| 
           
        الإسلام
        ومتطلبات
        التغيير
        الاجتماعي
        
        
        تساؤل
        واستغراب
        
         
        تقدر
        أهمية
        المسائل
        المطروحة
        على بساط
        البحث
        والمناقشة,
        بمقدار ما
        تنطوي عليه
        من أهمية
        واقعية
        عملية,
        وبمقدار
        النتائج
        التي تسفر
        عنها حين
        دخولها
        الميدان
        الاجتماعي
        بالفعل.
        
         
        إن
        من المسائل
        البسيطة
        الأولية
        كشرب الماء
        وتناول
        الطعام
        مثلاً,
        لتعادل في
        أهميتها
        حياة
        الإنسان
        بأكملها وهي
        أثمن ما
        يمتلكه
        الإنسان...
        وفكرة تبدو
        أنها ثانوية
        وطفيفة
        كضرورة
        الحياة
        الجماعية,
        تأخذ مكانها
        في ذهن
        الإنسان
        لتسفر عن
        نظام موسع
        ومعقد من
        العلاقات
        والمبادلات
        الاجتماعية.
        
         
        لا
        يمكننا أن
        ننكر
        الأهمية
        الكبرى
        للحلول التي
        يقدمها مذهب
        صحيح ـ
        كالمذهب
        الإسلامي ـ
        لمتطلبات
        الحياة
        الإنسانية
        في كل عصر, إذ
        أنها معادلة
        لأهمية حياة
        النوع
        الإنساني,
        ولا متاع
        أغلى منه لدن
        أفراد البشر.
        
         
        أي
        فرد أوتي
        نصيباً من
        فهم الإسلام
        والولاء له
        بشكل عام
        يدرك في
        قرارة نفسه
        هذه المسألة,
        لكنها كسائر
        مسائل
        الإسلام
        الأخرى, عاشت
        قروناً
        متطاولة في
        حياة أفراد
        المسلمين
        ونفوسهم,
        فغدت ـ كسائر
        المقدسات
        الدينية ـ
        تعيش في
        ضمائر
        الأفراد
        وأعماقهم
        دون أن تمسها
        يد البحث
        والتطلع
        والمناقشة.
        
         
        * * * 
        
         
        إن
        حرية
        التفكير
        وخاصة في
        الأمور
        الاجتماعية,
        لا وجود لها
        في تاريخنا
        نحن ـ
        الشرقيين ـ,
        وإن إطلالة
        الفجر التي
        شهدتها
        الفترة
        القصيرة من
        صدر الإسلام,
        سرعان ما
        غطتها غيوم
        سوداء على
        أثر الحوادث
        الطبيعية
        والمفتعلة
        التي عصفت
        بخط الرسالة
        وعدنا بعدها
        إلى ظلمات
        العبودية
        والذل
        والخنوع,
        لنعيش على
        أنغام قرع
        السوط وضرب
        السيف
        والتهليل
        والتكبير
        باسم
        الجبابرة
        والطغاة.
        
         
        كان
        أكبر ما
        يستطيع أن
        يحققه الفرد,
        هو المحافظة
        على نصوص
        دينه دون أن
        تمسها يد
        العابثين,
        وكانت هذه
        إرادة
        الطغاة
        المتحكمين.
        إنهم أرادوا
        أن يعيش
        الأفراد
        همومهم
        الخاصة دون
        أن يتعدوها
        إلى القضايا
        العامة
        والمسائل
        الاجتماعية
        التي أضحت
        حقاً خاصاً
        للسلطان.
        
         
        لم
        ير
        المتحكمون
        ضرراً في
        التزام
        الناس
        بالطقوس
        الدينية
        الفردية, لكن
        الذي أصروا
        عليه هو شل
        الفكر
        واخصاء
        المفكرين
        والمنتقدين
        كي يكونوا هم
        وحدهم
        الدماغ
        المفكر لا
        يشاركهم في
        ذلك أحد.
        
         
        إنهم
        أدركوا أن
        حرية
        التفكير,
        تطلق
        الإرادات
        لتتحد
        وتجتمع. فما
        كان منهم إلا
        أن يتحكموا
        بالأفكار كي
        يتسنى لهم
        اللعب
        بالمقدرات
        بأية صورة
        شاءوا.
        
         
        هذه
        حقائق
        تاريخية,
        تتضح لكل
        متطلع دونما
        شك أو ترديد.
        ولقد أتانا
        رسول الغرب
        يبشرنا
        بحرية ذات
        وهج وبريق,
        أتانا أولاً
        ضيفاً, ثم
        أضحى بعدها
        مالكاً
        مقتدراً.
        
