.

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست

13 ـ الشعور بالقدرة والعزّة

الدرس الرابع

تاريخ الصلاة

تشريع الصلاة في الإسلام

القبلة

معنى إقامة الصلاة

الدرس الخامس

الاهتمام بالصلاة

وجوه الأهمية

1 ـ اشتراك الشرائع السماوية في الصلاة

2 ـ تجلي الدين كله في

 الصلاة

 

13 ـ الشعور بالقدرة والعزّة

وبالرغم مما تثيره الصلاة في الإنسان من شعوراً بالتواضع والخضوع، لكنها لا تدع المصلي يحس بالذلة والحقارة في نفسه أبداً، فهي تربطه بالقدرة الأبدية الدائمة، مما يبعث في نفسه شعور بالقدرة والعزة. فكلما أحس المؤمن بالضجر والضيق[1] اتجه إلى الصلاة، فحل بها عقده مشاكله. يقول الإمام (ع) في مناجاة ربه:

"إلهي كفى بي فخراً أن أكون لك عبداً، وكفى بي عزاً أن تكون لي رباً".

فالصلاة وثيقة عبودية العبد وارتباطه بربه، والله سبحانه شاهد صدق على هذا الارتباط المبارك الذي يستحق كل فخر واعتزاز.

الدرس الرابع

تاريخ الصلاة

تعتبر الصلاة أقدم العبادات تاريخاً في جميع الأديان الماضية، ونحن فيما يلي نستعرض جملة من الشواهد على هذا الأمر:

1 ـ صلاة آدم (ع): روي عن صحف إدريس (ع) أن الله أوجب صلاة العصر والمغرب والعشاء على آدم (ع) في اليوم الأول من إقامته هو وحواء في الأرض، وكان مجموع ركعاتها يومئذ تبلغ 50ركعة[2].

2 ـ صلاة شيث (ع): عندما وافى آدم (ع) الأجل غسله النبي شيث (ع)، وصلى عليه صلاتنا على الميت اليوم[3].

3 ـ صلاة إدريس (ع): في رواية عن الصادق (ع) يوصي فيها أحد أصحابه قال: "إذا دخلت الكوفة فائت مسجد السهلة، فصل فيه، واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك، فإن مسجد السهلة بين إدريس النبي (ع) الذي كان يخيط فيه، ويصلي فيه"[4].

4 ـ صلاة نوح (ع): كانت لسفينة نوح (ع) شبابيك ونوافذ يدخل منها نور الشمس فيعرف بها وقت الصلاة[5].

5 ـ صلاة النبي صالح (ع): حين طلب قوم صالح منه أن يخرج لهم من الجبل ناقة حبلى تضع حملها لدى خروجها كآية على صدقه في دعواه النبوة قال: ذلك أمر عسير وعلى الله يسير. ثم ما لبث أن قام فصلى ركعتين، ثم أهوى إلى السجود، فتضرع، فلم يرفع رأسه من السجود حتى انشق الجبل بأمر الله، وعلا منه صوت أدهش الحضور، ثم خرجت منه ناقة بنفس الصفات التي طلبها قوم صالح (ع) منه[6].

6 ـ صلاة إبراهيم (ع): حين أسكن إبراهيم (ع) زوجه وابنه جوار الكعبة التي وضع حجر أساسها حديثاً، ابتهل إلى الله فقال: (ربّ إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي إليهم)[7].

7 ـ صلاة إسماعيل (ع): امتدح القرآن الكريم النبي إسماعيل (ع) لأنه كان يوصي أهله بالصلاة[8].

8 ـ صلاة اسحاق ويعقوب ولوط (ع): ذكر القرآن الكريم لمحات من تأريخ اسحاق ويعقوب ولوط ثم اعقب ذلك بقوله: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا، وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)[9].

9 ـ صلاة شعيب (ع): كان المشركون يردون على دعوة شعيب لهم بعبادة الله الواحد بالقول:

(أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا)[10].

