.
مراحل
النمو في
الطفولة
المتأخرة وبعامة،
فإن العقاب
البدني ونمط
التنشئة
إنما
يقترنان ـ
كما قلنا ـ
بطبيعة
النماء
العقلي لدى
أطفال
المرحلة: من
خلال ظاهرة (التمييز)
التي أشرنا
إليها. هنا،
ينبغي أن نقف
عند مراحل
النماء
العقلي لدى
الأطفال،
وملاحظة
التصور
الإسلامي
لها، فيما
ينبغي أن
نبدأها
بالسؤال
التالي: هل
أن ثمة مراحل
جزئية من
النماء
العقلي، تسم
أطفال
المرحلة،
على النحو
الذي لحظناه
في مرحلة
الطفولة
الأول؟؟ يبدو
أن ثمة مرحلة
ذات أهمية
بالغة تتوسط
الطفولة
المتأخرة،
متمثلة في
التاسعة
والعاشرة من
العمر. والأبحاث
الأرضية
تشير عادة
إلى هذه
المرحلة من
النماء
العقلي عند
الطفل. حيث
تجعلها
مرحلة (رابعة)
من مراحل
الطفولة
بأكملها:
والمراحل
الأربع هي:
الشهر ـ
السنتان ـ
الست ـ التسع. وتشكل
مرحلة (التسعة
أعوام) في
التصور
الأرضي حلقة
وصل بين
بداية
المرحلة
المتأخرة
ونهايتها. أما
التصور
الإسلامي
لهذه
المرحلةن
فيمكن
ملاحظته
أيضاً، في
النصوص التي
سبق الوقوف
عندها. فقد
حددت
الوثيقة
التربوية
للإمام
الصادق (ع)،
حددت (التاسعة)
من العمر
بداية
لممارسة (الضرب)
في عملية
الوضوء
والصلاة: في
حين أعفت ولي
الأمر من ضرب
الطفل قبل
ذلك. وعن
الإمام علي (ع): "يثغر
الغلام لسبع
سنين، ويؤمر
بالصلاة
لتسع، ويفرق
بينهم في
المضاجع
لعشر".[1] فهذا
النص بدوره
يشير إلى أن (التاسعة)
بداية
للتدريب
الجاد على
الصلاة: أي
التدريب
المقترن
بالالزام،
وإلا فإن
النصوص
السابقة
جميعاً أكدت
مطلق
التدريب مع
نهاية العام
السادس أو
السابع. إذن:
التاسعة من
العمر تشكل
مرحلة
نمائية ذات
خطورة في
حياة الطفل:
وفقاً
للتصور
الإسلامي،
ووفقاً
للتصور
الأرضي
أيضاً: فيما
لحظنا
تحديده (للتاسعة)
مرحلة رابعة
من مراحل
الطفولة. إلا
أن المشرع
الإسلامي،
يوافينا
بوجهة نظر
جديدة، أو
لنقل: يلفت
انتباهنا
إلى مرحلة
أخرى من
مراحل النمو
العقلي لدى
أطفال
المرحلة
المتأخرة،
متمثلة في (العاشرة)
من العمر:
بمعنى: أن
الطفل بعد
التاسعة،
يقطع عاماً
واحداً: ثم
يواجه بعد
هذا العام
مرحلة
نمائية
جديدة تتمثل
في (العاشرة)
من العمر. ويبدو
أن الانتقال
من التاسعة
إلى العاشرة
يجسد نماءاً
عقلياً له
أهميته في
المهارات
الإدراكية
للطفل: تنسحب
على مختلف
مجالات
النشاط لديه. ففي
ضوء النص
الذي قدمه
الإمام علي (ع):
تأشيرة إلى
النشاط
الجنسي لدى
الطفل في (العاشرة)
من العمر: قال
(ع): "يؤمر
بالصلاة
لتسع، ويفرق
بينهم في
المضاجع
لعشر". وفي
نصوص أخرى
سبق الوقوف
عندها:
تأشيرة إلى (العاشرة)
من العمر
أيضاً من حيث
النشاط
الجنسي،
والأمر
بتفريق
الأطفال في
المضاجع، من
نحو قوله (ع): "يفرق
بين الصبيان
والنساء في
المضاجع: إذا
بلغوا عشر
سنين".[2] فهذه
النصوص
أجمع، تشير
إلى (العاشرة)
من حيث
النشاط
الجنسي لدى
الأطفال. أما
من حيث سائر
ألوان
النشاط، فإن
السنة (العاشرة)
أيضاً، تجسد
ـ في لسان
النصوص ـ
مرحلة غائية
ذات خطورة،
ومنها: ما
سبق الوقوف
عنده من
النصوص التي
تجيز "الوصية"
المالية
للبالغين (عشرة)
من الأعوام،
من نحو قوله (ع): "إذا
بلغ الغلام
عشر سنين:
جازت وصيته". وهناك
مجالات
أخرى، تحوم
على العاشرة
أيضاً، مما
تفصح جميعاً
أن هذه
المرحلة لها
تميزها
النمائي عن (التاسعة). وبعامة،
فإن مرحلة
الطفولة
المتأخرة:
تجسد مرحلة
ذات خطورة في
عملية
التنشئة،
بمختلف
فتراتها
النمائية:
حيث تصل
المهارات
الإدراكية
لدى الطفل
إلى درجة (التمييز)
الذي يسحب
آثاره ـ من
خلال نمط
التنشئة ـ
على سلوك
الشخصية
لاحقاً. وهذه،
على الضد
تماماً، من
مرحلة
الطفولة
المبكرة،
فيما يظل (اللعب)
طابعاً لها
إلى في نطاق
محدد. بيد
أن
المرحلتين
جميعاً ـ أي:
الطفولة
بأكملها ـ
ينبغي ألا
نخلع عليهما
طابع (الثبات)
الذي يخلعه
البحث
الأرضي
عليها: بخاصة
مرحلة
الطفولة
الأولى. إننا
نكرر من جديد:
أن التربية
الأرضية تقع
في وهم كبير
حينما تؤكد
انسحاب
الطفولة على
الشخصية
بذلك النحو
المتعسف من
التأكيد. وتقع
في الوهم ـ
ثانية ـ
حينما تجنح
بعض
التصورات
الأرضية إلى
ربط ذلك ببعض
الدوافع،
ومنها:
الدافع
الجنسي
وانسحابه
على سلوك
الشخصية
لاحقاً. وبالرغم
من أن
التفسير
الجنسي (الاتجاه
الفرويدي) قد
أصبح من (كلاسيكيات)
علم النفس،
إلا أنه
عيادياً
وأكاديمياً
لا يزال
يحتفظ ببعض
الأنصار،...
