الخدمات الحضارية والرقي الاجتماعي
الخدمات الحضارية والرقي الاجتماعي
الأخلاق الحسينية والدولة المهدوية
الدرس الأول: الخدمات الحضارية والرقي الاجتماعي:-
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
في ذكرى النهضة الحسينية الخالدة نتوقف عند أهمية هذه الذكرى ودورها الفاعل في التهيئة
لدولة الإمام المنتظر (عج) وذلك من خلال مفاهيم وقيم أخلاقية نأخذها من هذه النهضة المباركة.
فهذه أم البنين توصي أبا الفضل العباس عليهما السلام ” بني إذا جلست أمام أخيك الحسين اجلس جلست العبد وإذا ناديته فقل سيدي ومولاي” فالصدق والإخلاص في خدمة الإمام الحسين عليه السلام تهيئنا لنكون جنود للإمام الحجة (عج).
كبر خدمةالأمام الحسين عليه السلام: مهما كانت تلك الخدمة التي نقوم بها في سبيل الإمام الحسين صغيرةً فإنها كبيرة عند الله سبحانه وتعالى؛ وما أكثر الروايات والقصص الواردة في ذلك؛ نورد منها ما ذكره سماحةآية الله العضمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) “أن شخصاً يدعى مرتضى كان يعيش في كربلاء وكان يقوم بتمثيل دور الشمر اللعين في كل عام فلما قضى ومات، شوهد في عالم الرؤيا وهو يعيش حياة سعيدة، فسأل كيف حالك في القبر؟ قال عندما وضعت في القبر وجاء الملكان وسألاني: من ربك؟ من نبيك؟ من إمامك؟ ظهر الإمام الحسين وقال توقفا، وسألني: ما دورك في الحياة؟ قلت امثل دور الشمر؛ فقال لي قم ومثله، فقلت كيف وضيق المكان وعدم وجود الخيول والمعدات، فقال لي الإمام قم؛ فاتسع لي المكان كالساحة وتوفر لي كل شيء فقمت ومثلت دور الشمر وعند حز الرأس الشريف وحرق الخيام بكى الإمام الحسين وقال تفضل؛ وفتحت الجنات والرياض”(1). وهذا هو حال القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
الأعمال بين القبول والرد: كل عمل ابن آدم في حياته معرض للقبول والرد إلا العمل في سبيل الإمام الحسين فإنه مقبول إن شاء الله؛ يقول الشيخ الأردبيلي ” رأيت سوق العمل كاسداً خاسراًَ، إلا العمل للإمام الحسين فإنها تجارة رابحة” (2).
خدمة الأمام الحسين عليه السلام في هذه الأيام: هناك ميادين كثيرة جداً يمكن أن يقوم الإنسان من خلالها ولا يمكن حصرها؛ نذكر منها على سبيل المثال المشاركة في المآتم والعزاء والتمثيل، نشر وتوضيح وترسيخ أهداف الأمام الحسين من خلال التأليف والكتابة.
خدمة الصالحين مفردة من الفضائل الأخلاقية: ولا أدل على ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” خير الناس أنفعهم للناس” وجواب الإمام الصادق على من سأله من خير الناس فقال:” خير الناس من نفع الناس”(3)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:” أيما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلا أعطاه الله مثل عددهم خدام في الجنة” ولحديث :” خدمة المؤمن لأخيه المؤمن درجة لا يدرك فضلها إلا بمثلها” (4)
من نخدم؟
أهل البيت عليهم السلام: مما لا ريب فيه أن خدمتهم هي شرف وطريق نجاح لنا في الدنيا ونجاة وأجر ومنزلة لنا في الآخرة.
العلماء: لأنهم خدمة الشرع فخدمتهم خدمة للشرع؛ ولكن يتوجب أن يكون العالم خادماً
لمجتمعه مشاركاً في قضاياه وأن يكون كما كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنه يمثله
في المجتمع. قال الإمام علي عليه السلام:” إذا رأيت عالماً فكن له خادماً”(5).
الأهل:وهي على رأس القائمة لأهميتها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” خيركم
خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” وقال أيضاً:” إذا سقى الرجل امرأته أجر” وقال أيضاً:” أيما امرأة
خدمة زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار وفتحت لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من
أيها شاءت” (6). ويدخل من هذا الباب تمكين النساء من الصلاة والمشاركة في فعاليات المساجد،
وإن منعهم من ذلك فيه تفويت لخير كثير لهن وللمجتمع.
الأصدقاء والصالحين: عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:” يا جميل فليكن المؤمنون خداماً بعضهم لبعض، فقال
سيدي وكيف يكونون خداماً بعضهم لبعض، فقال له: يفيدوا بعضهم بعضاً”(7). ويكون ذلك أيضاً
بإرشادهم ونصحهم وإبعادهم عن المنكر ومصارحتهم ومواجهتهم بالعيوب بدل إخفائها واستهلاكها
في الغيبة والعياذ بالله.
مشكلة: مما يؤسف عليه في الخدمات الاجتماعية تفرق الجماعات وتغلب الطابع الفردي على العمل في
وقت نحن في أمس الحاجة فيه على رص الصفوف ولم الشمل والعمل الجماعي المؤسساتي، وحري بنا نحن
الموالين أن نسبق إلى هذا الأمر فليس غيرنا أفضل منا.
العمل الاجتماعي لدى الغرب: لقد أدرك مفكروا هذه الدول أهمية العمل الاجتماعي في استقرار وازدهار
المجتمعات، فأخذوا يروجون لهذه الفكرة ويحثون الناس لتنفيذها، لا بل إنهم ألزموا الناس بها في بعض البلدان
كنوع من العقوبات لبعض المخالفات المعينة من أجل حملهم على الانخراط في العمل الاجتماعي. وقد قام عدد من
الشبان في ملبورن بأستراليا بتشكيل اتحاد أسموه اتحاد الخدومين ومهمتهم تقديم الخدمات الاجتماعية على كافة المستويات وإلى مختلف الطبقات. (8)كم يشير علماء النفس والاجتماع الى أن تدريب الشباب على التفكير في الآخرين وتقديم الخدمات لهم يساعد على التخلص من الفراغ الذي يؤدي إلى الانحراف ويساعد في المقابل على تكوين شخصيات قيادية قوية ومنتجة.
وأوضحت دراسة في طب المناعة أن المندمجين في المجتمع والفاعلين فيه يتمتعون بطاقة وصحة أفضل من غيرهم، كما أنهم يقبلون على حب الحياة بإيجابية أكثر من غيرهم.
قياس العمر بالسنين أو بالعمل: قد يعيش الإنسان مئة عام في مجتمع ما ولا يذكره أحد عندما يموت لأنه لم يقم بعمل أي شيء يتذكره الناس به، وعلى النقيض قد تجد شاباً في مقتبل العمر ولا تكاد تجد شخصاً في المجتمع إلا ويتحدث عنه لما قام به من أعمال، فالعمر الحقيقي للإنسان هو ما يقوم به من عمل خلا حياته. ونذكر هنا قصة حاكم إحدى القرى عندما مات؛ قام أهالي القرية بالكتابة على قبره ما يلي ” ولد عام 1870 وتوفي عام 1920 وله من العمر عام واحد هو العام الذي انتفعت منه الأمة ” (9)
فيجب علينا أن نوظف طاقاتنا في الخدمة في مختلف مجالات المجتمع مثل النادي والجمعية والمساجد والحسينيات والملتقيات الأدبية والثقافية وفي ساحات الانترنت.وكما يتوجب علينا جميعاً ” نشر معارف وعلوم أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين ورد الظلم الذي يوجه إليهم، وليكن كل شيعي منا منبر وإذاعة لأهل البيت حتى ينتشر الحق ويعم العدل فليست المسيحية بأحسن منا فقد جاء أن الكنيسة التابعة للفاتيكان لها 3600000 مبلغ ووكيل في العالم”. (10)
في الختام: فلنجند أنفسنا لخدمة الإمام الحجة (عج) ولنمهد الطريق إلى ظهوره ولنجعل أصداء حديث الإمام الحسين عليه السلام ترن في مسامعنا دائماً حين سئل عليه السلام: هل ولد المهدي (عج) فقال: ” لا ولو أدركته لخدمته أيام حياتي “. (11)
(1)بحوث أخلاقية للسيد اية الله العضمى صادق الشيرازي ص 149
(2) بحوث أخلاقية للسيد صادق الشيرازي ص 147
(3) (4)منتخب ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ص 190
(5) منتخب ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ص367
(6) منتخب ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ص 161 و 235
(7) (8) ( 9)خدمة الناس في سيرة أهل البيت لحسين نجيب محمد ص 18 و 19 و ص 124
(10) الادارة للإمام الشيرازي الراحل ص 250
(11)من أخلاق الإمام الحسين للشيخ عبد العظيم البحراني ص 114