10 ـ صلاة موسى (ع): عندما أتى موسى جبل الطور، وتلقى الرسالة وأمر بخلع نعليه، واحترام ذلك المكان المقدس قال الله تعالى مخاطباً إياه:

(إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)[11].

11 ـ صلاة لقمان (ع): أوصى لقمان الحكيم ابنه بوصايا منها أنه قال: (يا بني أقم الصلاة...)[12].

12 ـ صلاة داود (ع): كان داود (ع) قد قسم أيامه فجعل يوماً لأمور الناس والقضاء بينهم، ويوماً للعبادة يصلي فيه قائماً بعيداً عن أعين الناس[13].

13 ـ صلاة سليمان (ع): كان النبي سليمان (ع) يصلي الصبح في الشام، والظهر في بلاد فارس[14].

14 ـ صلاة يونس (ع): قيل في تفسير الآية الشريفة:

(فلولا أنه كان من المسبحين)[15].

معناها أنه لو لم يكن من المصلين للبث في بطن الحوت مدة أطول[16].

15 ـ صلاة زكريا (ع): جاء في الآية الشريفة في ذكر زكريا قوله: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بيحيى)[17].

16 ـ صلاة عيسى (ع): عندما تكلم عيسى (ع) وهو في المهد قال: (إني عبد الله آتاني الكتاب وبعثني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً)[18].

17 ـ صلاة أيوب (ع): حين صلى أيوب أثنى الله سبحانه على ما يتحلى به من الشكر والطاعة. فنال الشيطان منه الحسد فقال: "رب! ألا سلبت منه أمواله ثم تنظر ماذا يفعل؟ فسلط الله الشيطان عليها، فاتلف ماشيته، ثم جاء أيوب بزي راع فرآه قائماً يصلي، فقال له بعد أن فرغ من صلاته: "أما تعلم ما فعل ربك بإبلك؟ فقال: ليست الابل لي، كانت ملكه فأعارنيها، وله أن يسترجعها متى شاء..."[19].

18 ـ صلاة الخضر (ع): روى علي بن إبراهيم أن أباه زار في بعض أسفاره الخضر (ع) وهو في مسجد الكوفة يصلي هنا أو هناك[20].

19 ـ صلاة ذي الكفل (ع): "أمر ذو الكفل (ع) بدعوة قومه لجهاد الظالمين فقالوا: سل الله يعفينا هذا، فقام، فصلى ثم قال: رب... إن لقومي حاجة أنت أعلم مني بها..."[21].

وروي عن الصادق (ع) قوله في الصلاة:

"هي آخر وصايا الأنبياء"[22].

حيث تدل الرواية على أن الصلاة كانت مألوفة لجميع الأنبياء الذين يبلغ تعدادهم مئة وأربعة وعشرين ألف نبي، وكانوا (ع) يوصون بها.

تشريع الصلاة في الإسلام

اشتهر أن رسوله الله (ص) تلقى الحكم بوجوب الصلاة أثناء عروجه إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج، ثم ابلغه المسلمين، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن الصفحات الأوائل من تقويم تاريخ الإسلام قد حملت في طياتها صوراً عن صلاة رسول الله (ص) والإمام علي (ع) وخديجة (ع) قرب الكعبة المكرمة على مرأى ومسمع من قريش. وهذا الأمر يثير سؤالاً هو: إذا كانت الصلاة شرعت ليلة الإسراء كيف كان المسلمون الأوائل يؤدون صلاتهم قرب الكعبة منذ الأيام الأولى للبعثة الشريفة؟ وكيف كانت صلاتهم؟

يقول العلامة الطباطبائي (ره): "وفي بعض الأخبار أنه (ص) صلى المغرب بالمسجد الحرام، ثم اسري به. ولا منافاة بين كونه صلى المغرب أو العشاء الآخرة والفجر بمكة، وبين كون الصلوات الخمس فرضت عليه في السماء ليلة الإسراء فإن فرض أصل الصلاة كان قبل ذلك. وأما أنها كم ركعة كانت فغير معلوم. غير أن الآثار [الآيات[23] والروايات[24]] تدل على أنه كان يقيم الصلاة منذ بعثه الله نبيا"[25].

