.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست
 

استمعا لما أقول

تصارحا بمشاعركما

العفو والتسامح

لا.. لإهمال الحقوق

الفصل السادس عشر

إستمعا لما أقول!

  " لا ننكر أن الزوجين، مهما كان مغرماً أحدهما بالآخر، لا يملّ أحدهما عشرة الآخر، أحياناً، ولا ننكر أن علاج هذا الملل، أن يعاشر آخرين، أولاً لكي يزول هذا الملل، وثانياً لكي يكتسب، من عشرة الآخرين معلومات وتصورات وأفكاراً لا تكتسب بالاقتصار على عشرتهما مستقلين وحدهما "[1].

الأمر الذي لا يقبل الجدل!!

أن تكون السيدة ماري ستوبس فقدت صوابها، لطرحها هذا النوع من الأفكار المنبوذة، والمدمرة لواقع الحياة الأسرية، فلربما كان القول بتطبيق هذه الرؤى في المجتمع الساقط، المنحل للقيم والأخلاق الإنسانية!! أما في واقعنا الإسلامي!! فلا يعقل ان يعيش الزوجان حالة من السأم والملل، مع بعضهما؟!

وكيف.. يكون ذلك؟؟

وكلٌ من الزوج والزوجة ينتظر ساعة اللقاء التي تجمعهما بعد ساعات متواصلة من العمل، يرجع الزوج في لهفة لملاقاة زوجته، بل لعلها هي الأخرى أكثر حرارةً لاستقباله!! وهذا الواقع عبرت عنه الآية الكريمة:

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة...)[2].

.. وأنا على يقين كامل، بأن أحد الأسباب الكاملة، لتفشي البطالة والبغاء في المعسكر الغربي، هو تمادي مثل هذه الأقلام في خرق القوانين العامة،على حساب المصالح الشخصية، ومن المصلحة للسيدة المحترمة ماري ستوبس ان تطرح هذه السموم لأن علاقتها بزوجها، مبنية على الخداع والخيانة!!

فكيف تطيق العيش والحياة مع زوجها إذن!!!

لذا.. فهي تسعى جاهدة للبحث عن البديل!!!

[للاطلاع على الانحطاط الخُلقي الغربي تُقرأ رواية " العراب " ففيها من البشاعة ما يصم الآذان ويزكم الأنوف].

وكل ما أحببت أن أوضحه ـ هنا ـ هو مرور الأفكار التي نسمعها ونقرأها على العقل الإنساني، الذي بدوره يضع النقاط على الحروف، وتجد عنده الإجابة السليمة، والحل الأسلم، في التجاوب أو الرفض لمجمل الأفكار التي تعصف في رأسكما.

وحاولا.. أن توجدا الحياة الكريمة الفاضلة.

ولأجل الوصول إلى ذلك:

أولاً: تصارحا.. بمشاعركما!!

إن المنعطف الأول، الذي يهدد الحياة الزوجية هو التعطش العاطفي، الذي يُجبر فيه المرء للخروج عن النطاق الأسري، حالما يجده في أي مكان آخر، فلأجل الحياة الكريمة التي تنشدانها، لا بد إذن من وجود الأجواء العاطفية في المنزل والتعبير عنها، والمصارحة بها..

يقول الرسول (ص):

" قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً "[3].

يقول الفيلسوف الكبير (بترارك):

يصف المرأة التي يحبها:

" إن ( لور) التي أتلظى بوطيس غرامها، دعتني إلى حبها، وإني قد أحببت عقلها لا جسدها.

ودليلي على ازدياد حبي لها أنها كلما تقدمت في السن فإن جمالها قد ابتدأ بالذبول في قليل من الزمن. ولكن!

عقلها كان يزداد إزدياداً أشغفتني حتى تمسكت بها.

فلو كنت لا أحب فيها سوى جسدها، لكان حبي قد فتر منذ فترة طويلة فلتشهد عليَّ بأنني لم أشعر لغيرها بهذا الإحساس، وأود لو يرى الناس حبي لها كما يرون وجهها. لأني كوجهها نقي، خال من أي تشويه، والفضل يعود لها في كل ما أنا فيه من الشهرة، لأنني لولا أفكارها الحسنة البناءة والإحساسات التي زرعتها في قلبي لما نبت فيه بذار الفضيلة التي زرعته الطبيعة فيَّ ".

