
الثانية
بالكآبة
والبلادة
والخمول و...
الخ. ومثل هذا
التصنيف
تتناوله
الأبحاث
الأرضية ـ
عادة ـ اما
ضمن تصنيف
ثنائي للنوع
الإنساني..
حيث المزاج
الانطوائي
أو
الانبساطي
أو الدوري في
حالات
العصاب
الشديد أو
الذهان، كما
تتناوله ضمن
تصنيفات
عامة
للسمات،
بضمنها: سمة
المرح قبال
الكآبة. كما أن النص
الإسلامي
الذي أشار
إلى (المزاج
الناري ـ
خمسة خلقوا
ناريين)،
يجسد فيما
يسميه البحث
الأرضي
بالشخصية
الاهتياجية
أو
الاندفاعية
قبال
الشخصية
المتسمة
بالهدوء
التوءدة
والرصانة. وينبغي لفت
الانتباه
إلى أن
كثيراً من
تصنيفات
البحث
الأرضي تخضع
الأصول
المرضية ـ
كما تقدم ـ
إلى (البنية
الجمسية). والأمر نفسه
فيما يتصل
بسمات
الوسوسة
والطيرة
ونحوهما كما
لحظناه في
التصنيفات
الإسلامية
المتقدمة.
فالوسوسة
يتناولها
البحث
الأرضي ـ
عادة ـ تحت
ظاهرة
مستقلة،
وحيناً تحت
ظواهر
متنوعة
يتسرب فيها
إلى أنماط
العصاب من
حصر وخوف
وسواهما. وهكذا فيما
يتصل
بالطيرة. أما (الحسد)،
فإن البحوث
الأرضية
تدرجه ـ عادة
ـ ضمن سمات
الشخصية
بعامة.
ويهمنا أن
نستخلص من
ذلك كله، أن
المشرع
الإسلامي ـ
من خلال
التناول
المتقدم ـ
يتوفر على
نمط آخر من
التصنيف
للسلوك
العصابي
قبال
التصنيف
العام
للسمات، دون
أن يربطها
بالعصاب
الفكري، بل
تظل نمطاً
خاصاً من
التصنيف
للمرض، على
نحو ما نألفه
في أبحاث
الأرض. ثمة أنماط
أخرى من
التصنيف
للسلوك
العصابي،
يتوفر
المشرع
الإسلامي
عليها: فيما
ترد من خلال
سياقات
متنوعة
يمكننا
درجها ضمن
السمات التي
وقفنا عندها:
مع ملاحظة أن
البعض منها
يتناوله
المشرع من
حيث ربط
السمة
بجذورها، أو
بنمط علاجها
مما سنشير
إليها
مفصلاً في
حقول لاحقة
من هذه
الدراسة. بيد أنه
ينبغي أن
نشير هنا إلى
نمط ثالث من
التصنيف
للسلوك
المرضي
وقفنا عليه
عابراً،
فيما توفر
المشرع
الإسلامي
عليه من خلال
ما أسماه
البحث
الأرضي
بالدوافع او
الغرائز أو
الحاجات.
فلقد لحظنا
قائمتين من
الدوافع
تحدثنا عنا
الجنس
والطعام
والنوم
والتملك
والسيطرة
وما إليها،
متمثلتين في
ما رسمه
النبي (ص)
والإمام
السجاد (ع) من
صلة بين
العصاب
الفكري
والنفسي. ويهمنا الآن
من التصنيف
المتقدم:
جانبه
النفسي
الصرف فيما
يطبع العصاب
هذا النمط من
التعامل مع
الدوافع
البشرية: مع
ملاحظة أن
البعض منها
يمثل حاجات
بيولوجية،
والآخر:
حاجات نفسية:
حسب التصور
الأرضي
لمفهوم
الحاجات أو
الدوافع. أما
التصور
الإسلامي
للظاهرة
فمختلف عن
ذلك تماماً
حيث ينفي أن
يسبغ عليها
اسم (الحاجة)
بل يعتبرها
مجرد اشباع
زائد عن
الحاجة،
وهذا هو أحد
مواضع
الافتراق
بين
التصورين
الإسلامي
والأرضي. ولنعد قراءة
النصين
المقدمين:
قال (ص): "أول
ما عصي به
الله ستة: حب
الدنيا، وحب
الرئاسة،
وحب الطعام،
وحب النوم،
وحب الراحة،
وحب النساء". وقال (ع): "فتشعب
من ذلك: حب
النساء وحب
الدنيا وحب
الرئاسة وحب
الراحة وحب
الكلام وحب
العلو وحب
الثروة: فصرن
سبع خصال:
فاجتمعن
كلهن في حب
الدنيا". ويلاحظ في
هذا النمط من
التصنيف: 1 ـ قيامه على
الدوافع أو
الحاجات
المألوفة
لدى الكائن
الآدمي. 2 ـ قيامه على
طرائق
الاشباع
للحاجات
المذكورة. 3 ـ نفي صفة (الحاجة)
منها،
واعتبار ذلك:
نمطاً من
السلوك
المرضي. 4 ـ تضمنه نمطي
الحاجة:
البيولوجية
والنفسية. وحين ندقق
النظر في
الملاحظة
المذكورة،
نجد أن
الطعام
والنوم
والجنس
والراحة
والثروة
والكلام تعد
حاجات
أساسية لا
غنى عنها
البتة. بيد
أن المشرع
الإسلامي
وهو يصوغ
الكائن
الآدمي
موظفاً
لمهمة
العبادة،
حينئذ فانها
تعد مجرد (وسيلة)
لاستمرارية
المهمة
العبادية.