لقد وردت أخبار وروايات مختلفة بشأن التغييرات التي طرأت على ركعات الصلاة منها: ما عن الإمام الباقر (ع) حيث قال:

"لما عرج برسول الله (ص) نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين. فلما ولد الحسن والحسين (ع) زاد رسول الله (ص) سبع ركعات شكراً لله فأجاز الله له ذلك... فلما أمره الله بالتقصير في السفر وضع عن امته ست ركعات"[26].

وفي رواية أخرى سأل سعيد بن المسيب الإمام السجاد (ع) فقال متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هي اليوم عليه؟ فقال: "بالمدينة حين ظهرت الدعوة، وقوي الإسلام، وكتب الله على المسلمين الجهاد، زاد رسول الله (ص) في الصلاة سبع ركعات: في الظهر ركعتين، وفي العصر ركعتين، وفي المغرب ركعة، وفي العشاء الآخرة ركعتين، واقرّ الفجر على ما فرضت بمكة"[27].

وما نستنتجه من الأخبار المتقدمة الواردة في الصلاة، وما تقدم في تاريخ الصلاة: أن الصلاة كانت في جميع الشرائع والأديان، وكان رسول الله (ص) يؤدي ـ وهو على دين الحنيفية يومئذ ـ هذا النسك في إقاماته الطويلة في غار حراء قبل البعثة. كما كانت الصلاة بعد البعثة أولى عبادات المسلمين ومراسمهم الدينية، غير أنه قد جرى في ليلة المعراج، أو في السنين الأولى من تأسيس حكومة الرسول الأعظم (ص) في المدينة المنورة تغيير في محتوى الصلاة وعدد ركعاتها.

القبلة

لقد مضت ستة عشر شهراً على تشكيل الرسول (ص) الحكومة الإسلامية في المدينة، وكيان الرسول هذا يتعرض ـ إضافة إلى الحملات والهجومات العسكرية ـ إلى حرب نفسية وإعلامية، إذ كان يهود يثرب ينتقدون المسلمين دوماً بعدم الاستقلال في قبلتهم، وينالون منهم بسبب استقبالهم بيت المقدس أثناء العبادة. وكان قائد الأمة الإسلامية ينتظر بفارغ الصبر نزول رسول الوحي إليه بأمر تغيير قبلة المسلمين حتى نزلت في يوم الاثنين من منتصف رجب من العام الثاني للهجرة الآية الكريمة:

(قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره)[28].

وتحولت بهذا البلاغ الصادع الصريح قبلة المسلمين نصف دائرة كاملة حيث صارت إلى الجنوب بدلاً من الشمال. وقد أطلق على محل نزول هذه الآية "مسجد ذي القبلتين"، ومنذ ذلك الحين والمسلمون يؤدون صلاتهم بارتياح وفخر نحو الكعبة.

ولابد هنا من الاجابة على سؤال مهم هو: لماذا تجب الصلاة باتجاه مكان وموضع خاص؟ وهل لله الذي لا يحل بمكان مكاناً يخصه؟

والجواب بالنفي طبعاً فإن الله لا يختص بمكان معين، ولا يحل بمكان إذ يقول القرآن الكريم في ذلك.

(وأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله)[29].

وإنما البيت علامة على صاحب البيت فتوجه الأبدان إلى البيت والقلوب إلى صاحبه! وحيث ان الكعبة أقدس وأطهر الأمكنة على الأرض إذ تحمل آثار أنبياء الله العظام، وتمثل كتاباً في الخاطرات والحوادث التوحيدية، فقد صارت مقراً للتوحيد، وقبلة للموحدين. ونحن إذ نقبل على المركز المعنوي هذا البعيد عن كل مظاهر التجمل نبعد جميع مظاهر الزينة والتجمل من القلب، ونطلق القلب نحوه[30].