مع أن دراسة
حياة صاحب
النظريات
وتقلباته
العلمية
التي كان
يدخل (التعديلات)
عليها من حين
لآخر حتى
اخريات
حياته: فضلاً
عن البيئة
الشاذة التي
أمدته
بتجارب
نظريته: كل
أولئك، كاف
في التشكيك
بقيمة ما
قدمه من
تفسير في هذا
الصدد. ولحسن
الحظ أن
الاتجاه
الأحدث في
النشاط
المعاصر
لعلم النفس
قد اتجه إلى
التركيز على
ما يسميه
الأرضيون بـ(سيكولوجية
"الأنا")
بدلاً من (سيكولوجية
"الهِيَ")،
وطاقاتها
الجنسية. وقد
أثبت هذا
الاتجاه ان
فعاليات (المهارة
العقلية) من
تعلم،
وتفكير،
وتخيل،
وذاكرة وما
إليها قد
افرزت
معطياتها
العلمية دون
أن تتوكأ على
المفهوم
الجنسي. كما
أن (الفعاليات
النفسية)
أمكن
دراستها دون
استحضار
للمفهوم
الفرويدي:
إلا في نطاق
محدد. بل
إن بعض
الاتجاهات
قد ألغى
المفاهيم
التقليدية
المذكورة
أساساً،
واتجه إلى
القول بأن (الوعي)
كافٍ بمسح
أية تنشئة
غابرة،
وابتناء "تعلم"
جديد في شتى
مجالات
السلوك. إن
التصور
الإسلامي
يضاد نظرية
الجنس من حيث
نظرتها إلى
الطفولة
وانعكاساتها...
يضادها: أولاً:
من حيث
التفسير
الجنسي. ثانياً:
من حيث
تأكيدها على
الطفولة:
بمختلف
مراحلها
الجنسية. فقد
لحظنا ـ
مثلاً ـ إن
المشرع
الإسلامي قد
اعفى
الطفولة
الأولى من
أية فعالية
ترهص بالجنس
أو بسواه من
الفعاليات.
بينا أكد ذلك
في الطفولة
الثانية،
وشدد على
امكانات
التطبيع
عليها: بحيث
تسحب أثرها
على السلوك
اللاحق. أما
الاتجاه
الجنسي فقد
قدم تصوراً
مضاداً
تماماً... حيث
شدد على
المرحلة
الأولى
وبخاصة:
السنوات
الثلاث أو
الأربع
الأولى ـ وهي
السنوات
التي أعفاها
المشرع
الإسلامي من
كل فعالية،
ومحضها "للعب"
فحسب ـ. ثم
اتجهت نظرية
الجنس إلى
مرحلة
الطفولة
الثانية
فخلعت عليها
طابع (الكمون)
الجنسي: أي
أخلتها من
الصراع
الجنسي
نسبياً: بسبب
من انشغال
الطفل
بفعاليات (التعلم)
المعرفي،
وغيره من
الأنشطة...
بينا اكسب
المشرع هذه
المرحلة
طابعها
الجنسي: من
حيث بروزه
وليس (كمونه). ومن
أن بعض
الاتجاهات
الحديثة قد
أكدت بدورها
جنسية
المرحلة
المتأخرة من
الطفولة على
نحو ما قرره
المشرع
الإسلامي،...
إلا أن هذه
الاتجاهات
جعلت من
التأكيد على
جنسية هذه
المرحلة
بمثابة "استمرار"
للمرحلة
الأولى من
الطفولة: لا
أنها مرحلة
وليدة: وهي
بهذا
التفسير تقع
في ذات الخطأ
الذي غلف
الاتجاه
الفرويدي. هذا
كله، فيما
يتصل بمراحل
الطفولة: من
حيث بروز
الدافع
الجنسي أو
كمونه. أما
فيما يتصل
بالتفسير
الجنسي
نفسه، فإن
لمناقشته
مكاناً آخر
من هذه
الدراسة.
لكننا نشير
عابرين هنا،
إلى أن الصلة
بين الطفولة
والجنس
وانعكاساتها
على المرحلة
الراشدة:
تبدو من
التعسف
بمكان كبيرة. أنه
من الممكن
مثلاً أن
تكون ثمة صلة
بين النزعة
العدوانية
التي سيشب
الطفل
عليها، وبين
الاحباطات
التي واجهها
في عملية
الرضاعة (وهذا
فيما يتصل
بالمرحلة
الفمية ـ
أولى مراحل
النمو
الجنسي). ومن
الممكن
أيضاً أن
تكون ثمة صلة
بين نزعة (العناد)
مثلاً، وبين
(الصرامة)
الي واجهها
الطفل في
التدريب على
النظافة من
حيث منعه من
الامتاع
الذي يحققه
النشاط
المعوي عند
ممارسته ذلك
بنفسه. ثم
انعكاس ذلك
على سلوكه
الراشد (وهذا
فيما يتصل
بالمرحلة
الفرثية ـ
المرحلة
الثانية من
النمو
الجنسي). أقول:
من الممكن أن
تكون ثمة صلة
بين التدريب
الصارم على
الرضاعة
والنظافة،
وبين بزوغ
نزعة (العدوان)
و(العناد)
لدى الطفل.
إلا أن بزوغ
هذه النزعة
يظل عنصراً
واحداً من (مجموعة)
عناصر
متشابكة من
التدريب
تساهم في
إبراز
النزعة
المذكورة،
دون أن نحصر
ذلك في
التفسير
الجنسي،
ودون ن نرده
إلى عنصر
واحد. لقد
وصل الأمر
عند بعض
الباحثين
إلى أن يربط
مثلاً بين
ظاهرة (الشك)
ـ وهي ظاهرة
عصابية، أو
بين ظاهرة (مركب
الاضطهاد) ـ
وهي ظاهرة
ذهانية،
وبين
المرحلة
الثانية من
النمو
الجنسي (المرحلة
الفرثية)
وصلة أولئك
بنمط
التدريب
الذي تصاحبه
قسوة وصرامة
في التعامل
مع الطفل: من
حيث التدريب
على
النظافة،
ومن حيث
تحسيسه بـ(العيب)
من مناطقه
الجنسية:
فيما ينشأ
تبعاً لذلك
عديم
الاستقلال،
معرضاً
للشكوك،
وللوساوس
القهرية، بل
ولهذا
الاضطهاد. إن
تجارب
التنشئة
الأسرية
التي تمارس (الصرامة)
في التعامل
مع الطفل،
وتهجينها
لمناطقه
الجنسية، لا
تأتلف مع هذا
التفسير
الذاهب إلى
أن الصرامة)
و(التهجين)
ينعكسان على
احساس
الشخصية
بالخوف من (أشياء)
أو من (أشخاص)
وهميين
يطاردون
المريض: أي،
لا ينعكسان
على الشخصية
في شكل مرض
ذهاني هو
عقدة
الاضطهاد. إن
(هذاء)
الاضطهاد
وسواه يظل
محكوماً
بطبيعة
البناء
العصبي
للشخصية، أو
بصدمة عنيفة
مسبوقة
بالاستعداد
التكويني أو
الوراثي، أو
بخبرات
بالغة الشدة
من حيث
الضغوط
والاحباطات
الملاحقة
التي تواجه
الشخصية. أما
أن تحدث
ببساطة
نتيجة
لتربية
جنسية
خاطئة، فأمر
تأباه
التجربة
التي تحياها
مختلف الأسر
في عمليات
التدريب على
نظافة
الطفل،
وتحسيسه بما
هو معيب من
مناطق جسمه. على
أن نظرية
الجنس تتضخم
مفارقاتها
هي حيث الربط
بين الطفولة
الجنسية
وانعكاسها
على المرحلة
الراشدة،
تتضخم في
التفسير (الأوديبي)
الذي يسم
المرحلة
الثالثة من
مراحل النمو
النفسجسمي،
متمثلاً في
الذهاب إلى
أن الطفل ما
بين (3 ـ 5) (يحس)
دور الأب
وعلاقته
بالأم، وما
يستتلى ذلك
من كراهية
للأب. وطبيعي
ـ في ضوء هذا
التفسير
الاسطوري ـ
أن ينشأ
الصراع بين
الرغبة
المحارمية
والتخلص من
الأدب. بيد
أن الطفل
سرعان ما (يتوحد)
بالأب (أي:
يتقمص
شخصيته)،
مستمداً منه
قسوته،
متمثلة في:
الخوف من
العقاب
الموهوم،
فيقلع عن
رقبته
المحارمية.
وبهذا (التوحد)
يتخلص الصبي
من الصراع
وآثاره
اللاحقة. أما
في حالة
الاخفاق فإن
العقدة
الأوديبية،
ستسحب
آثارها على
الطفل في
حياته
الراشدة،
بنحو لا
يهمنا الآن
التحدث عن
تفصيلاتها. وفي
تصورنا أن
التاريخ
العلمي
للأرض لم
يواجه
انتكاساً
يماثل مهزلة
(المرحلة
الأوديبية)،
بخاصة. ومع
أن تلامذة
صاحب
النظرية
وزملاءه قد
أشاحوا
بوجوههم عن
صاحبها: من
خلال
قناعتهم
العلمية
التي أبت أن
ترتكن إلى
أية نظرية
غير خاضعة "للاحتمال"
فضلاً عن (اليقين)...
ومع أن مرضى
صاحب
النظرية،
كانت تحكمهم
ـ باجماع
الذين ارخوا
لحياته ـ
بيئة
اجتماعية
منحرفة. ومع
أن نظريته
خضعت لأكثر
من (تعديل) في
حياته. ومع
أن
التحليليين
الجدد:
السائرين
على خطى
صاحبهم قد
أشاحوا
بدورهم عن
الخطوط
المنحرفة
لهذه
النظرية،
واحتفظوا
منها
بالطابع
التحليلي
العام... مع
أولئك
جميعاً، لا
نزال نلحظ
تململ (النظرية)
بين الحين
والآخر، على
يد بعض
القاصرين
علمياً. ولحسن
الحظ، أن
تململ
النظرية لم
يجيء على يد
باحث جديد ذي
أصالة في
كشوفاته
العلمية،...
بل على يد (طلاب)
ـ ومنهم عرب
ومسلمون
معاصرون ـ
يمتلكون
خنوعاً
وتبعية
فكرية: أي،
أنهم (أدوات)
لتطبيق
نظرية، لا،
أنهم أصحاب (نظرية)،
أو قناعة
أصيلة بها. المراهقة تمثل
هذه المرحلة
بداية (الرشد)
لدى
الشخصية،
مودعة بذلك،
مرحلة
الطفولة:
بادئة بتحمل
المسؤولية
التي ألفتها
السماء على
الكائن
الآدمي، وما
يصاحب ذلك من
ترتيب آثار
الثواب
والعقاب. ويطلق
الأرضيون ـ
وبعض نصوص
التشريع
أيضاً ـ أسم (المراهقة)
على بداية
المرحلة
الراشدة:
متمثلة في
السبع سنوات
أو الست أو
الأكثر، حسب
التفاوت
الذي لحظناه
في مرحلتي
الطفولة. إن
مرحلة (المراهقة)
تعد في
البحوث
الأرضية ذات
خطورة: من
نمط آخر. وقد
افاضت
البحوث في
الحديث عن
طابع
المراهقة
بكل
تفصيلاتها،
فيما يمكن
لمها في
خصيصتين
رئيستين هما:
استقلال
الشخصية،
وتموجاتها. ويقصد
بالاستقلال:
أن الشخصية
تبدأ
بالتحسس
بأنها كيان
مستقل عن
أسرته. أما
تموجاتها،
فيقصد من ذلك:
الاضطراب أو
التقلب أو
التردد في
الانتهاء
إلى الموقف
الحاسم الذي
تختطه
الشخصية
لمستقبلها:
سواء أكان
ذلك متصلاً
بمشكلاتها
الفكرية أو
الاقتصادية
أو
الاجتماعية
بعامة. وطبيعي
أن يترافق
التحسس
بالاستقلال،
مع "الاضطراب":
مادامت
المرحلة
تمثل فترة
انتقال من
الطفولة إلى
الرشد: من
التبعية على
الاستقلال. ونحن،
إذا عدنا على
المشرّع
الإسلامي،
لحظناه: يقطع
خطوات
تدريجية في
تدريب
الشخصية على
هذا
الاستقلال.
فمع أخريات
المرحلة
الطفلية
المبكرة،
يبدأ
التدريب على
ممارسة شيء
من
المسؤولية. ثم
يتضخم
التدريب مع
المرحلة
الطفلية
المتأخرة،
حتى يصل إلى
ما أسميناه
في حينه، بـ"المسؤولية:
شبه الزامية"،
ممهداً بذلك:
الانتقال
إلى المرحلة
الالزامية
الكاملة.
ونظراً
لأهمية هذا
الانتقال
وما يرافقه
من (التموج)،
واصل المشرع
الإسلامي
توصياته
التربوية،
رابطاً
بينها وبين
مرحلتي
الطفولة:
جاعلاً من
المراحل
الثلاث:
الطفولة
المبكرة،
الطفولة
المتأخرة،
المراهقة:
جاعلاً من
هذه
المراحل، (وحدة)،
أو سلسلة
متصلة
الحقلقات من
حيث خضوعها
إلى عمليات
التدريب. هنا،
نؤكد من جديد
أن مرحلة
تحمل
المسؤولية:
من حيث ترتيب
آثار الثواب
والعقاب
عليها (دنيوياً
واخروياً)،
هذه المرحلة
تجيء مع (بداية)
المراهقة،...