ثانياً: العفو والتسامح

الزوجان السعيدان..

ما هما إلا جسدان، بقالب واحد، خاصةً وإن كلاً منهما سيتشعر متاعب الشريك وهمومه ومشاكله، ويحس به كل الإحساس، ويتخلق ويتحلى بالعفو والتسامح في كل حياته إزاء أخطاء الشريك وزلاته، في ممارسة الحياة اليومية، يتجنبان بعدها خوض المعارك الطاحنة، شتماً وركلاً وتوبيخاً، وعلى الطرف اليقظ أن يغفر دائماً؟.

فمع استمرار العشرة، تطفو بعض الأخطاء والعيوب على السطح، وما على الطرف الآخر إلا الجدية في إزالة الرغوة الطارئة!

= استمر على ارتباطه بزوجته ثلاثة أعوام، إكتشف مع الأيام أنها عصبية المزاج، سريعة الغضب، تحرق الأخضر واليابس بعباراتها القاسية وألفاظها المزعجة، محاولة القضاء على آصرة جميلة بينهما..

ماذا.. تتوقع ـ أن يتصرف هذا الزوج المغلوب على أمره؟؟

ببساطة.. جداً، وبشيء من الحكمة، تقرب إلى خفاياها، محاولاً الدخول في محيطها النفسي، ويستشف من ذلك جذور هذا السلوك الخاطئ!!

وبالفعل..

توقف لأخذ العلاج، وكأنها مريضة في عيادته الخاصة، وبرغم قلة خبراته إلا أنه قطع شوطاً لا بأس به في الحصول على النتائج في فترة وجيزة.

ولو اتخذ الأسلوب المغاير، لتجذرت شجرة المتاعب بينهما، وتعسر فيما بعد اقتلاعها والتخلص منها =.

لا.. لإهمال الحقوق!!

" يقول الرسول (ص) لامرأة سألته:

ما حقي على زوجي؟

قال: حقـك عليـه، أن يطعمـك مما يأكل، ويكسـوك مما يلبس، ولا يلطم ولا يصيح فـي

 وجهك "[4].

وعنه أيضاً (ص) قال:

" لا تؤدي المرأة حق الله عزّ وجلّ حتى تؤدي حق زوجها "[5].

.. لقد تكفل الإسلام بتحصين الأسرة ووضع الدعائم الأساسية لصيانتها، وأحاطها بسياج من العدالة، ففرض على كلا الزوجين حقوقاً وواجبات، ضماناً لحياتهما من التفكك، ووقاية من وقوع الخلافات والمنازعات، فلهذا كل حق يمنح لأحدهما لا بد أن يؤدي نظيره للآخر.

ولم يكتف الإسلام بوضع الحقوق والواجبات لكل طرف، بل شجع ودعا إلى التسابق في ميدان العمل، والمبادرة إليه، والحصول على الجزاء الأوفى من قبل الله سبحانه وتعالى:

(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين).

عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال:

قال رسول الله (ص): " إذا صلّت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت "[6].

واحتقر من خرج عن المألوف ووبخه وقال: ـ

" ألا وإن الله ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأة حتى تختلع منه "[7].

" إني لأتعجّب ممّن يضرب امرأته، وهو بالضّرب أولى منها.. "[8]

" ملعونة، ملعونة، امرأة تؤذي زوجها وتغمّه... "[9].

وأخيراً.. إذا كنت تطمح بالحياة السعيدة في عشك الدافئ:

1 ـ أعرب لزوجتك عن حبك.

2 ـ إمتلك العفو والتسامح.

3 ـ لا.. تهمل لها حقاً....

 


[1]  أسرار الحياة الزوجية / الدكتورة ماري ستوبس : ص302 .

[2]  سورة الروم ، الآية : 21 .

[3]  وسائل الشيعة / ج7 ، ص10 .

[4]  مكارم الأخلاق : ص218 .

[5]  مكارم الأخلاق : ص215 .

[6]  نفس المصدر : ص201 .

[7]  ميزان الحكمة : ج4 ، ص287 .

[8]  ميزان الحكمة : ج4 ، ص287 .

[9]  ميزان الحكمة : ج4 ، ص287 .

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست