.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

كيفية التخلص من العادات الذميمة

الخلق الكامل:

ثريّ يعشق الاستجداء:

ثلاثة شروط أساسية لمكافحة العادة:

نصائح لتقوية الإرادة:

أهمّية تكرار العمل:

المثال الأول: إزالة صفة الجبن:

المثال الثاني: إزالة صفة البخل:

الغرائز ومكافحة العادة:

المثال الأول: داء الغرور:

المثال الثاني: داء الحسد:

المثال الثالث: داء التكبر:

 

الدرس الثامن

كيفية التخلص من العادات الذميمة

الخلق الكامل:

إذا رجعنا إلى الدرس الخامس من هذا القسم فإننا نلاحظ إننا وقفنا مع النظريات حول جذور الأخلاق وعرفنا دور الدين في تنمية الأخلاق.

ولنا هنا في هذا الدرس وقفة أخرى نريد أن نعرف من خلالها سبب تفاوت الناس في مراتب الأخلاق وكيفية التخلص من العادات الذميمة التي اعتادتها النفس، فنقول: إن الإنسان إذا اتصف بأمّهات الفضائل [العفّة الشجاعة الحكمة العدالة] فقد تمّت وكملت أخلاقه وكان متّصفاً حينئذ بحسن الخلق بالمعنى الحقيقي الصحيح، ومن النادر جداً أن يُوفّق الإنسان لعقلِ كامل ولأخلاق فاضلة من بداية حياته، بحيث يكون مكفيّاً من سلطان الشهوة والغضب، بل إن هذا التوفيق خاص بالأنبياء والأئمّة (ع) لعلم الله تعالى بذواتهم الطاهرة، ففطرهم على ذلك، ومن هنا نجد العناية الإلهية الخاصة بالرسول (ص) إذ هو (ربيب الله) وهو الذي يقول (أدّبني ربي فاحسن تأديبي)[1]، ولم يمدح الباري تعالى نبياً بما مدح به هذا الإنسان الكامل إذ يخاطبه بقوله: {وإنّك لعلى خلق عظيم}[2]، ولكن سائر الخلق يتفاوتون من هذه الناحية قوة وضعفا.

يولد الإنسان صحيفة بيضاء:

من الخطأ الفادح إن يتوهم البعض إن الناس يولدون أخيارا متصفين بالفضائل أو أشرارا متصفين بالرذائل، كما يولد (الحَمَل)[3] وديعاً، والنمر مفترساً، فليست الأخلاق وليدة الاتفاق والصدفة بل هي ملكات مكتسبة إما من التربية أو من البيئة، لذلك قال الفلاسفة القدماء: (الإنسان صحيفة بيضاء يرسم فيها المربّي ما يشاء).

أدقّ من الشعرة:

إنّ التوفيق بين ملكات الإنسان والموازنة بينها وعدم الميل إلى جانبي الإفراط والتفريط ليس بالأمر السهل ولا بالطريق المعبّد، بل هو في غاية الصعوبة ولا يمكن ذلك إلا بالجهاد المتواصل ومن هنا اعتبر البعض كالعلامة الطوسي (قده) وجماعة آخرون أن معنى الصّراط الذي وصفته الأخبار بأنه: (أدقّ من الشّعرة واحدّ من السيف)[4] هو الموازنة والاعتدال في الصّفات الأخلاقية والملكات النفسية وذلك لصعوبة هذا الأمر.

وباعتبار كون صفات الإنسان وأخلاقه المكتسبة تتجسّد في عالم الآخرة فلا يستبعد صحّة هذا الرّبط بين صراط الأخلاق وصراط يوم القيامة، ولا يعنى هذا بطبيعة الحال إنكار وجود صراط ممدود كالجسر على الجحيم بل المقصود ان من ثبت على الأخلاق الحسنة في الدنيا ووازن بين ملكاته ولم يمل إلى الإفراط والتفريط لم تزلّ قدمه يوم القيامة على ذلك الصراط ووصل إلى الجنـة، وأما من مال عن الأخلاق الحسنه وحاد عنها في الدنيا ومال إلى جانبي الإفراط والتفريط فسوف تضطرب قدمه على ذلك الصراط ويسقط في جهنم ؛ ورغم صعوبة هذه الموازنة بين الملكات إلاّ أنّها لم تصل إلى حدّ الاستحالة، وقد تبنى هذا الرأى مجموعة من الكتاب منهم الفيلسوف الألماني (شوبنهار) والفيلسوف الهندي (وسبينوزا) والفرنسى (ليفي بريل)، لكن اكثر الفلاسفة الأخلاقيين في الشرق والغرب قد ردوا هذا الرأي واعتبروه من شذوذ الأقاويل، وقد أشرنا في الدرس الثاني من هذا القسم إلى التفصيل في إمكان التبديل وعدمه بين صفات وأخرى فراجع.

