.

:الموضوع

الغيرة، الحياء

الفصل الرابع 1

تشكيل الأسرة

إن هذا الفصل يتناول بحث تشكيل الأسرة، والفوائد المترتبة على ذلك من منظار إسلامي، كلّنا أمل في أن نتمكن من خلال هذا الفصل حلّ إحدى المعضلات الاجتماعية.

إن لتشكيل الأسرة فوائد كثيرةً، وكثيرةً جداً، وإن إرضاء الغريزة الجنسية مقابل تلك الفوائد لا يعدّ شيئاً، ولو افترضنا أننا استفدنا من بحوثنا السابقة بأن قتل النفس الأمَّارة بالسوء والذي يعني قتل جميع الرغبات والميول ومن جملتها الغريزة الجنسية حرام بنظر الإسلام، وأن الغريزة الجنسية لا تعدّ شيئاً مهماً إذا ما قيست بالفوائد التي تصدر عن تشكيل الأسرة.

إن الفائدة الأولى التي يمكن أن تنتج عن تشكيل الأسرة هي إرضاء الفطرة، وهي فائدة مهمة جداً، لأن الرجل للمرأة، والمرأة تنجذب إلى الرجل، وإن الأولاد هم حاصل تجاذب المرأة والرجل وهذا أمر طبيعي، لذا تكون المرأة منجذبةً نحو الرجل منذ اليوم الأول الذي وضع فيه الإنسان قدمه على الكرة الأرضية، وأن الرجل تجذبه المرأة، ويكون نتاجهما من الأولاد متعلقاً بهما فقط.

إن أوّل من أحيا هذه الفطرة هو نبيّ الله آدم أبو البشر وزوجه حواء عليهما السلام لتبقى هذه الفطرة إلى يومنا هذا، ولو تمكنت إحدى الأُسر من تقديم نسل صالح للمجتمع ستحظى حتماً بالأجر والثواب، وهذا هو نظر الإسلام العظيم، وقد لا يكون هناك أجر ولا ثواب في الإسلام أسمى من هذا، لذا تكون الآية المباركة التالية دليلاً على قيمة الإنسان الرفيعة. (من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض، فكأنَّما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنَّما أحيا الناس جميعاً) (المائدة/ 32).

لقد ذيّل الإمام الصادق جعفر بن محمد (ع) هذه الآية بمعنى باطني ودقيق وهو: إذا تمكن فرد من حرف آخر عن جادة الصواب، أو أخرجه من الطريق المستقيم كان وزره كالذي قتل الناس جميعاً، ومن هدى شخصاً إلى سواء السبيل بعد أن كان منحرفاً فكأنما أحيا الناس جميعاً.

وبناء على ذلك يحذّر الإمام الصادق (ع) الناس من مغبّة التحدث جزافاً خشية انحراف البعض عن جادة السواء.

وعليه ينبغي لكم أن تحذروا تشويه سمعة العلماء أمام ابنائكم، ولا تسيئوا الظن بالمنبر والمحراب، لأنكم إن فعلتم ذلك تكونوا كالذي قتل الناس جميعاً.

فالحذر الحذر من زلاّت أقلامكم، وشطحات ألسنتكم، وطريقة أعمالكم، واسعوا لتربية الناس وفق ما جاء في كتاب الله تعالى، فإذا تمكنتم من مدّ يد الهدى لأحدهم فلا تبخلوا عليه بذلك، واعموا أنكم بنجاته تنجون العالم كلّه.

وبناء على ما تقدم، يكون تفسير الإمام الصادق (ع) الخالص لتلك الآية هو: إذا استطاع زوجان تقديم جيل صالح إلى المجتمع فسوف يكون ثوابها أكثر من ثواب ذلك الذي يبني مسجداً، أو مدرسة، وسيكون ثوابها كثواب الذي أحيا الناس جميعاً.

وعليه يكون تقديم الأبناء الصالحين إلى المجتمع الإسلامي أكثر ثواباً من بقية الأعمال الصالحة، ولكن متى يمكن تقديم الأبناء؟ يمكن ذلك بعد تشكيل الأسرة.