         
        إن
        الأطروحة
        التي جاءنا
        بها الغرب,
        هيأت لنا
        فرصة ذهبية
        لنستعيد ما
        سُلب منا
        خلال القرون
        المتطاولة,
        ولأن نفكر
        بوجودنا
        وكياننا
        وتراثنا من
        جديد.
        
         
        لكننا
        مع الأسف,
        صحونا صحوة
        إنسان لا زال
        يثُقل جفونه
        النوم
        العميق. ولم
        نشأ أن
        نستفيد من
        هذه الفرصة,
        فاستغل
        البشير
        الغربي هذه
        الغفلة
        ليجلس مكان
        ذاك السلطان
        المتحكم في
        الأفكار
        والعقول.
        وأضحى هو
        العقل
        المفكر
        المدبر.
        
         
        وفجأة
        صحونا لنرى "الإرادات
        السامية"
        للسلاطين قد
        تبدلت
        بإرادة
        القدرات
        الأوربية..
        لنرى أنفسنا
        قد انسقنا
        إلى الطريق
        الذي رسمه
        لنا الغرب
        وأرادته لنا
        أوربا. 
        
         
        ألف
        من السنين
        تصرمت وارض
        إيران تحتضن
        جسد ابن سينا
        ومؤلفاته
        الفلسفية
        والطبية,
        لكننا لم
        نحرك ساكناً.
        
         
        وسبعمائة
        سنة خلت كانت
        كتب نصير
        الدين
        الطوسي
        ومؤلفاته
        العلمية
        خلالها نصب
        أعيننا, لكنه
        لم يحدث شيء.
        إلا أنه
        حينما نهض
        الأوربيون
        ليحيوا
        ذكريات
        علمائهم.. "نهضنا!"
        أيضاً لنحيي
        الذكريات
        المئوية
        والألفية
        لعلمائنا.
        
         
        أكثر
        من ثلاثمائة
        سنة مضت,
        وفلسفة صدر
        المتألهين
        الشيرازي
        مدار بحث
        ونقاش وشرح..
        إلا أنه
        حينما تحدث
        أحد
        المستشرقين
        ـ قبل أعوام
        ـ عن فلسفة
        صدر
        المتألهين
        في إحدى
        مؤتمرات
        الجامعة
        أحدث ضجة في
        الأوساط
        الجامعية
        ليس لها نظير,
        علماً بأن
        الجامعة
        كانت لسنوات
        متطاولة
        تدرس
        الفلسفة في
        أروقتها
        المرمرية
        الجذابة! هذه
        نماذج
        واقعية تلقي
        الضوء على
        شخصيتنا
        الفكرية..
        إنها تدل على
        تطفلنا
        الفكري..
        وعلى ضياع
        تراثنا
        العلمي.
        
         
        ونفر
        آخر حاول
        المحافظة
        على
        استقلاله
        الفكري وعلى
        عدم انسلاخه
        عن شخصيته
        العقائدية
        بالمرة, وقع
        في ازدواج
        بشخصيته. فهو
        من جهة قد
        انبهر
        بفُتات
        الأفكار
        الغربية, ومن
        جهة أخرى لا
        يزال يرى
        نفسه
        مرتبطاً
        بالفكر
        الشرقي
        الموروث..
        فعاشت
        شخصيتان
        متناقضتان
        في نفس شخص
        واحد لتُسفر
        عن "الازدواج".
        
         
        يتحدث
        أحد الكتاب
        المسلمين عن
        "الديمقراطية
        الإسلامية"
        محاولاً
        التوفيق بين
        النهج
        الديمقراطي
        والطريق
        الإسلامي,
        وآخر يتحدث
        عن "الشيوعية
        الإسلامية"
        محاولاً
        استخراج
        نصوص
        إسلامية
        تدعو إلى
        إزالة
        الطبقات!
        
         
        عجيب
        حقاً! إذا
        كانت عظمة
        الإسلام
        تظهر في هضمه
        وتقبله
        للديمقراطية
        والشيوعية
        فما لنا
        والإسلام!
        
         
        لنتمسك
        بهذه
        المبادئ
        الوافدة حسب
        ونترك هذا
        التراث
        القديم الذي
        أتانا من
        وراء القرون
        المتطاولة!!
        
         
        وإذا
        كان الإسلام
        كياناً
        مستقلاً
        وحقيقة حية
        فذة وله
        وجوده الخاص
        فلم هذا
        الإصرار على
        الترقيع
        والتمييع
        والتصنع في
        عرض الإسلام
        وتقديمه؟!
        