العادة طبع ثاني:

يمكن أن تكون الصّعوبة في الموازنة بين الملكات راجعة إلى صعوبة التخلّي عمّا أعتاد عليه الإنسان لمدة طويلة، حيث أن الفرد إذا مارس فعلاًمّا انسجم فكره معه وأنست نفسه به وأصبح له بمثابة الطبع كما يقول أمير المؤمنين (ع): (العادة طبع ثاني)[5] ويقول أيضاً: (العادة عدوُّ متملّك)[6] وبالتالي يكون من غير السّهل الإقلاع عنه، يقول الإمام العسكري (ع): (ردّ المعتاد عن عادته كالمعجز)[7]، وأوضح مثال على ذلك من تعوّد شرب السجائر سنيناً طويلة وبصورة دائمة فانه يصعب عليه التخلي عنه كما هو واضح، وهكذا يجرى نفس الكلام في جانب الرذائل الأخلاقية كالكذب والغيبة والحسد والغضب في غير محله والغرور والتكبر، فمن اعتاد عليها فترة من الزمن عسر عليه التخلص منها.

ثريّ يعشق الاستجداء:

وكشاهد على ما نقول إقرأ معي هذه القصة: حكي أن ثرياً ارتكب جريمة مّا في حق رجل وبعد تقديمه للمحاكمة حكم عليه بالقتل ما لم يعف عنه الرجل، فأخذ الثّريّ يتوسّل إليه حتى يعفو عنه، فرضي الرجل بالعفو عنه بشرط أن يجلس هذا الثريّ المجرم على قارعة الطريق أمام المارّة يومياً طوال سنة كاملة ويستعطي الآخرين وكأنّه فقير صعلوك، ولكي يحافظ هذا الثريّ على رأسه من القطع رضي بهذا الأمر العسير وهذه الإهانة الكبيرة وهو يتجرع المرارة، وحدّدت المحكمة وقتاً لذلك ووضعت عليه رقابة مشدّدة، فجلس في طريق المارّة متمنياً في أوّل الأمر أن تنشقّ الأرض وتبتلعه ولا يكون في مثل هذا الموضع المخزي ويذوق مرارة الإهانة، مادّاً كفّه للآخرين يطلب منهم المساعدة ليمدّوا يد العون له، ومع مرور الأيّام أصبح الأمر سهلاً نوعاً مّا ثم صار طبيعياً بعد ذلك، وفي الأخير أصبح ينتظر الساعة التي يجلس فيها على الطريق بهذه الحالة، وانتهت سنة كاملة فرفعت المحكمة عنه هذا الحكم لكن الغريب في الأمر أن هذا الثريّ ما زال يأتي يومياً إلى مكانه السابق بنفس الطريقة، فلما سئل عن ذلك، أجاب: أنه لا يستطيع التخلّي عن هذه العادة التي تعوّد عليها إذ أنّها أصبحت جزءاً من حياته!!

والحاصل: أنّ الفرد الذي يتعوّد على مزاولة أمر مّا فإنه يصبح أمراً طبيعياً مهما بلغت صعوبته سابقاً، وذلك لان من خصوصيات النفس انسها بكل أمر تكرره حسنا كان أو قبيحاً كما قيل: النفس كالطفل ان تهمله شب على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم.

ثلاثة شروط أساسية لمكافحة العادة:

إن مكافحة العادة كالمعجز لكن لم يصل إلى حدّ الاستحالة فلا ينبغي أن يتولد اليأس لدى الفرد المعتاد على أمر مّا ولكن إذا أراد أن ينجح في هذا المضمار فليهيئ نفسه جيداً للدخول في هذه المعركة، وليعلم أن نجاحه يتوقف على شروط ثلاثة:

أولاً: تحديد العادة التي يريد الإقلاع عنها وتحديد البديل لهذه العادة، وهذا شئ مهم.