مع انبثاقها
مباشرة... مع
انبثاقها
مباشرة... إلا
أن المشرع في
الآن ذاته،
لم يفصل
المراهقة من
السلسلة
القائمة على
(التدريب)،
أي: يخضعها
لنفس
العمليات
التي طبعت
مرحلتي
الطفولة: مع
مراعاة كل
مرحلة بما
يناسبها من
النماء
العقلي لدى
الشخصية. نستخلص
من هذا أن "المراهقة"
تتميز أيضاً
بامكانات (التطبيع)
على السلوك،
أو (تعديله)،
بالرغم من أن
(المراهق)
يتحمل
مسؤولية
تصرفاته،
أجمع: وهذا
يعني أن
الإحساس
بالاستقلال
وما يرافقه
من الانتقال
من مرحلة إلى
أخرى، يتطلب
بدوره قسطاً
من التدريب
حتى تستكمل
الشخصية
تماسكها في
هذا الصدد. ويمكننا
ملاحظة ذلك
في نص سبق
الوقوف
عليه، حيث
يقرر النص ما
يلي: "الغلام
يلعب سبع
سنين،
ويتعلم
الكتاب سبع
سنين،
ويتعلم
الحلال
والحرام سبع
سنين".[3] فالمفروض
أن الحرام
والحلال، قد
(تُعُلِّم)
مع بداية
المرحلة، أو
قد مُهد له
في مرحلة
الطفولة
المتأخرة،
بحيث يتحمل
الفرد
مسؤولية
تصرفاته مع
بداية
المراهقة لا
مع نهايتها.
ولذلك، فإن
المقصود من
عبارة "يتعلم
الحلال
والحرام سبع
سنين" هو:
ملافاة ما
فاته من
التعلم، أو
مواصلة
التشدد على
التدريب:
نظراً لما
تحفل به هذه
المرحلة من (تموجات)
تسم الشخصية
في فترة
الانتقال:
بحيث تصبح
مواصلة
التدريب من
خلالها
ضرورة
لاستكمال
الشخصية ويمكننا
ملاحظة هذا
الطابع
بوضوح،
عندما نعود
إلى نص آخر
سبق الوقوف
عليه أيضاً،
حيث يقدم
النص عبارة
رمزية أو
صورية "الاستعارة:
حسب المصطلح
البلاغي" في
هذا الصدد،
يقول النص: "الولد:
سيد سبع سنين.
وعبد سبع
سنين. ووزير
سبع سنين".[4] فقوله
(ع) إن الولد (وزير)
سبع سنين هو:
إفصاح واضح
عن الطابع
الذي يسم (المراهقة).
فالوزير
يختلف عن
رئيس الدولة
مثلاً، بأن
تصرفه لا
يكتسب
استقلالاً
تاماً
بالنحو الذي
يملكه رئيس
الدولة، إلا
أنه في الآن
ذاته: يملك
قسطاً من
الاستقلال.
وبكلمة أخرى:
ثمة (استقلال)
إلا أنه ليس
كاملاً. وحين
ننقل هذه
الصورة
الاستعارية
إلى مرحلة "المراهقة"،
نلحظ أن
الإمام (ع) قد
قصد من صورة (الوزير)،
إن (المراهق)
يتحسس
باستقلاليته،
إلا أنه لا
يملك الكلمة
الأخيرة ما
لم تقترن
بموافقة
رئيس
الدولة، أي:
إن التدريب
ثانية،
والتأكيد
عليه في
مرحلة
المراهقة:
سيدع
الشخصية
تستكمل
جوانب
استقلالها
التام، وتضع
حداً للتموج
الذي يطبع
تصرفاتها. وعلى
أية حال، فإن
ما يهمنا
الآن، هو:
إننا بعد أن
عرفنا طبيعة
التصور
الإسلامي
لمرحلة
المراهقة،
يعنينا بعد
ذلك: أن نحدد
جانبين
خطيرين
منها، هما:
بدايتها
وصلة
المسؤولية
المترتبة
على هذه
البداية. ثم
صلة ذلك
بتصورات
البحث
الأرضي لهذا
الجانب. إن
هذا الجانب،
له خطورته
بالغة
المدى، إذا
أخذنا بنظر
الاعتبار،
إن التصور
الإسلامي
يفترق
تماماً عن
التصور
الأرضي في
تحديد مرحلة
(الرشد)
والاضطلاع
بمسؤولياتها:
سواء أكان
ذلك يتصل
بمسؤوليات "الخلافة
على الأرض"
وهو ما يخص
الشخصية
الراشدة
المسلمة، أو
ما كان
متصلاً
بالمسؤوليات
بعامة، وهو
ما يخص مطلق
الآدميين في
تحديد
مسؤولياتهم،
وفي خضوعهم
لفعاليات (التعلم)،
وصلته
بتحديد
مستويات
النماء
العقلي لهذه
المرحلة
وامتداداتها. إن
البحث
الأرضي يضع
فارقاً بين
ظاهرة (البلوغ)
وظاهرة (الرشد):
بحيث يصوغ
تحمل
السؤولية في
(18) عاماً، وهو
بداية الرشد
في تصور
الأرض. بينا
نجد المشرع
الإسلامي قد
حدد (الرشد)
مقترناً
بمرحلة (البلوغ)،
أي: جعل
البلوغ
والرشد،
مرحلة واحدة
من حيث النمو
الجسمي
والعقلي،
وصلة هذه
المرحلة من
النمو بتحمل
المسؤولية. وواضح،
أن وجود مثل
هذا الفارق
بين
التصورين
الإسلامي
والأرضي،
ينطوي على
خطورة لا
يمكن
تجاهلها،
إذا أخذنا
بنظر
الاعتبار أن
البحث
الأرضي لا
يحمل (البالغين)
[من 13 أو 14 أو 15]
أية مسؤولية
في تصرفاتهم
ما لم يصلوا
إلى (18) عاماً. لاشك
أن لبلوغ
الشخصية (18)
عاماً،
أهمية
نمائية
سنوضحها من
خلال التصور
الإسلامي
لهذه السن. بيد
أن ذلك لا
يتدخل في حسم
الموقف: بحيث
يشكل هذا
الجزء من
نماء
المرحلة،
بداية لتحمل
المسؤولية
بدلاً من
البلوغ الذي
يجسد حالة
معينة من
النماء
الجسمي
والعقلي
تؤهل
الشخصية
لتحمل
مسؤولياتها. يضاف
إلى ذلك: إن
قضية (التعلم)
ـ من حيث
المهارات
العقلية ـ
ستسحب
آثارها على
هذا الجانب،
مادام تصور
البحث
الأرضي،
قائماً على
وجود فارق
بين البلوغ
والرشد. والمهم،
أن نتجه الآن
إلى المشرع
الإسلامي،
لملاحظة
تصوراته
لهذه
الظاهرة،
بادئين
أولاً مع
تحديداته
لبداية
مرحلة (المراهقة)
أو البلوغ أو
الرشد. إن
ما لحظناه من
التفاوت بين
الخمس والست
والسبع:
بالنسبة إلى
المرحلة
الأولى من
الطفولة،
وامتداد هذا
التفاوت في
المرحلة
الثانية من
الطفولة،...