فعن الصادق (ع) قال: "إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا وما فيها، والخلق وما هم فيه، (واستفرغ قلبك من كل شاغل يشغلك عن الله) وعاين بسرك عظمة الله، واذكر وقوفك بين يديه (يوم تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق...)[31].

وإن في كل سجدة يسجدها القلب للحق، يسجد معه الجسم أيضاً في اتجاه وناحية. فما أحسن أن يكون لجميع الموحدين جهة وناحية معينة، فيقفون أمام بيت أقيم للعبادة، ويرتضون نظاماً واحداً، ويصطفون في هيئة منسجمة، ويتبع ذلك لا في العبادة وحدها، بل في عامة النشاطات والأفعال كما في ذبح الحيوانات والأكل والاضطجاع للنوع ولبس الثياب بمختلف صوره الالزامية والراجحة.

معنى إقامة الصلاة

تم التعرض أكثر من 102 مرة لذكر الصلاة واحكامها وآثارها في القرآن الكريم، لكن أغلب هذه الآيات كانت تتحدث عن إقامة الصلاة لا أدائها، فما هو الفرق بين الكلمتين؟

لابد لمعرفة الفرق بين مفهومي الكلمتين من الرجوع إلى الحديث الرائع للقائد المعظم حيث يقول:

"الظاهر أن المراد من إقامة الصلاة شيء وراء أدائها. فإقامة الصلاة ليس مجرد القيام بها فقط بل سير الإنسان نفسه، وتسييره الآخرين، وسوقهم نحو الوجهة التي تدعو إليها الصلاة، فكأن إقامة الصلاة هي أن يجعل الإنسان ـ بالسعي المبذول من قبله ـ جو حياته، وحياة غيره مشبعاً بعطر الصلاة أي يكون جواً ملؤه العبودية لله، والطلب منه، والتضرع إليه"[32].

ويذكر أحد أساتذة جامعة دمشق في كتاب ألفه للفت انتباه طلبة الجامعات إلى الصلاة ما يلي: "إقامة الصلاة أداؤها بخير وجه ممكن عبر:

1 ـ بذل الدقة الكافية في تحصيل الطهارة والطراوة، والنشاط وصحة الوضوء، ونظافة بدن المصلي وثيابه ومكانه، ونقاء نفسه من لوث الاخلاق الذميمة بالتوبة والندم، فإن الوضوء ونظافة الظاهر يجب أن يكون معهما نقاء وطهارة للباطن.

2 ـ إعمال الدقة في أداء واجبات الصلاة ومستحباتها والأداء الصحيح لأذكارها باعتبارها بنية الصلاة وأركانها.

3 ـ المحافظة على روح الصلاة التي هي عبارة عن الأخلاق، وحضور القلب الذي يحصل بالخشوع والتواضع، واستقرار البدن، وسكونه في الصلاة. قال الله تعالى:

(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)[33].

فإن الهدف من الصلاة ليس مجرد تحقيق الخضوع البدني، بل الخضوع القلبي أيضاً. فالله سبحانه لا يرضى أن يقول المصلي "الله أكبر" بلسانه، وفي قلبه شيء آخر أكبر منه، أو يقول "وجهت وجهي" وقلبه متوجه إلى غير الله، ومنشغل بالمشاغل الدنيوية، ومنافعها الزائلة"[34].

إن دراسة لموارد استعمال لفظ الصلاة في القرآن تظهر أن أداء الصلاة ليس لم يقع موقع الثناء والمدح فحسب، بل تعرض لفظ المصلين" عادة للذم بإزماء "المقيمين الصلاة". وإذا استعمل لفظ الصلاة دون لفظ "الإقامة" أعقبه تأكيد على المداومة والمحافظة على الصلاة[35].