وهذا يعني
اشباعها
بقدر الحاجة
هو الأسلوب
المتسق مع
المهمة
المذكورة.
أما الاشباع
الزائد عن
الحاجة،
فيمثل (الحرص)
الذي لا
ضرورة له وهو
طابع (مرضي)
دون أدنى شك
مادام
تمحوراً حول
الذات
وتأكيداً
على اشباعها. وهذا كله
فيما يتصل
بالحاجات
البيولوجية. أما السمات
المتصلة
بالجانب
النفسي،
فإنها واضحة
كل الوضوح في
انتسابها
إلى السلوك
العصابي. وهذا من نحو:
الدافع إلى
السيطرة،
ودافع
التفوق. والملاحظ: أن
الأبحاث
الأرضية
تسبغ على
دافعي
السيطرة
والتفوق
مشروعية
اشباعها،
ماداما ـ
أساساً ـ
جزءاً
محركاً
لمجمل
النشاط
الانساني. بيد أن بعض
الدراسات
المتصلة
بعلم
الأقوام
أثبتت ـ كما
أشرنا ـ إلى
انعدام هذين
الدافعين
وغيرهما لدى
بعض الأقوام:
وهو أثر
يتوافق مع
الاتجاه
الإسلامي في
هذا الصدد. والمهم، بعد
ذلك كله، ان
المشرع
الإسلامي قد
حسم الموقف
حينما نفى
صفة الحاجة
إليهما إلا
في سياق
موضوعي صرف
على نحو ما
نفصل الحديث
عنه لاحقاً. بقي أن نشير ـ
في نهاية
المطاف ـ على
أن المشرع
الإسلامي في
تصنيفه
لأنماط
العصاب،
يتناول ـ
فضلاً عما
تقدم ـ
أنماطاً
أخرى غائبة
عن البحث
الأرضي
تماماً،
ونعني بذلك:
كل ما هو
داخل ـ حسب
اللغة
الفقهية ـ في
قائمة (المحرمات
والمكروهات):
حيث تتضمن
مئآت
المفردات من
أنماط
السلوك
العصابي:
المنهي عنه.
مع ملاحظة أن
البعض منها
فقط ـ
كالسرقة
والقتل
والقمار
والخمر
ونحوها: قد
انتبه البحث
الأرضي إلى
سمته
العصابية،
او
الانحرافية
الخطيرة،
وادرجها ضمن
ما يسمى
بأمراض (الشخصية
السيكوماتية). ولسوف نلقي
مزيداً من
الانارة على
هذا الجانب
في حقل لاحق
من هذه
الدراسة. [1]
الوسائل: باب
61 حديث 2،
جهاد النفس. [2]
الوسائل: باب
49 حديث 3،
جهاد النفس. [3]
الوسائل: باب
55 حديث 8،
جهاد النفس. [4]
الخصال: صفحة
287 ـ منشورات
جامعة
المدرسين. [5]
الخصال: صفحة
221. [6]
الخصال: صفحة
422. [7]
البحار: صفحة
302، جلد 61،
السماء
والعالم.
|
||||||||
|