هذا التفاوت
نلحظه
ممتداً في
المرحلة
الثالثة (المراهقة)
أيضاً: ولذلك
نجد التراوح
بين (13) و(14) و(15)
قائماً
بدوره
بالنسبة إلى
تحديد
البداية من
مرحلة:
البلوغ. ويمكننا
ملاحظة جملة
من
التحديدات ـ
في لسان
النصوص ـ
تبلور
الحقيقة
المذكورة. 1
ـ التحديد
الأول وهذا
التحديد يضع
(13) عاماً هي:
البداية
لمرحلة
البلوغ،
وذلك من خلال
الإشارة إلى
تحمل
المسؤولية،
وترتيب آثار
الثواب
والعقاب. يقول
(ع): "إذا
بلغ الغلام
ثلاث عشرة
سنة: كتبت له
الحسنة،
وكتبت
السيئة،
وعوقب". 2
ـ التحديد
الثاني هذا
التحديد
يؤرجح
البلوغ، بين
(13) و(14) من خلال
عملية
الثواب
والعقاب
نفسها: يقول
(ع) وقد سئل: في
كم تجري
الأحكام على
الصبيان؟ قال (ع):
في ثلاث عشرة
وأربع عشرة".[5] وواضح،
أن التحديد
يراوح بين 13 و14
حسب التفاوت
في النماء
لدى الأفراد. 3
ـ التحديد
الثالث وهذا
التحديد يضع
(15) عاماً هي:
المعيار في
هذا الصدد في
حالة عدم
الاحتلام أو
الاشعار، أو
الانبات (وهي
معايير
جسمية في هذا
الصدد). يقول
(ع): "الغلام
لا يجوز أمره
في البيع
والشراء،
ولا يخرج من
اليتم حتى
يبلغ خمس
عشرة سنة أو
يحتلم أو
يشعر أو ينبت
قبل ذلك".[6] ومن
هذا النص
نستكشف أن
الـ(15) عاماً
هو التحديد
الأخير في
حالة فقدان
المعايير
الجسمية: إذن:
التراوح بين
13 و14 و15 هو مبدأ
البلوغ: حسب
تفاوت النمو
بين الأفراد. ويبدو
أن (الاحتلام)
هو المعيار
الغالب في
معرفة (البلوغ)
وعدمه. وهذا
ما يحدده
النص التالي: قال
(ع): وقد سئل عن: "اليتيم:
متى يجوز
أمره؟ قال (ع):
حتى يبلغ
أشده. ثم سئل:
وما أشده؟
قال (ع):
احتلامه.[7] وقال
(ع) في نص آخر: "انقطاع
يتم اليتيم،
بالاحتلام
وهو: أشده".[8] وأما
في حالة
فقدان
المعيار
المذكور فإن
الإنبات أو
الإشعار كما
هو لسان
النصوص التي
تقدم ذكرها،
يظل هو
المعيار في
هذا الصدد. يقول
(ع): متابعاً
الإجابة في
النص الأسبق
على سؤال
الراوي: "قلت:
قد يكون
الغلام ابن
ثمان عشرة
سنة أو أقل
أو أكثر ولم
يحتلم. قال (ع):
إذا بلغ ونبت
عليه الشعر،
جاز عليه
أمره". نخلص
مما تقدم، أن
البلوغ يبدأ
مع العام
الرابع
العشر في
الغالب،
مقترناً
بالمعايير
الجسدية
التي تقدم
ذكرها. وفي
حالة فقدان
هذه
المعايير
فإن بلوغ
الخمس عشر (15)
هو المعيار
في هذا الصدد. وهذا
كله فيما
يتصل
بالذكور: من
حيث الصلة
بين المرحلة
الراشدة
وتحمل
المسؤولية،
وترتيب آثار
العقاب
عليها. وأما
فيما يتصل
بالاناث،
فإن (التاسعة)
ـ كما هو
واضح ـ هي
البداية
الراشدة وما
يرافقها من
تحمل
المسؤولية:
مع ملاحظة
وجود
الفارقية في
مسائل النمو:
على تفصيلات
لا يهمنا
الدخول فيها. والمهم،
أن التفاوت
الذي لحظناه
في درجات
النمو
والفارقية
التي تصاحب
مرحلة
البلوغ في
هذا الصدد،
قد انتبهت
إليه
الأبحاث
الأرضية،
حين ربطت بين
ذلك وبين
عوامل
تكوينية تخص
الفرد أو
العرق، أو
عوامل بيئية
تتصل
بالأرض،
والجو،
والتغذية
وما إليها. إلى
هنا، نكون قد
حددنا مفهوم
(المراهقة)
ـ في التصور
الإسلامي
والأرضي لها
ـ كما نكون
قد حددنا
بدايتها
المتمثلة في
البلوغ،
والفارقية
بين التصو
الإسلامي
والأرضي في
هذا الصدد. بقي
أن نحدد
جزئيات
المرحلة
ونهايتها: ثم
امتدادها أو
امتداد
النماء
بعامة: من
حيث صلته
بعملية
التنشئة. أما
فيما يتصل
بجزئيات
المرحلة،
فإن الأبحاث
الأرضية،
تقسمها إلى
فترتين
كالطفولة: 1 ـ
المراهقة
المبكرة: من 13
إلى 16. 2 ـ
المراهقة
المتأخرة: من
17 إلى 21. وهذه
الأبحاث تضع
بين
الفترتين
فارقاً
نمائياً على
شتى الصُعُد:
العقلية
والنفسية
والجسدية.
ولعل الربط
بين السن
القانونية (18)
وبين
المراهقة
المتأخرة،
يلقي بعض
الضوء على
فارقية
النماء بين
مرحلتي
المراهقة. أما
المشرع
الإسلامي،
فقد اشار إلى
فارقية
النماء بين
مرحلتي
المراهقة،
متمثلة في
السن
القانونية
التي
يتبناها
الأرضيون في
تحمل
المسؤولية،
أشار إليها
بقوله (ع): "لا
يزال العقل
والحمق
يتغالبان
على الرجل،
إلى ثماني
عشرة سنة،
فإذا بلغها:
غلب عليه
أكثرهما فيه".[9] إن
الإشارة إلى
الثامنة
عشرة
بالنسبة
للمهارة
العقلية:
الذكاء
والحماقة،
تدلنا على أن
هذه الجزئية
من مرحلة
المراهقة،
لها أهميتها
النمائية
بحيث تجعل
نهاية
لعمليات
النمو
العقلي. ولعل
لهذا السبب ـ
مثلما قلنا ـ
كان البحث
الأرضي يتجه
إلى جعلها
بداية تحمل
المسؤولية. بيد
أن المشرع
الإسلامي،
لم يحدد إلا
البلوغ
بداية تحمل
المسؤولية:
كما لحظنا،
لبداهة أن (التمييز)
لا يتطلب إلا
القدر الذي
يسمح بمعرفة
الخير
والشر، دون
أن يقترن ذلك
بضرورة
الوصول إلى
قمة المهارة
العقلية. والمهم،
إن المشرع
الإسلامي
حينما
يتجاوز
ظاهرة الربط
بين البلوغ
والاضطلاع
بالمسؤولية،
إنما يتقدم
بتحديد
مراحل
النماء
العقلي من
حيث درجة
المهارة
بداية
ونهاية. ومما
لا شك فيه،
إن النماء
العقلي لا
يتم منفصلاً
عن المهارات
الحركية،
كما لا يتم
منفصلاً عن
التجارب
التي تحفل
البيئة بها.