الدرس الخامس

الاهتمام بالصلاة

بالرغم من الأهمية العظيمة التي أمتازت بها الصلاة من بين العبادات والأحكام الشرعية فإن اهتمام المسلمين بها وبأبعادها المختلفة قليل. فقد كان الأبالسة والشياطين دأبوا على مر التاريخ على محو هذه العبادة العظيمة وإزالة محتواها من المجتمعات الإسلامية، ولم يتوانوا عن أي عمل في هذا السبيل، فإنهم يرون بقاء سلطتهم رهين زوال هذه الفريضة والقضاء عليها فعن رسول الله (ص) أنه قال:

"لا يزال الشيطان يرعب من بني آدم ما حافظ على الصلوات الخمس، فإذا ضيعهن تجرأ عليه، وأوقعه في العظام"[36].

وفي رواية أخرى عن علي (ع) يشبه الصلاة بالحصن المنيع أمام وساوس الشيطان وإلقاءاته[37]. فإذا كانت الصلاة تقاوم سلطة الشياطين ونفوذهم، فلابد أنهم لا يألون جهداً في الحيلولة دون إقامتها.

وجوه الأهمية

من المعلوم لدينا أن أول خطوة عملية تخطى في مجال الشريعة بعد تحكيم الأسس العقائدية (أصول الدين) تكون نحو الصلاة[38]. فقد أثني على الصلاة بعناوين مثل: فيها مرضاة الرب[39]، ورأس الإسلام[40]، وحصن من سطوات الشيطان[41]، وآخر وصايا الأنبياء[42]، وأحب الأعمال إلى الله[43]، وقرة عين الرسول[44]، وعمود الدين[45] وما شابه ذلك. وأولياء الله سبحانه يقضون ليلهم ونهارهم بفارغ الصبر في انتظار الصلاة حيث وقت لقاء الله، ويتحينون وقتها كما يتحين الجائع الطعام، والعطشان الماء. يقول النبي الأكرم (ص) في بيان عطشه واشتياقه على الصلاة:

"إن الجائع إذا أكل الطعام شبع، والظمآن إذا شرب الماء روي، وأنا لا أشبع من الصلاة، ولا آكل قبل الصلاة"[46] ولم يكن يعرف أحداً عند الصلاة، وكان غريباً مع كل أحد إلا الله[47].

لماذا تقابل هذه العبادة بهذا الاحترام؟ ولم تولى كل هذه الأهمية؟ وبتعبير آخر ما الميزة التي يمكن أن توجد في الصلاة دون سائر العبادات؟ طبيعي أن الأسرار والآثار التي أشير إليها في القسم السابق يمكن أن تكون مبرراً لكل هذا التأكيد. وسنقوم في هذا الفصل بتقديم فهرس عن وجوه أهمية الصلاة من خلال دراسة الآيات والروايات الواردة في الباب.

1 ـ اشتراك الشرائع السماوية في الصلاة

وضعت الأديان السماوية ـ التي تتفق جميعاً في الدعوة إلى عبادة الله، واجتناب الطاغوت ـ واجبات متنوعة في جدول التكاليف بعهدة العباد، لكن القاسم المشترك بينها جميعاً هو إقامة الصلاة. إن هذه العبادة وكما مر في الفصل الذي تحدثنا فيه عن العمق التاريخي للصلاة كانت موجودة في ساحة كل واحد من الأديان الإلهية. ويعد هذا وحده خير دليل على أهمية الصلاة، كما أن الرسول الأكرم (ص) عبر عنها بأنها "نهج الأنبياء"[48].

2 ـ تجلي الدين كله في الصلاة

يستخدم كل دين من الأديان وسيلة خاصة للإعلان عن وجوده، مثل النار والبوق والناقوس وغيرها. وتعدّ وسيلة الإعلان هذه نوع وسيلة للدعوة إلى الدين بشكل عام أيضاً. وفي الإسلام جعلت إحدى مقدمات الصلاة وسيلة للدعوة العامة إلى الإسلام، حيث تؤدي هذه المقدمة دور الدعوة إلى الإسلام بصورة الدعوة إلى الصلاة كما أن الرسول الأكرم (ص) قال في تفسير قوله تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا على الله)[49]:

إن المراد به المؤذن[50] فحضور الصلاة إذن حضور الدين كله، والدعوة لها دعوة إلى الله سبحانه.