         
        * * * 
        
         
        في
        السنوات
        الأخيرة ـ أي
        بعد الحرب
        العالمية
        الثانية ـ
        سعى علماء
        الغرب بشكل
        جاد إلى
        دراسة
        الأديان
        والمذاهب
        والتحقيق
        فيها ونشر
        هذه
        التحقيقات
        والبحوث, وما
        كان منا ـ
        نحن
        التابعون
        المقلدون ـ
        إلا أن حذونا
        حذوهم في طرح
        الأسئلة عن
        إسلامنا
        العظيم
        ورحنا نردد:
        
         
        هل
        أن جميع
        المذاهب
        والأديان
        صحيحة حقة؟
        
         
        أو
        ليست
        الأديان
        السماوية
        سلسلة حركات
        اجتماعية
        إصلاحية؟
        
         
        أو
        ليس هدف
        الدين ينحصر
        في إصلاح
        الأخلاق؟
        
         
        هل
        ينبغي
        المحافظة
        على
        التقاليد
        الدينية في
        مختلف
        العصور؟
        
         
        هل
        للدين هدف
        آخر غير
        التقاليد
        والمراسيم
        العملية؟
        
         
        هل
        الإسلام
        يلبي
        احتياجات
        البشر في كل
        العصور؟
        
         
        هل...
        وهل...
        
         
        إن
        من المهم أن
        نؤكد أولاً أن
        أن أي عالم
        يتناول
        مسألة معينة,
        فهو إنما
        يبحث فيها
        طبقاً
        للمقاييس
        العلمية
        التي يؤمن
        بها, ويصدر
        أحكامه
        وفقاً لها.
        
         
        إن
        علماء الغرب
        ينظرون إلى
        الدين
        كظاهرة
        اجتماعية
        ويعتبرونه
        نتيجة
        لسلسلة من
        العوامل
        الطبيعية.
        
         
        إن
        جميع
        الأديان ـ في
        نظر علماء
        الغرب الذين
        يحسنون الظن
        بالدين ـ
        عبارة عن
        نتاج عقلي
        لمجموعة من
        النابغين
        الذين
        امتازوا
        بقابليات
        نفسية
        وعقلية خاصة,
        فهبوا
        لإصلاح
        مجتمعاتهم
        وهدوا الناس
        إلى طريق
        السعادة عن
        طريق وضع
        قواعد معينة,
        ثم نضجت هذه
        القواعد على
        مرور الزمن
        واتخذت
        لنفسها
        شكلاً
        متكاملاً. إن
        المشاهدة
        والتجربة
        والتاريخ
        كلها تدل على
        أن المجتمع
        الإنساني في
        حالة رقي
        وتكامل
        تدريجي,
        البشرية
        تتقدم في
        مضمار
        المدنية
        باستمرار. 
        
         
        وتذهب
        البحوث
        النفسية
        والقانونية
        والاجتماعية
        وحتى
        الفلسفية
        التي تنطلق
        من إطار مادي
        عامة, وأبحاث
        الفلسفة
        المادية
        الديالكتيكية
        خاصة, إلى أن
        القواعد
        والقوانين,
        هي الأخرى
        ينبغي أن لا
        تبقى ثابتة
        بل تتغير
        بتغير
        المسيرة
        البشرية.
        وتقول أيضاً:
        
         
        إن
        القواعد
        التي كانت
        توفر
        السعادة
        للإنسان
        البدائي وهو
        يعيش في كهفه
        ويصطاد في
        غابته, لم
        تعد اليوم
        تصلح لعصرنا
        الحاضر.
        
         
        والقوانين
        التي كانت
        تتحكم في عصر
        السيف
        والرمح, لم
        تعد تصلح
        لعصر
        القنابل
        الذرية
        والهيدروجينية.
        
         
        والأعراف
        التي كانت
        تسود عصر
        امتطاء ظهور
        الخيل
        والحمير لا
        يمكن لها أن
        تعيش في عالم
        النفاثات
        والغواصات.
        
         
        ونتيجة
        لهذا كله,
        فإن
        القوانين
        والقواعد
        والأعراف,
        ينبغي أن
        تتغير بتغير
        المجتمع
        الإنساني..
        ويتبع هذا
        ضرورة تغيير
        المقاييس
        الأخلاقية,
        إذ أن
        الأخلاق
        إنما تستمد
        ثباتها من
        استمرار
        الالتزام
        بها فقط.
        
         
        فلا
        سياسة
        القرون
        الخوالي
        بصالحة لأن
        تدير دفة
        الأمور
        المعقدة
        المتشعبة
        اليوم, ولا
        العفة التي
        كانت تفتخر
        بها المرأة
        سابقاً بذات
        معنى في
        عصرنا
        الراهن.
        
         
        لم
        يعد العمال
        والفلاحون
        يطيقون الذل
        والهوان
        الذي كانوا
        يقاسونه في
        العصور
        الماضية, ولم
        تعد أساطير
        الخسوف
        والكسوف
        والخوف من
        الريح
        والتوكل
        والتسليم
        والرضا
        بالقضاء
        والقدر بذات
        معنى في عصر
        غزو الفضاء.
        
         
        وخلاصة
        ما تذهب إليه
        هذه
        الدراسات
        المادية هي:
        أن المجتمع
        الإنساني
        يحتاج إلى
        القواعد
        والأخلاق
        التي تناسب
        طبيعة ذلك
        العصر.
        
         
        * * *
        
         
        الدعوة
        الإسلامية ـ
        في نظر هذه
        الدراسات ـ
        تهدف إذن إلى
        سيادة
        القوانين
        والأحكام
        التي تضمن
        سعادة
        المجتمع
        الإنساني
        على أفضل وجه.
        
         
        وهذه
        النظم تتخذ
        لنفسها ـ كما
        يزعم هذا
        النوع من
        الأبحاث ـ
        مظهراً
        خاصاً في كل
        عصر, وطريقة
        الرسول (ص) في
        تطبيق هذه
        النظم, واحدة
        من هذه
        المظاهر.
        
         
        والآن
        ينبغي أن
        نتطلع إلى
        القرآن
        الكريم,
        باعتباره
        أحسن معبر عن
        أهداف
        الإسلام
        ومراميه,
        لنرى مفهومه
        عن النبوة
        وعن الدين
        ومدى انطباق
        هذا المفهوم
        على التفسير
        الاجتماعي
        والنفسي
        والفلسفي
        المادي ـ
        المذكور
        آنفاً ـ لهذه
        المسألة.
        
         
        هل
        أن الإسلام
        يعتمد على
        مجموعة من
        نظم تختص
        بفترة معينة
        من حياة
        الإنسانية..
        أم أنه
        مجموعة من
        العقائد
        والنظم
        الأخلاقية
        والقوانين
        الثابتة
        التي لا تقبل
        التغيير..
        ولو كان هذه
        الأخير
        صحيحاً, فكيف
        يستطيع
        الإسلام أن
        يلبي
        الاحتياجات
        الإنسانية
        في مختلف
        العصور؟.
        
         
        هل
        يطمع
        الإسلام إلى
        إيقاف عجلة
        التاريخ ـ
        كما يقال ـ
        لسد الطريق
        أمام التطور
        المدني
        والمادي؟..
        هل يبغي شل
        النشاط
        الإنساني
        والحيلولة
        دون التغيير
        الاجتماعي؟.
        
         
        إن
        الذي لا مناص
        من التسليم
        به: هو أن
        القرآن حين
        يتحدث عن
        الدين
        السماوي
        وغيبياته
        وارتباطه
        بنظام الكون
        وعن العالم
        المتغير
        وثبات الأسس
        الدينية,
        والأخلاق
        الفاضلة,
        وسعادة
        الفرد
        والمجتمع
        وشقائهما..
        يتحدث عن كل
        هذا بشكل
        يختلف عن
        الطريقة
        التي يتحدث
        بها أولئك
        العلماء
        الغربيون
        المذكورون. 
        
         
        القرآن
        الكريم, يبحث
        في هذه
        المسائل, ضمن
        إطار يختلف
        عن الأطر
        التي تحددها
        البحوث
        المادية.
        
         
        والنظام
        الإسلامي في
        الفهم
        القرآني,
        عبارة عن
        مجموعة من
        القوانين
        والنظم التي
        تطابق نظام
        الخلقة
        والتكوين..
        وهي ثابتة لا
        تمسها يد
        الأهواء
        والرغبات,
        تجسد الحق
        ولا تتبع
        الأهواء
        الديكتاتورية
        الفردية, ولا
        إرادة
        الأكثرية..
        بل إنها تسلب
        حق التبديل
        والتغيير من
        أية سلطة
        وتسلم
        مقاليد
        الأمور إلى
        النظام
        الكوني.. إلى
        إرادة الله.
        
         
        سنوضح
        هذه المسألة
        في البحوث
        المقبلة
        بإذن الله
        تعالى.
        
         
         
        
         
       |