وتبعاً
لهذا، فإن
تحديد أية
مرحلة
نمائية يتم
وفق معيارين:
أحدهما،
المعيار
العام فيما
يشكل
القاعدة.
والآخر:
المعيار
الخاص، فيما
يقترن
بالمؤشرات
الخارجية
ومساهمتها
في عملية
النمو. والإشارة
إلى سن (الثماني
عشرة 18)، يشكل
ـ فيما يبدو
ـ قاعدة عامة.
وهي ـ وإن
كانت في معرض
المقارنة
بين الذكاء
والحماقة،
إلا أنها
مؤشر واضح
إلى أن ثمة
مهارة عقلية
تستقر عند
قوتها
وانخفاضها. ولكن:
هل يعني ذلك
أن (18) هي
المحدد
النهائي
للنمو
العقلي؛ في
نظر المشرع
الإسلامي؟؟ إن
الاجابة على
هذا السؤال،
ستتبلور
عندما نتابع
وجهة النظر
الإسلامية
في عمليات
النمو لهذه
المرحلة (المراهقة)
وسائر
المراحل
الراشدة لدى
الشخصية. وأول
ما يواجهنا
من ذلك هو:
تحديد
المراهقة
بسن الحادية
والعشرين (21).
فقد لاحظنا
النصوص
الإسلامية
وكلها تشير
إلى أن هذه
المرحلة هي (سبع
سنوات)، وإن
المرحلة
الأولى من
الطفولة (سبع
سنوات)
أيضاً، وإن
المرحلة
المتأخرة
منها هي (سبع
سنوات)
بدورها،
فيما يتم
المجموع
بواحد
وعشرين
عاماً. وهذا
يعني أن الـ (21)
عاماً،
بتميز
بمهارة
عقلية خاصة،
مادام هذا
التحديد
مرتبطاً
بعملية
التربية
وامكاناتها
في التأثير
على الفرد:
تماماً كما
كانت مراحل
السبع و(14) سنة
متميزة
بمهارة خاصة
أيضاً. هنا،
يمكن القول
إلى أن وجود
مراحل
متميزة
للنمو
العقلي،
إنما تعد
مؤشراً
لامكانيات
الانتقال من
مرحلة إلى
أخرى، دون أن
يعني ذلك:
توقف النمو
مثلاً، أو
دون أن يعني
ذلك: عدم
وجود مراحل
أخرى من
النماء تشق
طريقها في
منحى آخر من
منحنيات
النمو. وتبعاً
لهذه
الحقيقة،
يمكننا أن
نتعرف على
جملة من
منحنيات
النمو
العقلي،
ومنها: النمو
الذي يقف عند
الثامنة
والعشرين (28)
من العمر.
وفي هذا
الصدد يقول
الإمام علي (ع): "يثغر
الصبي لسبع،
ويؤمر
بالصلاة
لتسع. ويفرق
بينهم في
المضاجع
لعشر. ومنتهى
طوله لاحدى
وعشرين.
ومنتهى عقله
لثمان
وعشرين: إلا
التجارب".[10] ففي
ضوء هذا
النص، وربطه
بالنصوص
السابقة،
نستخلص ان
ثمة مراحل
أربعاً تبدأ
من البلوغ
فصاعداً،
متمثلة في: 14، 18،
21، 28. ومما
لاشك فيه أن
لكل مرحلة من
المراحل
الأربع،
خصيصة
نمائية،
يمكن
استخلاصها
من خلال
الربط بين
المرحلة
ونمط
المهارة
المقترنة
بها. فالعام
الرابع عشر
يقترن مع
البلوغ
الجنسي،
والثامن عشر
يقترن مع
درجة الذكاء
والحماقة،
والحادي
والعشرون
يقترن مع
الجسم من حيث
نهاية الطول.
والثامن
والعشرون:
يشكل
المهارة
العقلية في
نهايتها غير
مقترنة
بالمهارات
الأخرى. ونحن
إذا عدنا إلى
البحوث
الأرضية
وتجاربها
المختلفة في
هذا
الميدان، لم
نجد تحديداً
حاسماً لهذه
الظاهرة، بل
نجد تضارباً
ملحوظاً بين
وجهات النظر. إن
بعض
الباحثين
يحدد النماء
العقلي عند (16)
عاماً.
والثاني عند
(19) عاماً.
والثالث عند
(22) عاماً.
والرابع عند
(23) عاماً. بل إن
البعض يجده
مستمراً
خلال العقد
الثالث
بأكمله: أي
عند التحديد
الذي قرره
الإمام علي (ع). ومع
هذا التفاوت
لدى الأبحاث
الأرضية، لا
يمكن الركون
لأي تحديد
حاسم في هذا
الصدد. بيد
أن المشرع
الإسلامي قد
حسم الموقف ـ
كما لحظنا ـ
حينما جزأ
مرحلة الرشد
ـ من حيث
النماء
العقلي ـ إلى
المنحنيات
المختلفة من
النمو
وصلتها
بسائر
المهارات
الحركية:
بحيث يمكننا
القول إلى أن
نهاية
النماء
العقلي من
حيث
استقلاله عن
سائر
المهارات،
إنما يتم عند
(الثامنة
والعشرين) من
العمر. هنا،
نتساءل من
جديد: هل
المشرع
الإسلامي
عندما حدد
النمو
العقلي لدى
الشخصية في
الثامنة
والعشرين،...
إنما جعله
نهاية لأي
نماء عقلي؟
أم أن ثمة
مراحل ـ بعد
هذا السن ـ
خاضعة
بدورها لنمو
ـ. ولو من نمط
آخر ـ بحيث
يقترن مع
مهارات أو
تجارب تحدد
درجة النمو
في هذا
الصدد؟؟ إن
النص الذي
تقدم الحديث
عنه ـ أي:
النص الذي
قدمه الإمام
علي (ع) وحدد
فيه الثامنة
والعشرين
نهاية
للنماء
العقلي،...
هذا التحديد
قد استثنى
منه الإمام (ع):
التجارب،
حيث قال (ع):
إلا التجارب.
وهذا يعني أن
ثمة مهارات
عقلية ترتبط
بطبيعة
التجارب
التي يخبرها
الفرد. ومما
لاشك فيه أن
التجارب ـ من
حيث وفرتها
أو ضئالتها ـ
تساهم في
إذكاء
المهارة
العقلية.
وبحوث الأرض
طالما تشير
إلى هذه
الحقيقة:
وبخاصة تلك
الاتجاهات
التي تشدد في
تعريف
الذكاء على
البيئة. بيد
أن الإمام
علياً (ع)
حينما أشار
إلى البيئة
أنما عنى من
ذلك: تجسيد
المهارة
العقلية في (سلوك)،
وليس من حيث
النماء
الوراثي
الذي يتحدد
في الثامنة
والعشرين:
بغض النظر عن
المحيط
وعدمه: كلما
في الأمر، أن
المحيط
يترجم
القدرات
العقلية إلى
(فعل). خارجاً
عما تقدم، هل
ان التجارب
لوحدها،
تساهم في
تجسيد
المهارة
العقلية، أم
أن ثمة
مهارات
عقلية تشق
طريقها لدى
الشخصية: من
حيث صلتها ـ
ليس
بالتجارب ـ
بل من حيث
صلتها بسائر
المهارات
الجسمية. هذا
السؤال،
يمكننا أن
نجيب عليه،
إذا أخذنا
بنظر
الاعتبار،
أن المشرع
الإسلامي،
يحدد جملة من
مراحل النضج
العقلي بعد
الثامنة
والعشرين،
منها: 1 ـ
مرحلة
الثالثة
والثلاثين (33). 2 ـ
مرحلة
الخامسة
والثلاثين (35). 3 ـ
مرحلة
الأربعين (40). 4 ـ
مرحلة
الخامسة
والستين (65). إن
الإشارة إلى
هذه
المراحل،
تقترن
بعملية (النضج)
العقلي،
وليس بعملية
(النماء).
فالنمو يقف
عند الثامنة
والعشرين.
أما النضج
فإنه يقترن ـ
بطبيعة
الحال ـ مع
تقدم العمر
من جانب،
وغنى
التجارب
والخبرات من
جانب ثانٍ،
بما يصاحب
ذلك من
التماسك
والرصانة في
الاستجابة
لظواهر
الحياة. من
هنا، يمكننا
القول إلى أن
التحديدات
التي رسمها
المشرع
الإسلامي ـ
بعد الثامنة
والعشرين ـ
إنما تمثل
مراحل النضج
ـ لا النماء
ـ: وبكلمة
أخرى: تمثل
النضج
النفسي من
حيث تماسك
الاستجابة
ورصانتها. وتبعاً
لذلك، نجد أن
النصوص التي
تتناول
أمثلة هذه
المراحل،
إنما تربط
بينها وبين
النضج في
دلالته
المذكورة. وفي
ضوء هذا،
يمكننا أن
نفسر قوله (ع)
مثلاً: "إذا
بلغ العبد
ثلاثاً
وثلاثين،
فقد بلغ أشده.
وإذا بلغ
أربعين سنة
فقد انتهى
منتهاه"...[11] ومن
الواضح، إن
بلوغ الفرد
أشده (من حيث
النضج
الجنسي) قد
حدده الإمام
(ع) في نص آخر
في (13) عاماً أو
في الاحتلام
كما سبق
التفصيل في
ذلك. وهذا
يعني أن بلوغ
الثالثة
والثلاثين
إنما هو أشد
الشخصية من
حيث نضجها
العقلي
والنفسي،
وليس من حيث
النماء. والأمر
ذاته، فيما
يتصل
بالأربعين:
حيث يتم
النضج في
أعلى درجاته. والنصوص
الإسلامية
التي تطالب
الفرد
بمحاسبة
نفسه عند
الأربعين،
والاقلاع عن
مقارفة
الذنب... هذه
النصوص تلقي
إنارةً
كاملة على
مفهوم (النضج)
الذي حددناه
في هذا الصدد. ويمكننا،
أيضاً أن
نفسر النص
التالي في
ضوء الدلالة
المذكورة. يقول
(ع): "يزيد
عقل الرجل
بعد
الأربعين
إلى خمسين
وستين، ثم
ينقص عقله
بعد ذلك".[12] فالزيادة
ـ في هذا
النص ـ تعني (النضج)
وليس (النماء)... ومع
أن النص
يقابل بين
الزيادة
والنقصان،
إلا أننا
ينبغي ألا
نستخلص من
ذلك إن
الزيادة
تعني النماء
العقلي
مقابلاً
للنقصان
الذي يلحق
الشخصية في
شيخوختها. بل
إن النقصان ـ
في واقعه ـ
يمثل خفوت
سائر
المهارات في
السن
المذكورة،
شأنه في ذلك:
شأن سائر
القوى
الجسدية
التي تتحدد
في مرحلة
خاصة: كالطول
الذي يتحدد
في الحادية
والعشرين
مثلاً
ممتداً إلى
مراحل
معينة، حتى
يبدأ
بالتقوض:
مقترناً
بذلك مع خفوت
قوى الفرد
بكاملها مع
الشيخوخة. بعامة،
تظل مرحلة
الطفولة
الأولى (من 1
إلى 7)، عديمة
الأثر في
عملية
التنشئة. وأما
الطفولة
الثانية،
فتعد ذات
أهمية بالغة
المدى ـ كما
قلنا ـ
وتبعاً لهذه
الأهمية،
فإن
المعنيين
بشؤون
التربية
والتعليم،
ينبغي أن
يوجهوا بالغ
عنايتهم ليس
إلى تنمية
المهارات
العقلية (القراءة
والكتابة)
فحسب، بل إلى
تنمية
المهارات
النفسية
والاجتماعية
أيضاً: كأن
تخصص (مواد)
تطبيقية
لهذا الغرض
من نحو تدريب
الأطفال على
الثقة
بالنفس،
والشجاعة،
ومواجهة (الغرباء)،
والتحدث في
المجتمعات
العامة وما
إلى ذلك. أن
ما يقال في
مرحلة
التعليم
الابتدائي،
يمكن أن
نقوله في
مرحلة
التعليم
الثانوي
أيضاً، بل
حتى في
المرحلة
الجامعية: في
سنواتها
الأولى، أي
طوال سنوات (المراهقة)
السبع. فالملاحظة
أن المشرع
الإسلامي ـ
ومثله علماء
النفس
والتربية ـ
يجعل من
مرحلة (المراهقة)،
امتداداً
لمرحلتي
الطفولة: من
حيث خضوعها
للتدريب
والتعلم
بعامة. إن
فترة
المراهقة
كما تقدم
نظراً
لتميزها
بالاضطراب
وبعدم
الثبات،
بسبب من
طابعها
الانتقالي
من الطفولة
إلى الرشد،
تفتقر
بدورها إلى
قدر من
التعلم
يتناسب
وحالة عدم
الثبات فيها. من
هنا جعلها
المشرع
الإسلامي
امتداداً
للمرحلة
السابقة،
بالرغم من أن
"المراهق"
يتحمل
مسؤولية
سلوكية
كاملة: من
حيث ترتيب
آثار الثواب
والعقاب
الأخروي على
سلوكه. ولكن
مع ذلك، فإنه
بحاجة إلى
التدريب حتى
يستكمل أي
نقص تربوي لم
تتحه فرصة
الطفولة
الثانية. ففي
نص تربوي سبق
أن عرضناه،
قال الإمام
الصادق (ع): [الغلام
يلعب سبع
سنين،
ويتعلم
الكتاب سبع
سنين،
ويتعلم
الحلال
والحرام سبع
سنين]. فالسبع
سنوات
الأخيرة، أي
(من 14 إلى 21) وهي
سنوات
المراهقة،
تجسد بداية
مرحلة
البلوغ التي
يتحمل
المراهق
فيها
مسؤولية
سلوكه: من
ممارسة
الواجب وترك
المحرم، ...
ولكن مع ذلك،
يطالبنا
الإمام (ع)
بأن نعلم
المراهق:
الحلال
والحرام في
هذه المرحلة.
مع العلم: أن
المفروض أن
يكون الفرد
قد تعلم
الحلال
والحرام من
أول سنة 14 أي:
أول بلوغه،
فما معنى أن
يطالب بتعلم
الحلال
والحرام
طوال سبع
سنوات؟ الجواب
هو: أن
المقصود من
تعلم الحلال
والحرام هو:
التأكيد على
أهمية هذه
المرحلة
المضطربة،
وامكاناتها
في تعديل
السلوك،
وعدها فرصة
أخيرة
لعمليات
التدريب على
السلوك
العبادي. وقد
أشارت
النصوص
الإسلامية
بوضوح إلى
الطابع غير
المستقل لدى
شخصية
المراهق.
فالنبي (ص)
كما لحظنا قد
شبه الطفل في
مرحلته
الأولى، وهي
مرحلة (اللعب)
(من 1 إلى 7) شبهه
بـ(السيد).
وشبهه في
مرحلته
الثانية (من 7
إلى 14) بـ(العبد)
أما في
المرحلة
الثالثة،
فقد شبهه بـ(الوزير). لنقرأ
النص من جديد: (الولد
سيد سبع سنين.
وعبد سبع
سنين. ووزير
سبع سنين). ومن
الواضح، أن (الوزير)
يختلف عن
رئيس الدولة
مثلاً كما
قلنا بأنه لا
يملك
صلاحيات
كاملة في
تسيير أمور
الدولة، كما
يختلف عن
المواطن
الأهلي
بتملكه
صلاحية
رسمية في
ممارسة شؤون
الدولة:
ولكنها في
نطاق محدد.
وهذا يعني أن
المراهق
يجمع بين
استقلال
الشخصية
وعدمه،... أنه
مستقل ولكنه
استقلال
ناقص. ومن
هنا يفتقر
إلى مزيد من
التدريب حتى
يسد النقص،
ويستكمل
استقلال
شخصيته. وإذا
كان الأمر
كذلك: حينئذ
لابد من
متابعة
تدريبه على
تعلم السلوك
الصائب على
نحو ما نبذله
من التدريب
في مرحلة
الطفولة
المتأخرة.
نفهم هذا
بشكل واضح،
حينما نتابع
الوثيقة
التربوية
التي قدمها
النبي (ص) حيث
أضاف قائلاً:
(فإن رضيت
خلائقه
لاحدى
وعشرين سنة:
والاضرب على
جنبيه، فقد
اعذرت إلى
الله). وهذا
يعني أن
نهاية
المراهقة،
تمثل: (نهاية)
لامكانات
التدريب، أي:
إنها تتمتع
بامكانات
تطبيع الفرد
على السلوك
الصائب،
بحيث إذا
فشلت
التربية في
تدريبه (في
سن 21) على
السلوك
الجيد،
حينئذ يكون
ولي أمره
معذوراً
أمام الله
أي، إن نهاية
التدريب،
تتم مع نهاية
مرحلة (المراهقة)،
وتنتهي بذلك
مسؤولية ولي
أمره. ونخلص
من هذا كله،
إلى أن
المعنيين
بشؤون
التربية
الإسلامية،
ينبغي ألا
يهملوا
أيضاً مراحل
الدراسة
الثانوية
والجامعية
التي تستغرق
سنوات (المراهقة)
السبع، وألا
يكتفوا فيها
بتعليم
المهارة (المعرفية)
للطالب، بل
يضيفون
إليها،
تعليم
السلوك
بعامة أيضاً.
على نحو ما
قلناه عن
مرحلة
التعليم
الابتدائي:
فمادامت (المراهقة)
ذات امكان
على تعلم
السلوك،
يماثل
امكانات
الطفولة:
حينئذ يتعين
على مسؤولي
التربية
ملاحظة هذا
الجانب،
والتشدد على
(تعديل) أي
سلوك: لم
تستطع مرحلة
الطفولة أن
تعدل منه. من
جديد... نلفت
انتباه
المشتغلين
في حقل
التربية
والتعليم
إلى ملاحظة
هذا الجانب،
والعناية به
بنفس
العناية
التي
يولونها
حيال (المعرفة)،
وأعني به:
تخصيص (الحصص
العملية)
لتعلم
السلوك
النفسي
والاجتماعي،
في كل مراحل
التعليم
الابتدائي
والثانوي
والجامعي. كما
نلفت انتباه
الأبوين،
وأولياء
أمور
الأطفال
والمراهقين
بعامة، إلى
مراعاة هذا
الجانب،
واستثمار
مرحلة
الطفولة
المتأخرة (من
7 إلى 14)
والمراهقة (من
14 إلى 21). في
التدريب على
السلوك
الإسلامي في
مختلف
الصعد، حتى
يختزلوا
أمامهم
متاعب
المرحلة
الراشدة بما
يواكبها من
بيئة تعج
بالمثيرات
والاحباط
وما يجرانه
من صراع
وتمزق
وانحراف... [1]
الوسائل: باب
74 ح5، أحكام
الأولاد. [2]
الوسائل: باب
74 ح4، أحكام
الأولاد. [3]
الوسائل: باب
83 ح1 أحكام
الأولاد. [4]
الوسائل باب 83
ح7 أحكام
الأولاد. [5]
الوسائل: باب
44 ح12، أحكام
الوصايا. [6]
الوسائل: باب 4
حديث مقدمة
العبادات. [7]
الوسائل: باب 2
ح2 أحكام
الحجر. [8]
الوسائل: باب 2
ح2 عقد البيع. [9]
البحار ص96،
جلد 1، العقل
والجهل. [10]
الوسائل: باب
74 ح5 أحكام
الأولاد. [11]
الوسائل: باب
97 ح7، جهاد
النفس. [12]
البحار، ص131،
ج1، العقل
والجهل.
|
||||||||
|