الزهد

الزهد، هو الإعراض عن متاع الدنيا وطيباتها، وهو خُلق مرغوب ومطلوب، وقد بيّن القرآن الكريم والروايات حدّه وآثاره، كما يرى علماء الأخلاق أنّ للزهد عدّة مراتب، ومنها: هي أن يزهد المرء في الدنيا وهو مشتهٍ لها ومائل إليها ولكنه يجاهد نفسه ويكفها. وذُكرت أيضاً عدة فوائد للزهد، منها: الزهد يهوّن وقع المصيبة على قلب المرء. والزهد سبب تنزّل الرحمة، وغيرها.
معنى الزهد
ذكر ابن فارس في معجمه، أن الزال والهاء والدال من لفظة الزُهْد أصل يدل على قلّة الشيء, والزهيد : الشيء القليل.[١] وكذلك الزهد هو الإعراض عن الشيء وتركه لا احتقاره لتحرجه منه أو لقلته, والزاهد :العابد، والزهادة في الشيء خلاف الرغبة فيه، وأخذ أقل الزيادة، والزَّهدُ: القدر اليسير.[٢]
- المعنى الاصطلاحي
وردت عدّة تعاريف لمعنى الزهد وكلها تصب في معنٍ واحد :
- الزهد هو الإعراض من متاع الدنيا وطيباتها.[٣]
- ويقال زَهِدَ في الدنيا: ترك حلالها مخافة حسابه، وترك حرامها مخافة عقابه.[٤]
- وأيضا الزهد :هو صرف الرغبة عن الدنيا وعدم إرادتها بقلبه إلا بقدر ضرورة بدنه.[٥]
وورد عن الشيخ محمد تقي بهجت في كتاب الناصح أنّ الزهد هو: أن تملك نفسك، وتراقب إِذْنَ الله تعالى في كلِّ فعلٍ وتَرک[٦]
الزهد في القرآن
جاء عن أمير المؤمنين
: الزهد كله في كلمتين من القرآن، قال تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾.[٧][٨]
الزهد في الروايات
عرّفت الروايات الواردة عن أهل البيت
حقيقة الزهد في الإسلام :
- فعن أمير المؤمنين
:«من لم يأْسَ على ما فات ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه».[٩] - وعنه آیضا: «الزهد تقصير الآمال وإخلاص الأعمال».[١٠]
الزهد في علم الأخلاق
يرى علماء الأخلاق أنّ الزهد إنّما يتحقق إذا تمكن المرء من الدنيا وتركها، وكان الحافز على الترك هو حقارة المرغوب عنه وخساسته، أو كان الرغوب إليه هو الله تعالى، فلو كان الترك لعدم قدرته عليه، أو لغرض غير المولى تعالى، لم يكن ذلك زهداً أصلاً.[١١]
مراتب الزهد
للزهد ثلاث مراتب هي:
- الأولى: هي أن يزهد المرء في الدنيا وهو مشتهٍ لها ومائل إليها ولكنه يجاهد نفسه ويكفها.
- الثانية: وهي أن يترك المرء الدنيا طوعا لاستحقاره إياها، ولكنه يطمع بما في الآخرة.
- الثالثة:وهي أن يزهد المرء الدنيا طوعا، ويزهد في زهده، لادراكه أن هذه الدنيا لا شيء.[١٢]
ثمار الزهد
من فوائد وثمار الزهد في الدنيا أنّه:
- يهوّن وقع المصيبة على قلب المرء: فعن رسول الله
:«من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات».[١٣] - الزهد يورث الحكمة: عن رسول الله
: «يا أبا ذر إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فإنه يلقى الحكمة».[١٤] - الزهد سبب تنزّل الرحمة: عن الإمام علي
: « ازهد في الدنيا تنزل عليك الرحمة».[١٥] - الزهد يُبصّر المرء بعيوب الدنيا : عن أمير المؤمنين
:« ازهد في الدنيا يبصرك الله عيوبها».[١٦]
الهوامش
- ابن فارس، مقاييس اللغة، ج 3، ص 30.
- المعجم المحيط، ص 403.
- النراقي، جامع السعادات، ج 1، ص 399.
- المعجم المحيط، ص 403.
- شبر، الأخلاق، ص 291.
- بهجت، الناصح، ص 346.
- الحديد: 23.
- الريشهري، ميزان الحكمة، ج 4، ص 1566، ح 7695.
- غرر الحكم، ص 276، ح 6067.
- غرر الحكم، ص 275، ح 6053.
- جامع السعادات، ج 1، ص 399.
- الأخلاق، شبر، ص 292؛ جامع السعادات، ج 1، ص 407.
- ميزان الحكمة، ج 4، ص 1576، ح 7766.
- ميزان الحكمة، ج 4، ص 1573، ح 7749.
- غرر الحکم، ح 6084.
- غرر الحکم، ح 6085.
![]()