ولئن حرم السجاد (ع) من حنان الأم ورأفتها ، فانه لم يحرم من برها بالدعاء لها ولوالده (ع) . والدعاء للوالدين يعكس :1 ـ أدباً قرآنياً رفيعاً والتزاماً بأحكام الإسلام . وقد قال تعالى : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُل رّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيراً ) (1) .
أخلاق وأدب الإمام السجاد (ع) مع أبويه
ولئن حرم السجاد (ع) من حنان الأم ورأفتها ، فانه لم يحرم من برها بالدعاء لها ولوالده (ع) . والدعاء للوالدين يعكس :
1 ـ أدباً قرآنياً رفيعاً والتزاماً بأحكام الإسلام . وقد قال تعالى : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُل رّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيراً ) (1) .
2 ـ قلباً مرهفاً وضميراً حياً وعقلاً متوقداً .
3 ـ وفاءً بالجميل الذي أسداه الوالدان لوليدهما .
فيقول (ع) في دعائه لهما :
أ ـ ( ... واخصص اللهمّ والديّ بالكرامة لديك والصلاة منك يا أرحم الراحمين . اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف (2) ، وأبرهما برّ الأم الرؤوف ، واجعل طاعتي لوالدي ، وبري بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان (3) ، وأثلج لصدري من شربة الضمآن حتى أوثر على هواي هواهما ، وأقدّم على رضاي رضاهما ، وأستكثر برهما بي وإن قلّ ، وأستقلّ بري بهما وإن كثر ) .
ــــــــــــــ
(1) سورة الاسراء : الآية 24 .
(2) العسوف : الظلوم .
(3) الوسنان : النعسان .
ب ـ ( اللهم خفّض لهما صوتي ، وأطب لهما كلامي ، وألن لهما عريكتي (1) ، وأعطف عليهما قلبي ، وصيرني بهما رفيقاً ، وعليهما شفيقاً ) .
ج ـ ( اللهم اشكر لهما تربيتي ، وأثبهما على تكرمتي ، واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري ) .
د ـ ( اللهم لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي ، وفي إنى من آناء ليلي ، وفي كل ساعةٍ من ساعات نهاري ) .
شب الإمام السجاد (ع) في مدينة جده رسول الله (ص) ، كما ذكرنا آنفاً ، على الصفات الحميدة للإسلام . وكان الى جانب أبيه الحسين (ع) في المهمات ، وعلى الأغلب لقاء الإمام الحسين (ع) المشهود مع الوليد بن عتبة ( والي المدينة من قبل يزيد ) ومروان بن الحكم ، عندما أراد بنو أمية البيعة ليزيد بالخلافة . وكان (ع) آنذاك شاباً في الثانية والعشرين من عمره .
فعندما مات معاوية بن ابي سفيان في رجب سنة 60 هـ ، كتب يزيد الى الوليد بن عتبة أمير المدينة يأمره بأخذ البيعة على أهلها عامة وعلى الإمام الحسين (ع) خاصة . فقال له : إن أبى عليك فاضرب عنقه وأبعث غلي برأسه .
ــــــــــــــ
(1) العريكة : الطبع .
فبعث الوليد الى الحسين (ع) فجاءه في ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه . ومن الراجح تاريخياً ان زين العابدين (ع) كان بينهم ، فقد كان شاباً بليغاً راشداً يعضد أمر أبيه (ع) في القضايا الاسلامية الكبرى .
فنعى الوليد إلى الحسين (ع) موت معاوية ، وعرض عليه البيعة ليزيد . فلم يجبه الإمام الحسين (ع) إلى شيء محدد ، بل أجلّه إلى الغد . وقال (ع) للوليد : ( ان البيعة لا تكون سراً ولكن اذا دعوت الناس غداً فادعنا معهم ) . فانبرى مروان مخاطباً الوليد : لا تقبل أيها الأمير عذره ، متى لم يبايع فاضرب عنقه . كذبت والله ولؤمت ) . ثم أقبل على الوليد وقال (ع) : (إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة . بنا فتح الله وبنا ختم الله ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحرمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ) (1) .
وأنتهت المقابلة بخروج الإمام الحسين (ع) ومن معه من أهل بيته (ع) من مقر الوليد بن عتبة . ثم إتخاذ الإمام الحسين (ع) قراره بالخروج من المدينة إلى مكة ثم إلى كربلاء .
ـــــــــــــ
(1) اللهوف ص 17 .
المصدر
http://www.alhassanain.com