نقرأ في الروايات المتواترة، أن النبي الأكرم  (ص) والأئمة الأطهار (ع) كانوا قد تطرّقوا كثيراً إلى أن الذي يموت ينقطع عمله، إلاَّ من كان لديه أعمال باقيات صالحات ممتدات إلى الحياة الأخرى، وأحد مصاديق هذه الباقيات الصالحات الأولاد الصالحون.

فمن ترك وراءه ابنة صالحة، أو ابن صالح فهو شريك معهما في الثواب الذي يمكن أن يحصلا عليه من خلال قيامهم بالأعمال الخيّرة، ومثله كمثل ذلك الذي يسنّ سنّةً حسنة فيحصل هو على أجرها، وعلى مثل أجر من يعمل بها إلى يوم القيامة.

إذن، سيكون الوالد حاصلاً على مثل ثواب ما يحصل عليه أبناؤه الخيرون حتى بعد مماته.

نقل عن الشيخ الصدوق أنه نقل عن الإمام الباقر محمد بن علي (ع) في " ثواب الأعمال " أنه قال:

" أيّما عبدٍ من عباد الله سُنّةَ هدىً، كان له أجر مثل أجر من عمل بذلك، من غير أن ينقص من أجورهم شيء "[1].

إن الباري تبارك وتعالى كافأ الإنسان الذي قدّم أفراداً ـ أبناء ـ صالحين للمجتمع بثواب جزيل بالإضافة إلى الثواب الذي يحصل عليه من خلال تقديم الأبناء للأعمال الخيّرة، فإذا صلّى الولد ركعتين حصل على ثوابهما، وحصل الوالد على مثل ذلك أيضاً، وحصلت والدته على مثل ذلك الأجر.

لقد قرأت الكثير من الروايات التي تتعرض لهذه المسألة المهمة والتي تدور حول ثواب ذلك الشخص الذي يتمكن من تشكيل أسرة متديّنة خيّرة، ويقدم إلى المجتمع أفراداً متدينين خيّرين، ومن فعل ذلك إنّما يكون فعله ذاك مطابقاً للفطرة السليمة التي فطره الله عليها، على العكس من ذلك الذي يسعى جاهداً لأن يهلك الحرث والنسل، والذي لا يمكن أن يحسب إلا عدوًّا للبشرية.

إن عدوّ البشرية صمّم ومنذ اليوم الأول على سلب النسل الخيّر من المجتمع إلى الحدّ الذي شكّل معه المذاهب ـ بدون حياء ـ من أجل تفتيت حالة تشكيل الأسرة، كيما يستطيع إهلاك الحرث والنسل من خلال شيوع الجنس بين أفراد البشر:

(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله على ما في قلبه، وهو ألد الخصام) (البقرة/204).

فالبعض من الناس يتحدث بشكل فنّي، يتمكن معه من جذب عامّة الناس إليه، بعد أن يدرس وضعيّة الناس الذين يريد أن يتحدث إليهم، فتراه يتلطف للعوام بعد تحديد نقاط ضعفهم التي يؤخذون منها، وإذا ما رأى من يستمع إليه طرح مذهبه من مثل ماركس، دوركهيم، نيتشه، وفرويد، هذا بالإضافة إلى كتابة اطروحات تعتبر بمثابة نظام داخلي لذلك المذهب.

لقد استغل الكثير من المستعمرين هذه المذاهب لتمرير مخططاتهم الجهنّمية على عامّة الناس، بالرغم من أنهم يدركون جيداً بأن تلك المذاهب مبتذلة، ووضعية، ولا خير فيها، ولكنهم تمكّنوا ـ إلى حدٍ ما ـ من توظيفها لخدمتهم كي لا يتعلّم البشر أصول الإنسانية، وأصول الإسلام.

إن دعم المستغلّين الغربيين لهذه المذاهب ليس حبًّا في سواد عيون ماركس أو دوركيهم، وإنما بغضاً للإسلام، وحقداً على البشرية " وهو ألدّ الخصام ".

أما بالنسبة للصفة الثانية التي تعرض لها القرآن المجيد في سورة البقرة فهي: إن هؤلاء الأعداء ـ أعداء البشرية ـ يسعون للإفساد دائماً حينما يكونون مقتدرين، أو متولّين زمام الأمور:

(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) (البقرة/205).

إن الآية الشريفة تحمل في طيّاتها مصداقين الأول: أن البعض من الناس يحاول جهد الإمكان بعد تولّيه لمقاليد الأمور أو السلطة أن يفسد، أو يحرف الناس عن جادة الصواب، والمصداق الثاني: هو محاولة هذا الشخص إهلاك الحرث والنسل.

إن أحد هذين المصداقين شاهدناه مليًّا بعد قيام ثورتنا هذه التي حدثت هنا في إيران، حيث أفلت الشيطان كلبه من سلسلته التي كان قد ربطه بها مدّة من الزمن ليدخل إلى إيران، يدخل إلى قراها ويمارس قتل الناس بدون استثناء، يقتل المرأة يقتل الطفل، ثم يشرع بعد ذلك بتخريب كل شيءٍ عامر، ولا يتوقف عند هدم البيوت فقط، بل يتعداها إلى هدم المساجد، وقطع الأشجار، وسحق كل شيء يمكن أن يراه أمامه " يهلك الحرث والنسل ".

وبعبارة أخرى أن المتسلطين على مقدرات الناس، هم أعداء البشرية وهم الذين يتحينون الفرص لحرف الناس عن المسيرة الطبيعية للبشر، فتراهم يشجعون دائماً على التبرّج وترك الحجاب، وإفساد النساء والرجال من خلال تسهيل عمليات الاختلاط، حتى بلغ النساء على زماننا الحاضر وضعاً لا يحسدن عليه، كل ذلك ينفذه أعداء البشرية تحت طائلة التمدن والحضارة والثقافة وما على ذلك من المسميّات التي لا تمت بصلةٍ إلى ما يفعلون.

إنّ إفساد النسل يعني إفساد الأدمغة، إفساد الأفكار، وإفساد المستقبل، لذا ترى أعداء البشرية يركّزون أعمالهم في المدارس الابتدائية والثانوية، وفي الجامعات لكي يتمكنوا من صرف أولئك الشباب عن المنبر والمحراب، وحتى إذا لم يكن للأعداء نصيب في هذا الجيل، فإنهم يخططون لجرّ الجيل القادم إلى حيث الفساد والدعة.

إن مذهب " دوركهيم " يقول وبدون أدنى حياء: ماذا يعني تشكيل الأسرة؟ وإن الفيلسوف الإنجليزي راسل والذي تحسب له الدنيا ألف حساب ـ وهو في نظرنا لا يعلم شيئاً ـ قل في آخر أيام عمره وحينما كان على فراش الموت: إن تشكيل الأسرة خطأٌ محضٌ! وكذا كان فرعون.

(إن فرعون علا في الأرض، وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفةً منهم يُذبِّح أبناءهم، ويستحيي نساءهُم، إنه كان من المفسدين) (القصص/4).

إن المفسرين إجمالاً يقولون بأن فرعون كان يذبّح أبناءهم بعد أن اطمأن بمجيء الذي سيذهب بعرشه، ولكن بعض المحققين وبعض أهل الذوق قالوا: إن فرعون كان يسلب روح الإنسانية والرجولة من الرجال والأبناء، ويقدم للمجتمع نساءً بدون حياء.

إن إحدى أعمال فرعون كانت تكمن في تخريب وتدمير النسل والحرث القادم، وإفساد النساء بعد تجريدهن من الحياء بطرق مختلفة خبيثة.

لقد قسّمت الروايات الحياء لنا على (10) أقسام، (9) منها للمرأة، وقسم واحد للرجل، ولكن انظر ما الذي يحدث حينما تذهب هذه الأقسام التسعة من المرأة؟.

إنها سوف تجرأ على فعل المحرمات، تجرأ على الخروج من منزلها معطّرة، متبّرجة، لا تلبس إلاّ الشفاف من الجوراب، وعندما تصل إلى سوق المدينة تراها توزّع الابتسامات هنا وهناك، وتمزح مع هذا، وتضحك مع ذاك بدون رادع، لأنها فقدت حياءها الذي كان يردعها عن فعل ذلك ـ والعياذ بالله.

الويل والثبور لذلك المجتمع، ولتلك المرأة! إن فرعون تمكن من جرّ نساء زمانه إلى مثل هذه الحالة لكي يوطّد أركان حكومته، ولكي يتمكن من بسط سلطته على الناس ضمن حسابات مستقبل الجيل الذي كان يعيش آنذاك، والجبل الذي سيأتي من بعده.

وهذا ما نراه معمولاً به في هذه الأيام، حيث يسعى المستعمرون والمستغلّون إلى ترتيب أوضاع الجيل القادم بالشكل الذي يجعل منهم مطايا لهم يركبونها متى شاؤوا، وينزلون عنها متى رغبوا في النزول.

الغيرة، الحياء

عندما يتمكن أعداء الإنسانية من إذهاب حياء النساء، وأشغالهن بالشهوات وبعد أن يتمكنوا من قتل رجولة الرجال وسحق غيرتهم بحيث يضحى الواحد منهم لا يتحرك له ساكن حينما ينظر محرم إلى ابنته بشهوة، عندها يجب أن نقرأ الفاتحة على هكذا مجتمع.

هل تعلمون لماذا نُصِّب رضاخان الشقيّ، وملك تركية ورفعت أعلامهم المشبوهة في وقت واحد؟ إنهم فعلوا ذلك حتى يتمكنوا من جرّ النساء إلى السفور.

وفي البداية لم يكن رضاخان يريد أن تبلغ النساء تلك الحالة المزرية، وله في ذلك الأمر مستمسكات، حيث كان يقول في كلّ مجلس يجلسه: " إنني لم أكن أرغب في أن تبلغ المسألة هذه الوخامة، بل أردت فقط نزع الإزار من على رؤوس النساء، ولكن النساء وبعد نزع إزارهن طلبن أكثر من ذلك وجرين وراء الحياة القذرة ".

كنت حينها طفلاً صغيراً، لا أتجاوز الأربعة أو الخمسة سنين، حيث كان أزلام رضاخان ينفذون عملية منع الحجاب في كل أرجاء البلد، ومن جملتها مدينة أصفهان التي كانت نساؤها يخاطبن أزلام السلطة ويرجونهم بعدم سلب الحجاب منهن، لكن المنفذين لتلك الأحكام كانوا يرددون قول: " لا نبغي شيئاً غير سلب الإزار فقط، وإذا تمكنتنّ من التحجّب بشكله الشرعي بدون إزار فلن يتعرض أحد لكم، وإن رضاخان لا يطلب منكنّ أكثر من ذلك.

لكن الإنجليز حينها كانوا يعلمون بأن سلب الإزار من النساء سيكون بداية سلب الحجاب الإسلامي من البين الإسلامي، وقد تمكنوا من ذلك وأوصلوا النساء إلى حالةٍ يرثى لها، حيث كان البعض من النساء يفتخرن بخلاعتهن أمام الملأ العام.

قرأت في زمن الطاغوت ـ الشاه ـ في إحدى المجلات أن إحدى نجمات السينما من اللواتي خرجن على الحياء كانت تسير مع زوجها في الشارع، فجاء إليها جمع من المصوّرين لتصويرها وهي تلبس فستاناً أشبه ما يكون بلباس النوم الشفاف، وعندها فتحت أزرار ذلك الفستان لتبدي صدرها، لكن المصوّرين طافوا حولها لكي يمنعوا الناس من مشاهدتها، بعد ذلك التفتت إلى زوجها ـ الغيور جداً ـ لتقول: عجباً لإبداء هذه النجابة الحمقاء من قبل هؤلاء المصوّرين! أي كانت تريد القول إنها ترغب في الظهور عارية أمام المجتمع، وما سدّها لأزرار الفستان إلا كُرهاً وجبراً، ولو كان الأمر يقتصر عليها لبدت بدون ذلك الفستان.

إن الأعمال التي كان يمارسها الشاه وملك تركية كانت بأمر من انجلترا آنذاك، وإن جميع المستغلين والفراعنة والإنجليز وغيرهم كانوا يرغبون ولا زالوا يودّون إفساد الجيل الحاضر والقادم من خلال إشاعتهم للفحشاء حتى يتمكنوا من إحكام سيطرتهم على الشعوب.

وبناء على هذا فسّر بعض المحققين الآية " يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم " على أن فرعون أراد إذهاب روح الرجولة من الوسط الرجولي، وإذهاب الحياء من النساء كي يتمكن من التسلط على رقابهم بسهولة، أي أن أحد أعمال فرعون الوضعية هو سحق الجيل الذي سيلي جيل زمنه معنوياً وروحياً ليضحى متنكراً للفطرة السليمة، وحينما ينحطّ الجيل لا يتأتى له التفكير بتشكيل الأسرة، ولهذا أكّد القرآن الكريم والروايات المنقولة عن الرسول الأكرم (ص) وأئمة أهل البيت (ع) على مسألة تشكيل الأسرة، كون الجيل السليم يمكن أن يأتي بالتمدن، والجيل السليم يتحرق لمجتمعه، وكذا يمكن له أن يعمّر البلاد، ويرفع من مستوياته العلمية.

أما الجيل الوضيع، والمريض نفسياً ـ وهو مراد الصهاينة ـ لا يمكن أن يقدم غير الشرّ والبغي والظلم.

إن البرامج الصهيونية تركّز على مسألة تضييع النسل والجيل القادم في غياهب الظلم والجور والفساد، وهذا ما تأكد لنا من مقولة الصهاينة التي يسعون دائماً إلى إدخالها حيّز التنفيذ، إلا وهي: قتل ثُلثي العالم من أجل جرّ الثلث الثالث على مذهب "دوركيهم".

ودوركهيم هذا كان صهيونياً، أو جرّه إلى مذهب ماركس، وهو من كان يعتقد بشيوعية الجنس، وكان هو الآخر يهودياً، أو مذهب فرويد اليهودي أو نيتشه اليهودي.

إن أصحاب المذاهب الغربية جميعهم يهود وصهاينة، ومن كان يهودياً صهيونياً هل تتوقع منه الخير للجيل الجديد؟

إن تلك الحفنة الذرة وقفت أمام الإسلام الذي يقول بتربية النشء تربية إسلامية إنسانية، ويعدّ ذلك أفضل من بناء المسجد الذي يعبد فيه الله تبارك وتعالى، وأفضل من الذهاب إلى بيت الله الحرام، بل وأفضل من أسمى العبادات.

إن البعض من المسلمين يستطيع فعل الخير على شتى المستويات، لكنه يستطيع تقديم أثنين من أبنائه بعنوان خيّرين إلى المجتمع الذي يعيش فيه، ومن جهة أخرى نرى شخصاً آخر يتمكن من تقديم أبناء صالحين للمجتمع الإسلامي في الوقت الذي لا يتأتى له فعل الخير، وهنا نقول من هو الأفضل بنظركم؟.

إن الإسلام العظيم يقول بأفضلية الذي يقدم أبناء صالحين للمجتمع على ذلك الذي لا يتأتى له ذلك بالرغم من أفعاله الخيّرة.

وبناء على ذلك أبارك للنساء اللواتي عرفن كيف يُحسِنَّ تربية أبنائهن، وعرفن كيف يقدمن ثلاثة أو اربعة أبناء صالحين للمجتمع؛ إنهن وبالرغم من انشغالهن اليومي بالجهاد المنزلي، وجهاد حسن التبعل، تعتبر منازلهن أماكن مقدسة تدرّ عليهن الثواب الجزيل والأجر الجميل جزاء تقديمهن الجيل الخيّر الإنساني الصالح "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".

وعليه أطلب من النساء والرجال أن يحذروا تقديم ابناء غير صالحين إلى المجتمع، وعندها يكون المجتمع ملوّثاً بأفرادٍ لا خير فيهم ولا نفع.


[1] بحار الأنوار/ ج71، ص258.