ثانياً: تلقين النفس بأن الأمر الذي اعتادت عليه أمر سيئ عقلاً وشرعاً فمثلاً: من أراد أن يقتلع صفة (الجبن والخوف) من نفسه، فعليه أن يلقن نفسه ويخاطبها بما يلي:

إن الأمر الذي تخافين منه متساوي الطرفين فمن الممكــن وقوعه ومن الممكن أيضاً عدم وقوعه، فلماذا ترجِّحِين إحدى الطرفين وهو الوقوع على عدم الوقوع، إن هذا ترجيح بلا مرجح والعاقل لا يرجح طرفاً على آخر من غير مرجح، وبالتالي فلا داعي للخوف.

فإذا لقًّن الإنسان نفسه هذا القول مراراً في كل مورد خاف فيــه، فسوف تتولَّد قناعة لدى النفس بأنه لا داعي فعلاً لهذا الخوف أو ذاك إذا كان في غير محلّـه، وهكذا يلقِّن نفسه بمساوئ كلّ صفة يريد التخلّي عنها، ويلّقنها بمحاسن كلّ صفة يريد التحلِّي بها.

والنتيجة: إنّ تلقين النفس له الدور الكبير في تسهيل السلوك للإتيان بالخلق الحسن وترك الخلق السيئ، وهدم الخلق القديم، وبناء الخلق الجديد حتى وإن لم نقل أن ذلك يتم بصورة جذرية في بعض الصفات الأخلاقية.

ثالثاً: تهيئة كل ما لديه من العزم والإرادة واستثمار كلّ طاقاته من أجل بلوغ الهدف الذي يريد تحقيقه وهو الإقلاع عن هذه العادة المحددة، إذ أنّ إرادة الإنسان هي المحرّك الأوّل لقوّة العمل وبقوّة هذه الإرادة تكافح هذه العادة الشاذّة وتصادم الميول المتطرّفة كما أنه بقوّة الإرادة تبتدأ الفضيلة وفي هذا الشأن يقول الإمام الصادق (ع): (ما ضعف بدنٌ عما قويت عليه النيّة)[8]، والمقصود بالنّية هنا (الإرادة)، وبدونها لن يحقق شيئاً.

نصائح لتقوية الإرادة:

من شروط مكافحة العادة  ـ  كما ذكرنا أعلاه  ـ  العزم والإرادة وهذه الإرادة لابد أن تكون قوية بحيث تقدر على أن تتخطى الصعاب وتكون كما قال الشاعر:  

 

فما انقـادت الآمـال إلا لصابر

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

ويقول الآخر:

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله

وتختلف قوة الإرادة من فرد إلى آخر ولذا سنذكر باختصار بعض النصائح التي أدلى بها علماء النفس في هذا الصّدد والتي من شأنها تنمية الإرادة وتقويتها:

1)     عيّن الهدف قبل بدء العمل ولا تتردد، يقول الشاعر:  

فإن فساد الرأي أن تتردّدا

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

2)     ليكن طموحك الوصول إلى أعلى درجة من هدفك المنشود، يقول أبو القاسم الشابي التونسي:  

يعش ابد الدهر بين الحفر

ومن لم يحب صعود الجبال

   ويقول آخر:  

فلا تقنع بما دون النّجوم

إذا غامرت في أمر مروم

الموت المرء في أمر عظيم

فطعم الموت في أمر حقير كطعم

3) ازرع في نفسك الثّقة بالوصول إلى ما تريد، حيث إن الثّقة بالنّفس يخفّف عنك جهد العمل وبه تقطع نصف المسافة، عليك أن تبعد العجز عنك وتتحدّى الصعوبات فأنت البطل في هذه الحلبة، يقول أمير المؤمنين (ع): (أعجز الناس من قدر أن يزيل النقص عن نفسه ولم يفعل)[9].

4) حاول إتقان العمل وإن كان شاقاً، فإنّ الفوز نتيجة المثابرة والإتقان.

5) حاول تكرار العمل ومعاودته كثيراً حتى ينطبع في النفس وتزول الصفة المضادّة.

ولأهمية هذا الأمر الأخير  ـ  تكرار العمل – سنقف معه قليلاً.

أهمّية تكرار العمل:

لقد أثبتت التجارب الإنسانية بأنّ مزاولة أي عمل وتكراره والمواظبة عليه كثيراً يجعل هذا العمل مرتكزاً في الذهن ومنتقشاً في النفس إنتقاشاً متعذّر الزوال أو متعسّره على الأقلّ، وكما يقال: (من شبّ على شيء شاب عليه)، ويقول أمير المؤمنين (ع): (من استدام قرع الباب ولج[10] ولج)[11]، ويقول أيضاً: (ومن يدمن قرع الباب يلج)[12].

وهذا الأسلوب من أنفع الأساليب في التربية بشكل عام كما تقدم، ولترسيخ الملكات الفاضلة في النفس وإزالة الرذائل عنها بشكل خاص، وإن كان هذا فيه نوع من الصعوبة في أول الأمر إلا أنه سيصبح بفضل التكرار يسيراً تتقبّله النفس لأنّها مجبولة على ما عوّدت عليه، ولنضرب مثالين على هذا:

المثال الأول: إزالة صفة الجبن:

لو أراد أحدنا التخلص من صفة الجبن عن نفسه والاتصاف بالشّجاعة فما عليه  ـ  بعد العزم والإرادة  ـ  إلاّ أن يكرّر الورود في المواقف الشّديدة والمواطن المهولة وبصورة مستمرّة حتىّ يزرع في نفسه الاتصاف بالشّجاعة وبذلك يصبح ذلك الأمر المخيف أهون حالاً مما سبق، وإن لم يصل إلى حد الأمر الطبيعي بالنّسبة إليه، كما يقول أمير المؤمنين (ع): (إذا هبت أمرا فقع فيه فان شدة توقيه اعظم مما تخاف منه)[13].

المثال الثاني: إزالة صفة البخل:

من أراد التخلص من صفة البخل والاتصاف بالكرم فعليه الإقدام على البذل والعطاء وبصورة دائمة، وبالتّالي سيرى أنّه اتصف بصفة الكرماء وابتعد عن صفات البخـلاء، وإن لم يكن ذلك بصورة كلية، وهذا هو معنى التّرويض والتّذليل للنّفس الذي يشير إليه أمير المؤمنين (ع) بقوله: (إنّما هي نفسي أروّضها[14] بالتّقوى لتأتي آمنةً يوم الفزع الأكبر وتثبت على جوانب المزلق)[15].

ونودّ أن نشير إلى أنّ هذه الطريقة – وهي تكرار العمل – ليست في جانب اكتساب الفضائل فحسب بل تتأتّى أيضاً في جانب اكتساب الرذائل، فمع تكرار الرذيلة باستمرار تصبح راسخة في النفس يصعب التخلي عنها، وكما ينقل أن بعض الناس يجبرون على تناول الحشرات والأفاعي والعقارب والفئران والديدان وغيرها مما لا يستساغ أكله، وفي أوّل الأمر يكاد هذا المجبَر أن يلفظ كبده عند تناولها ولكن مع مرور الزّمن يعتاد عليها وتصبح أمراً طبيعياً بل ربمّا عسر عليه الاستغناء عنها بعد ذلك.

الغرائز ومكافحة العادة:

من ضمن الطّرق السّليمة والمعقولة لمكافحة أيّ رذيلة تعوّد عليها الإنسان: استخدام الغرائز الكامنة في النّفس، حيث إن في نفس الإنسان غرائزاً من الضروري إشباعها بما يناسبها لكنّه يغفل عنها فعليه أن يستخدمها كسلاح للتخلّص من العادات المذمومة ؛ ولنضرب مثلا لتوضيح ذلك: المصاب بداء السكّر والذي قضى ثلثي عمره في تناول السكّريات والأطعمة الشهية وتعوّد عليها، حينما ينبّهه الطبيب بالعواقب الوخيمة النّاجمة من تناول هذه الأطعمة.. نراه يمتنع عن تناولها ويهجرها رغم تعوّده عليها، والسبب في ذلك هو: (غريزة حب البقاء) إذ هي خير سلاح يستخدمه ضدّ ما تعود عليه سابقاً.

وهكذا بالنسبة للأمراض الأخلاقيّة فإنّ استخدام الغرائز نافع في الإقلاع عنها وهاك ثلاثة أمثلة على ذلك:

المثال الأول: داء الغرور:

إن المصاب بهذا الداء إذا أراد التخلص منه فعليه أن يكرّس (غريزة) أخرى لمحاربة هذا الداء، وهذه الغريزة هي عبارة عن (حب الانسجام مع المجتمع) وجلب الناس وبالتالي احتلال المكانة المرموقة في قلوبهم، إذ أن المغرور ينبذه الآخرون ويسخطون عليه، يقول الإمام الهادي (ع): (من رضي عن نفسه كثر السّاخطون عليه)[16].

مضافاً إلى أنّ المغرور عرضة لسخط الله تعالى كما يقول أمير المؤمنين (ع): (من رضي عن نفسه أسخط ربه)[17].

ويقول عليه السلام: (من اسخط بدنه أرضى ربه ومن لم يسخط بدنه عصى ربه)[18].