[1] (واستعينوا بالصبر والصلاة).

[2] بحار الأنوار ج11، ص169.

[3] بحار الأنوار ج11، 263.

[4] بحار الأنوار ج11، ص280.

[5] بحار الأنوار ج11، ص333.

[6] بحار الأنوار ج11، ص383.

[7] سورة إبراهيم، الآية: 37.

[8] سورة مريم، الآية: 54.

[9] سورة الأنبياء، الآية: 73.

[10] سورة هود، الآية: 87.

[11] سورة طه، الآية: 14.

[12] سورة لقمان ، الآية: 17.

[13] بحار الأنوار ج14، ص20.

[14] بحار الأنوار ج14، ص99.

[15] سورة الصافات، الآية: 143.

[16] مجمع البيان ج8، ص459 ذيل الآية أعلاه.

[17] سورة آل عمران، الآية: 38.

[18] سورة مريم، الآية: 30 ـ 31.

[19] بحار الأنوار ج12، ص358.

[20] بحار الأنوار ج13، ص320.

[21] بحار الأنوار، ج13، ص407.

[22] وسائل الشيعة، ج3، ص206.

[23] ورد في سورة العلق: (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى) وهي آية تدل على أن النبي (ص) صلى قبل الهجرة وأوائل البعثة، وأن الناس ضايقوه في صلاته.

[24] الرواية الدالة على أن النبي (ص) كان يصلي في المسجد الحرام مع علي وخديجة وأبي طالب وجعفر و... قبل علنية الدعوة (بحار الأنوار ج18، ص179).

[25] الميزان ج13، ص28.

[26] الكافي ج3، ص487.

[27] تفسير الميزان ج13، ص27.

[28] سورة البقرة، الآية: 144.

[29] سورة البقرة، الآية: 115.

[30] من المناسب هنا الحديث عما يرتبط بخصائص الكعبة وقدمها التاريخي.

[31] المحجة البيضاء ج1، ص382.

[32] في أعماق الصلاة: ص15.

[33] سورة المؤمنون، الآية: 1.

[34] الصلاة: تأليف محي الدين مستو ص32.

[35] (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) (الماعون/ 5) (ما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) (الأنفال/ 35).

[36] بحار الأنوار ج82، ص202.

[37] غرر الحكم.

[38] "كان رسول الله (ص) إذا أسلم الرجل علمه الصلاة (الصلاة تأليف محيي الدين مستو ص125).

[39] قال رسول الله (ص): "الصلاة من شرائع الدين، وفيها مرضاة الرب". (بحار الأنوار ج82، ص231).

[40] قال رسول الله (ص): "ليكن أكثر همك الصلاة فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين" (بحار الأنوار ج77، ص127).

[41] قال علي (ع): "الصلاة حصن من سطوات الشيطان" (غرر الحكم).

[42] قال الصادق (ع): "أحب الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء" (وسائل الشيعة ج3، ص26).

[43] قال الصادق (ع): "أحب الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء" (وسائل الشيعة ج3، ص26).

[44] قال رسول الله (ص): "جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة" (بحار الأنوار ج77، ص77).

[45] عن أبي كهمس عن أبي عبد الله (ع): قال: قلت له: أي الأعمال هو أفضل بعد المعرفة؟ قال: "ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة" (بحار الأنوار ج99، ص406).

[46] بحار الأنوار ج82، ص233.

[47] قال علي (ع): "كان رسول الله (ص) لا يؤثر على الصلاة عشاء ولا غيره، وكان إذا دخل وقتها كأنه لا يعرف أهلاً ولا حميماً".

[48] بحار الأنوار ج82، ص231,

[49] سورة فصلت، الآية: 33.

[50] تفسير ابن كثير ج4، ص109.

 

.

النهاية

اللاحق

السابق

البداية

  الفهرست