المثال الثاني: داء الحسد:

إن المبتلى بهذا الداء إذا أراد التخلّص منه فليستخدم (غريزة) تناسب ذلك وهي (غريزة حب السلامة) إذ أنّ الحاسد يشغل فكره وذهنه وبالتالي يمرض جسمه، كما يقول أمير المؤمنين (ع): (العجب لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد)[19]، مضافاً إلى كون الحسد سبباً لضياع الأعمال، يقول الإمام الباقر (ع): (إنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب)[20].

المثال الثالث: داء التكبر:

إن المبتلى بهذا الداء إذا أراد التخلص منه فليستخدم (غريزة) أخرى ولنسمّيها (حب المعزّة) لدى الآخرين إذ أن الناس العقلاء يحتقرون المتكبر لتكبره ويعزّون المتواضع، وبالتّالي يصبح ذليلاً فيما بينهم إن تكبّركما يقول أمير المؤمنين (ع): (من تكبّر على الناس ذلّ)[21] فلكي يحفظ الإنسان عزّته وكرامته لدى الآخرين فليترك التكبّر وليتواضع لهم.

والخلاصة التي نستفيدها من جميع ما سبق: إنّ الإنسان مهما تعوّد على ممارسة فعل ذميم فإنه في نفس الوقت مزوّد بطاقات هائلة يستطيع بواسطتها التغلّب عليه وإبدال هذا الفعل بفعل حسن مضاد له، خاصة إذا لم يكن هذا الفعل الذي يريد التخلص منه من النحو الذي تأصل في النفس، وهذا من أسلم الطرق وأقربها وأنجحها للتخلص من العادات الذميمة والتحلي بالعادات الفاضلة، لكن بشرط إتباع الخطوات التي ذكرناها آنفاً.

للقراءة والتأمل

قال أمير المؤمنين (ع): (ميدانكم الأول أنفسكم فإن قدرتم عليها فأنتم على غيرها أقدر وإن عجزتم عنها فأنتم على غيرها أعجز فجرّبوا معها الكفاح أوّلا)[22].

ويقول أيضاً: (لاروّضن نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً)[23].

يقول ابن مسكويه وهو الاستاذ في علم الاخلاق: (اني تنبهت من نوم الغفلة بعد الكبر واستحكام (العادة) فتوجهت إلى فطام نفسي عن رذائل الملكات وجاهدت جهاداً عظيماً حتى وفقني الله لاستخلاصها عما يهلكها، فلا ييأس أحد من رحمة الله فان النجاة لكل طالب مرجوة وأبواب الإفاضة أبدا مفتوحة..).

الأسئلة

السؤال الأول: ما معنى إنّ الإنسان يولد صحيفة بيضاء؟ واذكر قول الفلاسفة في ذلك؟

السؤال الثاني: ما هي العلاقة بين الموازنة في الملكات النفسية وبين صراط الآخرة؟

السؤال الثالث: ما العلاقة بين العادة والتربية؟

السؤال الرابع: ما هي شروط مكافحة العادة؟

السؤال الخامس: كيف نستطيع تقوية الإرادة؟

السؤال السادس: إن تكرار العمل يرسّخ الملكات في النفس كما عرفنا، اذكر مثالين على ذلك؟ (غير المذكورة في الدرس).

السؤال السابع: كيف نتخلّص من صفة الغضب باستخدام الغرائز؟

 


[1] البحار ج 16 ص 210.

[2] القلم آية 4.

[3] الخروف.

[4] البحار ج 8 ص 65.

[5] غرر الحكم ودرر الكلم ص 26.

[6] غرر الحكم ودرر الكلم ص 33.

[7] البحار ج 78 ص 374.

[8] الكافي الحديث 13 باب الجبر والقدر.

[9] مستدرك الوسائل ج2 ص310.

[10] ولج: الـحّ في الطرق.

[11] غرر الحكم ص718.

[12] البحار ج 91 ص 96.

[13] البحار ج 70 ص 362.

[14] أروضها بمعنى: أذلّلها.

[15] نهج البلاغة: كتاب الإمام إلى ابن حنيف رقم 45.

[16] البحار ج 72 ص 316.

[17] غرر الحكم ص308.

[18] البحار ج 70 ص 312.

[19] البحار ج 73 ص256.

[20] البحار ج 73 ص 273.

[21] البحار ج 1 ص 160.

[22] نهج البلاغة.

[23] نهج البلاغة ج 16 ص 294.

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست